إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ليفني وجديد أللاجديد

الجمعة 19/8/2008
برهوم جرايسي- "العرب" القطرية

لم يكن فوز وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني برئاسة حزبها الحاكم، "كديما"، وعلى الرغم من تحقيقه، وفق توقعات استطلاعات الرأي التي توقعت لها فوزا ساحقا، إذ أنها حققت تفوقا بنسبة حوالي 1% على منافسها الأساسي وزير المواصلات شاؤول موفاز، في حين انها لم تنجح حتى في الحصول على ثقة نصف أعضاء حزبها، الـ 74 ألفا، بحصولها على نسبة 43% فقط من الأصوات، أمام ثلاثة منافسين آخرين.
كذلك فإنه من السابق لأوانه الحديث عن منصب رئيس الحكومة، لأن هذا سيكون مرهونا بنجاحها في تشكيل حكومة بديلة لحكومة إيهود أولمرت، الذي من المنتظر ان يعلن استقالته في غضون أيام قليلة، أو حتى أسبوعين على الأكثر، فمهمة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون صعبة، بسبب المواقف المعلنة للشركاء في الحكومة الحالية، على الرغم من أن غالبية المحللين يتوقعون أن تنجح ليفني في نهاية المطاف تشكيل حكومة جديدة.
والسؤال المركزي الذي يُطرح الآن هو مدى قدرة ليفني على القيادة، فهي حتى الآن بنظر الحلبة الإسرائيلية مجرد "نجم سياسي"، ويرى أحد المحللين الإسرائيليين أنها وصلت إلى جميع مناصبها السابقة، بما فيها انتخابها الأخيرة بمحض صدف نادرة تراكمت أمامها.
ولكن السؤال الأهم من وجهة نظر عربية وإقليمية، هل سيكون بمقدور ليفني تحريك العملية التفاوضية؟، بينما الصيغة الأصح لهذا السؤال: هل ليفني ستكون معنية بالتقدم في العملية التفاوضية على المسارين؟.
في كلا الصيغتين فإن الجواب هو النفي القاطع، لأن موازين القوى في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وتشعباتها، وخاصة حالة التشرذم فيها، لا تفسح المجال أمام أي حكومة بالتقدم فعليا في أي مسار من العملية التفاوضية، هذا إن وجدت أصلا نوايا في هذه الاتجاه، لأنه حتى الأحزاب والكتل البرلمانية التي من الممكن أن تؤيد العملية التفاوضية والتوصل إلى تسوية، على أسس الإجماع الصهيوني، أو أبعد بقليل، لن تكون معنية في هذه المرحلة بتعزيز مكانة رئيسة حكومة فازت لتوها بهذا المنصب، وأي نجاح سياسي كبير ستحققه سيشكل رصيدا مستقبليا لها، يثبتها كزعيمة سياسية قادرة على المنافسة على رأس الهرم السياسي.
أما بالنسبة لصيغة السؤال الثانية، أي بما يتعلق بنوايا ليفني، فلعل الصحفي الإسرائيلي التقدمي غدعون ليفي، قد أوضح في مقاله في صحيفة "هآرتس"، حقيقة ليفني في هذا المجال، إذ كتب، "كان القلب في الأمس يأمل ظهور قائد جديد لنا، وفجر يوم جديد، إلا أن العقل عرف أن ما كان هو ما سيكون، لا فجر ولا يوم جديد، وإنما ضبابية يوم قديم هي التي ستبقى، والقلب تواق للاعتقاد بأن تتسلم السلطة منذ الآن نساء، لنبحر في الخيال (نحو التغيير)، إلا أن العقل يقول: إن كنّ نساء أو رجال فسنستمر في الغوص في الوحل".
ويوضح ليفي كاتبا، إن من أدارت (ليفني) على مدى أشهر مفاوضات عقيمة مع (أحمد قريع) أبو العلاء، لا تقود إلى شيء، قد حصلت في الأمس على فرصة حياتها، ولكن هناك شك كبير في ما إذا ابنة العائلة المقاتلة تسيبي ابنة إيتان ليفني (والدها كان من قادة العصابات الصهيونية المتطرفة)، التي رضعت من حليب أرض إسرائيل الكاملة في طفولتها، قادرة على تحقيق ما نحن بحاجة إليه الآن: قفزة كبيرة جدا من فوق الهاوية لنتجاوزها".
مما يعني أن السؤال الأساسي يدور حول جوهر مواقف تسيبي ليفني، التي لم تخرج عن مواقف الإجماع الصهيوني في جميع الملفات الأساسية في أي مرحلة، لا بل هي من أكثر وأقوى من يسوّق أسس هذا الإجماع في الأسرة الدولية من خلال منصبها وزيرة للخارجية.
فليفني من أشد المعارضين لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وترفض أي انسحاب من القدس، لا بل إنها داعمة لمشروعي قانونين يمنعان من ناحية عملية أي انسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة والقدس المحتلة.
إن المتوقع على صعيد المسار التفاوضي في "عهد" ليفني، هذا إن بدأ أصلا، هو استمرار وتيرة اللقاءات الجارية على المسارين، الفلسطيني والسوري، ولكن هذا لن يتم استئنافه قبل أن تطلب ليفني أسابيع وأشهر لإعادة ترتيب أوراقها الداخلية، وهذه وسيلة إضافية للتهرب من استحقاقات العملية التفاوضية، بهدف الحفاظ على الوضع القائم إلى حين الوصول إلى انتخابات برلمانية، قد تكون في موعدها القانوني بعد عامين، أو قبل ذلك.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر