إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



في الذكرى الاربعين لرحيل القائد حجيد عبد الشافي

في الذكرى الاربعين لرحيل القائد حيدر عبد الشافي


الخميس 8/11/2007
رامز جرايسي

إحياءُ ذكرى إنسان ٍ مميز، غاب عنّـا جسداً، تشكل تقديراً وعرفاناً لعطائه وميراثه القيمي من ناحية، ورسالة اجتماعية حضارية من ناحية أخرى، وتشكل لقاءِ والتزاماً من ناحية ثالثة. لقاءٌ مع سيرةٍ ومسيرة نستذكر خلاله محطاتٍ راسخةَ الأثرِ عميقة التأثير، ومواقف مشهودة نستقريء مراميها ونسبُرُ غَورها.
ولقاؤنا مع ذكرى الدكتور حيدر عبد الشافي، لقاءٌ مع نموذج للقائد الإنسان، القائد السياسي والاجتماعي. المثقّف والمثَـقِّـِفْ والمعلّم، الذي تطابق فعله مع قوله، صدقاً واستقامةً وممارسةً نضالية تستند الى الموقف الواضح، عمق التحليل والتقييم وبُعدِ الرؤية، المعتمدة على التمسك بالحق، وقيم العدالة والإنسانية، والتواصل والالتحام مع الناس وهمومهم وأحلامهم وتطلعاتهم الجماعية، دون تجاهل احتياجاتهم الفردية واليومية، مؤمناً بقدرتهم على إحداث التغيير في نهاية الأمر، رغم كل أسباب الإحباط.

لم يثنهِ السجنُ أو النفي عن التمسك بالثوابت الفلسطينية، ولم يَدْفَعْهُ الإحباط نحو اليأس، إنما الى نهج سياسي شكل عنواناً للوحدة، وبوصلة للنضال وصمّام أمانٍ للأهداف الوطنية الكبرى لشعبنا الفلسطيني، الأمر الذي أكسبه ثقة واحترام الشعب الفلسطيني عموماً، بجميع فئاته ومشاربه السياسية والفكرية، وفي مختلف مواقعه، وبضمنها بين أبناء شعبنا الفلسطيني داخل اسرائيل.
لقد حفظ أبو خالد مكانة خاصة ضمنَ قراءتِهِ السياسية لواقع الشعب الفلسطيني، لهذا الجزء الحي من الشعب الفلسطيني ومسيرته النضالية حفاظاً على بقائه وتطوره فوق تراب وطنه، وطن الآباء والأجداد، وخصوصية دوره على خلفية واقعه وموقعه في دعم الحق الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وآثارة، وإقامة دولته المستقلة. وحافظ بالتالي على علاقة حميمة معه وعلى مشاركته في العديد من المناسبات الوطنية واللقاءات والحوارات السياسية. كان دائما يلبي النداء ويفرح للقاء، وكنا نسعدُ به، وننصت بشغف الى ما يقولُ دائماً. كان ذلك
قبل أن يكلف بقيادة الوفد الفلسطيني المفاوض عام 1991 في مدريد، وبعد تنحّيه عن رئاسة الوفد بعد أن علم بوجود مسار تفاوض سري آخر. وكان ذلك أيضاً قبل ان ينتخب عضوا مستقلاً في المجلس التشريعي الفلسطيني، وبعد ان استقال منه عندما وصل الى الاستنتاج بأنه لم يُحْدِثْ تحولاً ديمقراطياً حقيقياً، ولم ينجح بتأمين الشفافية في ممارسة الحياة المدنية والسلطة، ولعدم إسهامه بشكل ملموس في التأثير السياسي لانجاز تقدم نحو تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وذلك لمحدودية صلاحياته، الأمر الذي وضعه في حالة تناقض مع قناعاته، فدفعته استقامته الشخصية والسياسية الى الاستقالة.

كان عنواناً لنا أيضاً لإيصال حملات الإغاثة التي قمنا بها الى الأهل في غزة من خلال جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي أسسها ورئسها.

الهمّ ُ الرئيسُ لأبي خالد تمثل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، غير أن ما ميز نهجه السياسي هو الربط الواعي بين قضية التحرر الوطني، والتحرر الاجتماعي نحو الديمقراطية، نحو إقامة دولة المؤسسات ضمن نظام سياسي يعتمد سيادة القانون. دولةٌ ونظامٌ مبنيٌ على التعددية السياسية الخاضعة للحسم الديمقراطي لأي خلاف أو اختلاف. لا تعددية السلاح واستعماله لفرض السيطرة أو الموقف، أو لإملاء القرار السياسي، بدل أن يكون خاضعاً له،
ودون التفات الى ما يسببه ذلك من معاناة وألم للشعب الفلسطيني. ونحو بناء مجتمع حضاري متنور ومتطور، وبناء اقتصاد يملك قدرا عالياً من الاستقلالية والاكتفاء. مجتمع يؤمّن احتياجات أفراده عموماً، يرعى ويدعم فئاتِهِ الضعيفة، يؤمنُ بالعدالة ويوفر تكافؤ الفرص.

سنذكرك يا أبا خالد دائماً، فلسطينياً شامخاً، متحدياً، جريئاً في مواقفه وطريقه.
لقاؤنا سيبقى التزاماً بالحفاظ عن تراثك الوطني والإنساني النيّر! نحفظ الجمرة حتى يعود اللهيب ساطعاً يضيء الطريق!
لتبقى ذكراك يا أبا خالد خالدة في ضمير ووجدان شعبنا أبداً!.
*الكاتب: رئيس بلدية الناصرة

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر