إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



إيهود أولمرت من شاب يميني متطرف إلى قائد يبحث عن حل للصراع

الثلاثاء 5/8/2008
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، في الاسبوع الماضي استقالته المستقبلية من رئاسة الحكومة، وفي ما يلي نستعرض محطات مركزية في حياة أولمرت السياسية، بالإشارة إلى أن تواريخ البدايات السياسية ارتكزت على جدول نشرته صحيفة "هآرتس" قبل أيام.
ولد إيهود أولمرت في القدس في 30 أيلول (سبتمبر) من العام 1945 في مستوطنة صهيونية في فلسطين.
ومنذ سنوات شبابه الأولى انخرط في صفوف حركة "حيروت" اليمينية المتشددة بزعامة مناحيم بيغن، وفي العام 1966، وحين كان ابن 21 عاما، شارك في مؤتمر لحزب "حيروت" ودعا إلى إقالة بيغن من منصبه كرئيس للحركة، بعد خسارتها في الانتخابات البرلمانية قبل عام، حينها هاجمه الأعضاء الحاضرون، إلا أن بيغن دافع عنه وطلب مواصلة كلمته.
وخلال دراسته الحقوق في الجامعة العبرية في القدس المحتلة في العام 1968، أصبح مساعدا برلمانيا لواحد من أكثر أعضاء الكنيست تطرفا، اليميني شموئيل تمير.
وفي مطلع العام 1974 أصبح أولمرت لأول مرّة عضو كنيست، عن حزب الليكود، المتبلور حديثا في ذلك العام بمبادرة الجنرال احتياط في حينه، أريئيل شارون، وواصل عضويته البرلمانية حتى يومنا هذا، باستثناء دورة واحدة، حين كان فيها رئيسا لبلدية الاحتلال.
وفي العام 1976 خاض معركة إعلامية ضد الجريمة المنظمة، إلى جانب يوسي سريد، (النائب والوزير لاحقا) من خلال سلسلة مقالات نشراها الاثنان في صحيفة "هآرتس"، وكان من خلال هذه المقالات يكشف عن أسماء رجال أعمال، وحتى أنه المح إلى أن الجنرال احتياط (الوزير العنصري المتطرف لاحقا) رحبعام زئيفي على علاقة بقادة الإجرام المنظم.
وفي العام 1981 أيد خطة وزير الأمن في حينه، موشيه ديان، لإقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية، في إطار اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وهذا على الرغم من معارضة حزب "الليكود" الحاكم في حينه.
وعلى المستوى البرلماني بقي أولمرت عضو كنيست في الظل، وفقط بعد 16 عاما من عضويته البرلمانية أصبح وزيرا من دون حقيبة في حكومة يتسحاق شمير، ثم أصبح وزيرا للصحة في نفس الحكومة بعد انسحاب حزب "العمل" من تلك الحكومة.
ونشير هنا، إلى انه على الرغم من التقدم السياسي لأولمرت، إلا أنه كان وحيدا سياسيا في بيته، فهون متزوج لـ عليزا، ذات التوجهات اليسارية، الأقرب إلى حركة ميرتس، وتؤيد حل دائم قائم على انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967، وحسب تقارير صحفية، فإنها المرّة الأولى التي حظي فيها أولمرت بتأييد زوجته في الانتخابات كانت في الانتخابات الأخيرة، كما أن الأبناء الأربعة لهما كانوا في صف الأم سياسيا.
وكان أولمرت من المعارضين لاتفاقيات أوسلو وهو في صفوف المعارضة لحكومة يتسحاق رابين التي تولت مهامها في العام 1992.
إلا أن أولمرت نجح في العام 1993 في كسر احتكار حزب "العمل" لرئاسة بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، حين أقصى عن رئاسة البلدية تيدي كوليك الذي تولى رئاسة البلدية منذ قبل العام 1967.
ومن خلال رئاسته لرئاسة البلدية نشط بشكل مكثف لمضاعفة الاستيطان بإضعاف حجمه الذي كان حتى توليه لرئاسة البلدية، وكان من الضاغطين على رئيس الحكومة في العام 1997 من أجل استيطان جبل أبو غنيم، حيث تجثم مستوطنة "هار حوما"، التي فيها حاليا أكثر من خمسة آلاف بيت استيطاني.
كذلك فإنه كان من الضاغطين من أجل افتتاح النفق المؤدي إلى حائط البراق والذي افتتاحه أدى إلى أول مواجهة مسلحة بين جيش الاحتلال وقوات الأمن الفلسطينية، واستمرت لعدة أيام، وحصدت أرواح أكثر من 80 فلسطينيا، كما قتل حوالي 15 من جنود الاحتلال، وقاد الأمر حملة استنكار واحتجاج في العالم.
واستمر أولمرت في نهجه هذا في بلدية القدس المحتلة، إلى درجة أن قسما من المشاريع الاستيطانية التي يتم إقرارها في هذه المرحلة في القدس المحتلة، وضع أولمرت التخطيط لها قبل العام 2003.
وفي العام 1998 فاز أولمرت لولاية ثانية برئاسة بلدية الاحتلال، واضطر للاستقالة من عضوية الكنيست بسبب القانون الجديد في حينه، الذي يمنع عضو الكنيست من تولي منصبين لمنتخبي جمهور، والعمل في عمل آخر عدا عضويته البرلمانية.
وفي العام 1999 خاض الانتخابات لرئاسة حزب الليكود بعد هزيمة الحزب برئاسة بنيامين نتنياهو، وحصل في تلك الانتخابات على 24% من الأصوات، مقابل فوز أريئيل شارون برئاسة الحزب لأول مرة.
وفي العام 2000 استثمر علاقاته الخاصة مع الزعيم الروحي لحركة "شاس" الحاخام عوفاديا يوسيف من أجل إقناعه بانسحاب كتلة حركته من حكومة إيهود باراك زعيم حزب "العمل" في أعقاب محادثات "كامب ديفيد" في ذلك العام بين باراك، والرئيس الراحل ياسر عرفات.
وفي العام 2003 قرر العودة إلى الكنيست، وحصل على المرتبة 33 في قائمة حزب الليكود الذي فاز في مطلع ذلك العام بزعامة شارون بثمانية وثلاثين مقعدا، وقرر التخلي عن منصبه كرئيس لبلدية الاحتلال، وانتقلت الرئاسة للقائم بأعماله، أوري لوبوليانسكي، وهو من المتدينين الحريديم، ليكون أول رئيس بلدية من الحريديم، ونجح هو أيضا بالفوز برئاسة البلدية في انتخابات نهاية العام ذاته.

قفزة في المكانة والعمل السياسي

بعد انتخابات العام 2003، ومع تشكيل حكومة أريئيل شارون الثانية، وجد أولمرت نفسه من أكثر المقربين لشارون، ورغم مكانته (33) في قائمة الليكود، إلا أن شارون أراده إلى جانبه، ولكن لم يكن بوسع شارون سوى إسناد وزارة الصناعة والتجارة والعمل له، رغم ان طموح أولمرت كانت باتجاه وزارة المالية التي حصل عليها بنيامين نتنياهو، ولهذا قرر شارون تعويضه بأن زاد من صلاحيات وزارته، وعينه قائما بأعمال رئيس الحكومة.
والتقارب بين شارون وأولمرت أصبح وثيقا أكثر بعد الشرخ الذي حصل في كتلة الحزب البرلمانية في أعقاب إعلان شارون عن خطة فك الارتباط عن قطاع غزة، التي تمثلت بإخلاء مستوطناته ومحاصرته من الخارج، مقابل تكثيف الاستيطان في الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة.
وكان أولمرت في تلك الأيام، والى جانبه الوزيرة (في حقائب متقلبة) في حينه، تسيبي ليفني رأس حربة في الدفاع عن شارون ومشروعه، لينضم إليهما وزراء وأعضاء كنيست بارزين من الليكود.
وبعد سقوط شارون لأول مرّة على فراش المرض في كانون الأول من العام 2005، بعد أيام من إعلانه عن إقامة حزب "كديما"، وعودة شارون لمزاولة عمله لبضعة أيام، بدأ الحديث عن وريث شارون في حال استفحلت أزمته الصحية، وتوجهت الأنظار إلى أولمرت وليفني، ولكن الحسم كان لصالح أولمرت على أن تكون لينفي النائبة الأولى له.
وبالفعل فقد تحققت التوقعات في منتصف ليلة الرابع/ الخامس من كانون الثاني من العام 2006، وسقط شارون على فراش المرض في غيبوبة ما تزال حتى يومنا هذا، واجتمع أقطاب حزب "كديما" الذي لم يمر على إنشائه 45 يوما، ليتفقوا أنهم يقفون جميعا على سجادة واحدة، ويواجهون نفس المصير السياسي، فاتفقوا على "تتويج" أولمرت خلفا لشارون، على أن تكون ليفني القائمة بأعماله، وهذا ما كان حتى الانتخابات البرلمانية التي جرت في الثامن والعشرين من آذار/ مارس نفس العام، وأيضا ما كان في حكومة أولمرت المنتخبة.
ولكن أولمرت الذي أصبح زعيما بظروف غير عادية، لم ينجح في كسب قناعة الجمهور، "وما الطين بلدة"، أنه لدى تشكيل حكومته وجد أمامه زعيم الحزب الثاني "العمل"، عمير بيرتس، الذي هو أيضا أصبح زعيما لحزبه في ظروف غريبة لم يكسب هو الآخر بقناعة الجمهور به.
من هنا بدأت عملية الغوص في الوحل، ولم يجد أولمرت سوى أن يعين النقابي عمير بيرتس وزيرا للأمن (الدفاع) وهو التعيين الذي واجه حملة رفض واسعة في وسائل الإعلام، لتبلور رأي عام رافض لهما، وليسقط الثنائي أولمرت وبيرتس "عديما الخبرة" بمنظور إسرائيلي، في أول محاولة إطلاق سراح جندي الاحتلال الأسير في قطاع غزة غلعاد شليط في عملية عسكرية واسعة انطلقت في الأيام الأخيرة من شهر حزيران/ يونيو في ذلك العام.
وبعد أقل من ثلاثة أسابيع على تلك العملية، وقع جنديا احتلال في أسر حزب الله، فقرر أولمرت وحكومته شن حرب واسعة النطاق على لبنان لم ينجح الجيش فيها في تحقيق الأهداف الأولى التي تم وضعها وهي إطلاق سراح الجنديين، لتكون حرب إخفاقات قادت إلى ضجة كبيرة في إسرائيل.
دون الخوض في التفاصيل وسرد التاريخ، فإن المطالبة باستقالة أولمرت بدأت بعد شهر من تلك الحرب، إلا أن أولمرت اجتاز أصعب الامتحانات، وكان آخرها تقرير فينوغراد النهائي في شهر آذار/ مارس الماضي.
وطوال عامين منذ توليه رئاسة الحكومة انهالت على أولمرت شبهات الفساد، بدءا من حصوله على أقلام حبر فاخرة وباهظة الثمن كهدايا غير معلنة، مرورا بشراء بيت بثمن يشتم منه رشوى، وتعيينات سياسية في وزارة الصناعة والتجارة سابقا، ومحاولة للتدخل في عطاء لخصخصة بنك ليئومي لصالح صديقه، حتى الوصول إلى أكبر شبهة وهي حصوله على أموال غير مشروعة من رجل الأعمال الأميركي اليهودي المختص بجمع تبرعات لسياسيين لتمويل حملاتهم الانتخابية، وهي الضربة القاضية التي قادت إلى إعلان استقالته المستقبلية.

العملية السياسية

منذ حوالي 16 شهرا، حاول أولمرت توجيه الأنظار عنه من خلال استئناف العملية السياسية مع الجانب الفلسطيني، ولكن المفاوضات لم تعلن حتى الآن عن تقدم ملموس، وفي المقابل فإنه واصل تطبيق مخططاته الاستيطانية الخطيرة في القدس المحتلة.
وفي الأشهر القليلة الماضية تم استئناف الاتصالات مع سورية، وتجري الآن مفاوضات غير مباشرة بين البلدين، ولكن من المشكوك فيه جدا أن ينجح أولمرت في تحقيق أي شيء على الصعيد السياسي في الأشهر القليلة المتبقية له على كرسي رئاسة الحكومة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر