إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



شخصيات في "العمل" تتلمس طريق الهرب تحسبا لتهاوي الحزب

الثلاثاء 27/5/2008
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*أفرايم سنية يعلن انسحابه من الحزب ويستقيل من الكنيست ليشكل حزبا جديدا *أنباء عن أن أوفير بينيس والراب ملكيئور من حزب ميماد المتحالف مع "العمل" يتفاوضان مع حزب "الخضر" للانضمام إليه *شخصيات تاريخية في الحزب تحذر من نهج باراك ومن بداية نزوح شخصيات أخرى نحو أحزاب سياسية بديلة*


كشفت استقالة عضو الكنيست، أفرايم سنيه، من حزب "العمل"، ومن عضوية الكنيست، وإعلانه تشكيل حزب جديد، عن الأزمة الداخلية العميقة التي يعيشها حزب "العمل"، إذ أن شخصيات أخرى بدأت تبحث عن طريق "الخلاص السياسي" لها، تحسبا لانهيار الحزب في أي انتخابات برلمانية قادمة.
فأفرايم سنيه ليس من فئة الشخصيات السياسية ذات الوزن الجماهيري، أو حتى من أصحاب مراكز القوى في داخل الحزب، ولكنه من الشخصيات النوعية، التي تآلفها يرسم صورة معينة أمام الشارع الإسرائيلي، ولذلك فإن خطوته ما كان سيكون لها أي أثر على قوة الحزب، لولا أنها كشفت عن شخصيات أخرى تنوي اتخاذ خطوات مشابهة.
وكان سنيه قد عقد يوم الأحد الماضي مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عن استقالته من حزب "العمل"، وإقامة حزب جديد، تحت اسم "يسرائيل حزكا"، (إسرائيل قوية) دون أن يعلن من يقف إلى جانبه، أو من يدعمه، وكيف سيكون بإمكانه أن يضمن اندماجه في الحلبة السياسية، خاصة في ظل رفع نسبة الحسم للكنيست إلى 2,5%.
ولكن سنيه، حاول الظهور بمظهر "النزاهة السياسية" بإعلانه الاستقالة من عضويته في الكنيست، كون أن هذا المقعد يخص حزب "العمل" الذي أوصله إلى الكنيست، وليس مقعده الشخصي.
وأفرايم سنيه ليس شخصية سياسية عسكرية ساذجة، فهو طبيب عسكري لسنوات طويلة، وكان قائد "الإدارة المدنية" في سلطة الاحتلال في الضفة الغربية في سنوات الثمانين، وما أن خلع البزة العسكرية حتى انتسب إلى حزب "العمل" الذي أوصله إلى الكنيست لأول مرة في العام 1992 وما يزال فيه.
وتولى سنيه في ولاية حكومة رابين منصب وزير للصحة لفترة ما، ثم تولى منصب نائب وزير الأمن، في حكومة إيهود باراك في العام 1999، إذ تولى باراك نفسه منصب وزير الأمن، وعاد سنيه إلى المنصب ذاته في ربيع العام 2006، حين كان رئيس حزب "العمل" في حينه، عمير بيرتس، وزيرا للأمن، واستقال من منصبه سوية مع استقالة بيرتس.
ولهذا فإن سنيه ما كان سيقفز إلى مغامرة، أو إلى خطوة غير محسوبة، ولهذا فهناك عدة سيناريوهات لمستقبل خطوته، ومن بينها، أنه كان الأول الذي قرر الخروج بهدف إقامة الحزب وتنظيمه، تهميدا لانضمام شخصيات أخرى من الحزب إليه، وهذا ما سيتم احتسابه خطوة انشقاقية، أو أنه قرر بلورة إطار سياسي، يعطيه لونا وبرنامجا، ليكون بإمكانه مفاوضة أطر سياسية قائمة يندمج فيها قبل الانتخابات البرلمانية القادمة، ولكن في كلتا الحالتين هو بحاجة إلى دعم مالي من أثرياء، بموجب النهج القائم في الحلبة السياسية في إسرائيل.

بينيس وملكيئور

وبموازاة إعلان سنيه، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الشخصية البارزة في حزب "العمل"، أوفير بينيس يعتزم إجراء مفاوضات مع حزب "الخضر"، لفحص إمكانية الانضمام للحزب الذي ترجح استطلاعات الرأي أنه سيدخل إلى الكنيست لأول مرّة في الانتخابات القادمة.
ويشغل بينيس حاليا رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الداخلية والبيئة، مما جعله يتقرب أكثر إلى أوساط البيئة بما فيها الأحزاب المدافعة عن البيئة، كذلك فهو من الداعين منذ أكثر من عام إلى الانسحاب من حكومة إيهود أولمرت، التي كان وزير فيها لستة اشهر (حتى أكتوبر 2006)، واستقال منها بعد انضمام حزب يسرائيل بيتينو، اليميني العنصري المتطرف بزعامة العنصري أفيغدور ليبرمان، وذلك احتجاجا على مواقف هذا الحزب وزعيمه.
ولا يوفر بينيس مناسبة إلا وجدد فيها دعوته، وآخرها على خلفية ملفات الفساد التي يواجهها أولمرت في الآونة الأخيرة.
كذلك وحسب تلك الأنباء، فإن عضو الكنيست الراب ميخائيل ملكيئور، عن حزب "ميماد" الديني السلامي، والمتحالف منذ عشر سنوات مع حزب "العمل"، بدأ هو أيضا مفاوضات مع حزب "الخضر".
ويرأس ملكيئور سوية مع عضو الكنيست دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، اللوبي الاجتماعي البيئي البرلماني، ونشاطه هذا قرّبه أكثر إلى أوساط الخضر، علما انه يرأس أيضا لجنة التعليم البرلمانية.
ومن شأن خروج ملكيئور من قائمة حزب "العمل" التسبب بخسارته مقعدا كاملا، كونه يمثل جمهورا متدينا ليبراليا، مؤيدا للتوجهات السلمية، ويقدر حجمه بما يعادل مقعدا برلمانيا، وهو جمهور يتحرك مع ممثليه.
وعلى ضوء هذه الأنباء بدأت شخصيات تاريخية في حزب "العمل"، من بينها الوزير السابق موشيه شاحل، المكلف بشؤون الدستور في الحزب، وشخصيات بارزة سابقا، مثل عوزي بارعام ورعنان كوهين، ولوبا الياب، تحذر بوضوح من توجه متنامي في حزب "العمل"، موجهين انتقادات واضحة ومباشرة لزعيم الحزب إيهود باراك، الذي لا يعمل على رص صفوف الحزب، كما ان سياسته المعلنة لا تعبر عن المواقف التقليدية للحزب.
وفي هذه النقطة بالذات، هاجم سنيه في المؤتمر الصحفي إيهود باراك، بقوله إن نهجه السياسي لا يعبر عن المواقف التقليدية للحزب، فمثلا هو يصمت أمام المشاريع الاستيطانية التي تقرها الحكومة بفعل ضغوط حركة "شاس" في حين أن باراك لا يعترض.
ويذكر هنا أن باراك لم يخف تحفظاته مرارا وتكرارا، من العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، ووجهت له اتهامات بأنه يعيق عمدا إجراءات لتخفيف القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في المجمل، فإن أزمة القيادة التي يعاني منها حزب "العمل" منذ سنوات، وتمت معالجتها هنا مرارا، بدأت الآن تأخذ طابعا جديدا، إذ أن باراك عمّق هذه الأزمة، ولم يستغل عودته إلى رئاسة الحزب لإظهار تميز الحزب على الحلبة السياسية، وإخراجه من خانة "حزب ظل"، التي وقع فيها منذ انهيار حكومة باراك في مطلع العام 2001.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب "العمل" قد يحافظ على قوته الهزيلة نسبيا في الكنيست (19 مقعدا من اصل 120 مقعدا)، ولكن غالبية استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال فقدانه من مقعد إلى ثلاثة مقاعد.
وفي حال ثبت نهج خروج شخصيات معروفة من الحزب، وإن لم يكن لكل واحدة منها وزنا انفراديا، إلا أن خروجها كمجموعة ستؤثر سلبا على قوة الحزب المتبقية، وفي هذه الحالة لن تكون مفاجئة في حال احتل حزب "العمل" مكانة حزب "الليكود" الحالية في الكنيست، كحزب من المرتبة الرابعة أو حتى الخامسة، بعد أن حكم إسرائيل بشكل منفرد تقريبا في السنوات التسع والعشرين الأولى، ثم تناوب على رئاسة الحكومة عدة مرات في السنوات اللاحقة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر