إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



فلسطينيو 48 ضحية جريمة متواصلة

الجمعة 10/10/2008
برهوم جرايسي- العرب القطرية

يحيي فلسطينيو 48 في هذه الأيام الذكرى الثامنة لهبة القدس والأقصى، التي اندلعت في ذلك العام مع بدء العدوان الإحتلالي الإسرائيلي على القدس وسائر أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، التي واجهها الفلسطينيون بانتفاضة شعبية، في حين انطلقت مظاهرات في مختلف مناطق 1948، ليواجهها عناصر الأمن الإسرائيلي بإطلاق النار وقتل 13 شابا وجرح المئات.
ويصر فلسطينيو 48 من خلال هيئاتهم القيادية على أن القتل تم بأوامر عليا تقضي استخدام الرصاص الحي ضد مظاهرات سلمية، وحتى أن لجنة تحقيق حكومية إسرائيلية رسمية أقرت بهذه الحقيقة وأشارت بشكل واضح إلى العناصر القتلة الذين نفذوا الجريمة، ولمحت إلى بعض المسؤولين.
وعلى الرغم من توصيات تلك اللجنة، إلا أن النيابة العامة قبلت بتوصية الشرطة الإسرائيلية بإغلاق ملفات المجرمين، وعدم تقديمهم للمحاكمة، وفي هذا العام بادرت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، وهي لجنة تنسيق عليا بين القوى الوطنية، إلى عريضة وقع عليها أكثر من 220 ألف شخص، لتكون أكبر عريضة لا سابق لها، منذ قيام إسرائيل، وتطالب بإجراء تحقيق جديد بإشراف ومشاركة دولية، ومن المفترض تقديمها رسمية خلال الأيام القليلة القادمة، للجهة الإسرائيلية المسؤولة، وأيضا لهيئات تابعة للأمم المتحدة.
بطبيعة الحال فإن هذه ليست الجريمة الأولى، ولا الأخيرة التي يواجهها فلسطينيو 48، ولكنها مناسبة لفتح ملف كبير، مفتوح منذ أكثر من 60 عاما، في الكثير من فصول المجازر التي بدأت منذ العام 1948، مرورا بمجزرة كفر قاسم في العام 1956، وما بعدها.
ولكن المجزرة الأكبر التي يواجهها الفلسطينيون في إسرائيل، ولا مبالغة حينما نسميها "مجزرة"، هي سياسة التمييز العنصري في جميع مجالات الحياة، ومن حين إلى آخر تتغلف بأشكال مختلفة، ولكنها تقود دائما إلى نفس الهدف، دفعهم الى الرحيل من الوطن، أو إبقائهم في وطنهم شريحة ضعيفة غير قادرة على المواجهة، تركض طوال الوقت وراء قوت يومها، محرومة من حياة عصرية طبيعية في مجتمعها.
ولم يقف فلسطينيو 48 مكتوفي الأيدي بل واجهوا هذه السياسية منذ يومها الأول، بدءا من معركة البقاء في الوطن بعد العام 1948، ومن ثم النضال لمواجهة سياسة التمييز والسعي إلى الحقوق المدنية والمساواة، إلى جانب النضال من أجل حل القضية الفلسطينية، ونجح فلسطينيو 48 في تطوير آليات نضالهم على مر السنين، واتبعوا أساليب نضالية متنوعة، وطوروا خطابهم السياسي بما يتمشى مع التطورات المحلية والإقليمية.
وبعد سنوات الخمسين والستين، ومع نشوء جيل شاب ما بعد النكبة، ولم يعايش رعبها، في أوائل سنوات السبعين كانت انطلاقة يوم الأرض التي أحدثت تحولا جذريا في هذا النضال، وعلى أساسه تسارعت وتيرة التطور النضالي، وهذه حقيقة ضرورية، لأنه هناك من يعتقد أن النضال لدى فلسطينيي 48 بدأ قبل سنوات، وهذا اعتقاد يعود إلى خطابات تضليلية صدرت من داخل مجتمع فلسطينيي 48 لغايات كهذه أو تلك.
وعلى الرغم من المكتسبات التي حققها هذا النضال المستمر، إلا أن سياسة التمييز العنصري ما تزال تضرب كافة نواحي الحياة، لتنعكس على الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، وأيضا في مجالات العلم والصحة والتطور العصري للبلدات الفلسطينية وغيرها.
فحسب معطيات إسرائيلية رسمية، فإن نسبة الفقر بين فلسطينيي 48 تصل في بعض المجالات إلى ثلاثة أضعاف نسبتها بين اليهود، فمثلا نسبة الفقر بين أطفال فلسطينيي 48 تصل إلى 63%، في حين أنها بين اليهود بالكاد تصل إلى 17%، كما أن نسبة الفقر بين العائلات اليهودية في حدود 21%، ولكنها بين عائلات فلسطينيي 48 تصل إلى حوالي 51%، ومجمل نسبة الفقر بين فلسطينيي 48 تصل إلى 52%، بينما اليهود تبقى في حدود 15%.
وهذا نابع من عدة عوامل، أبرزها الحرمان من فرص العمل، وحرمان البلدات العربية من مناطق صناعية أو مناطق قادرة على استيعاب أماكن عمل، لذلك ليس صدفة أن نسبة البطالة بين فلسطينيي 48 تقارب هي أيضا ثلاثة أضعاف نسبتها بين اليهود، فالبطالة بين العرب تتراوح ما بين 12% إلى 14% بالمعدل بينما بين اليهود هي دون 5%، والشريحة الأكثر ظلما هي النساء العربيات إذ تصل البطالة بينهن إلى حوالي 70%، وحتى أن البطالة بين حاملات الشهادات الجامعية تفوق نسبة 30%.
وتضييق الخناق والتمييز العنصري موجود بقوة في جهاز التعليم على مختلف مستوياته، فمثلا جهاز التعليم العربي ينقصه خمسة آلاف غرفة تعليم، كما أن الاكتظاظ في الغرف التعليمية أعلى منه عند اليهود، وهذا عدا عن حرمان العرب من تطوير منهاجهم التعليمي، خاصة في ما يتعلق بالثقافة الوطنية.
ويتصاعد التمييز في المرحلة الجامعية، إذ يتم وضع حواجز كبيرة أمام دخول الطلاب العرب إلى الجامعات الإسرائيلية، ولهذا ليس غرابة أن نجد أكثر من 11 طالب يتعلمون خارج بلادهم، 7 آلاف منهم يتعلمون في الأردن، وهذا عدد يفوق عدد الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية.
ومن أخطر ما يواجهه فلسطينيو 48، هي قضية الأرض، ففي العام 1948 كان يملك الفلسطينيون 80% من الأراضي، وبفعل أوامر المصادرة، وسلسلة قوانين تخدمها، لم يبق للعرب سوى 3,5%، كما أن مدنهم وقراهم تشهد تضييق خناق وتمنع السلطات الإسرائيلية توسيع مناطق نفوذها، مما يخلق حالة اكتظاظ سكاني كبير.
وهذا غيض من فيض لمعطيات، غالبيتها الساحقة ترتكز على معطيات إسرائيلية رسمية، ولا حاجة إطلاقا لمعطيات تثبت أن حجم جريمة التمييز العنصري الذي يواجهه فلسطينيو 48، لأن هذه المعطيات وحدها تعكس الصورة القاتمة.
60 عاما وأكثر من المعاناة، ولا يلوح في الأفق ما يوقفها، بل العكس ففي العامين الأخيرين، وفي ظل حكومة إيهود أولمرت، شهد الكنيست الإسرائيلي ذروة في سن القوانين العنصرية التي تستهدف العرب دون سواهم، ويجري الحديث عن أكثر من 16 قانونا منها ما أقر، ومنها ما ينتظر دوره لطرحه على الكنيست.
ولكن المقلق في كل هذا، أن هذه المعطيات، وهذه المعاناة رغم حجمها، إلا أن العالم يتجاهلها، ويتجاهل ضرورة محاسبة إسرائيل، التي نظامها العنصري فاق نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا في حينه.


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر