إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



هكذا تربي إسرائيل أطفالها

الاثنين 20/10/2008
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

لربما أن من نقاط الضوء القليلة في إسرائيل، هي وجود مجموعات يهودية إسرائيلية ترفض بشدة التوجهات الأيديولوجية العنصرية المهيمنة على السياسة الرسمية والشارع الإسرائيلي بشكل عام، وترفض أن يتربى أطفالها على ثقافة عنصرية شرسة من دون حدود.
فقبل أيام كشف موقع الانترنت "والا" وهو أكبر المواقع الإسرائيلية على الشبكة، فضيحة جديدة تثبت كيف تربي إسرائيل الرسمية أطفالها اليهود على العنصرية الحاقدة، إذ تقدمت مجموعة من العائلات اليهودية بشكوى إلى وزارة التعليم حول نص عنصري في كتاب قراءة لتلاميذ الصف الثالث الابتدائي، يظهر فيه "اليهود الإنساني المسكين اللطيف"، أما العربي فهو "الوحشي الجشع الانتهازي..".
ويتحدث ذلك النص عن أن راب يهوديا (رجل دين) لم يجد لدى اليهود حبة "كباد"، وهو نوع غير مألوف من الحمضيات، ليضعها في العريشة أمام بيته، في عيد العرش، الذي تعيشه إسرائيل في هذه الأيام، بموجب الشريعة اليهودية، ووجد حبة كباد واحدة فقط كهذه لدى تاجر عربي جشع، أراد ثمنا باهظا لهذه الحبة، إلا أن الراب اليهودي رفض دفع الثمن، وحزن إلى درجة أنه أراد أن ينتحر، ليعكس النص إلى مدى إنسانية اليهودي "المؤمن" و"الملتزم بعقيدته"، أمام ذلك العربي "قاسي القلب".
ثم "تطمئن" القصة الأطفال، لتقول "إن حياة الإنسان أغلى من حبة كباد"، إذ في نهاية المطاف وجد اليهودي حبة كباد "حلال" لدى عائلة يهودية، وهكذا أمضى العيد سعيدا.
وتقول معلمة يهودية مختصة لموقع الانترنت ذاته، إن طفلتها عادت من المدرسة قبل أيام وقرأت أمامها القصة التي تعلمتها في المدرسة، وتقول المربية ذاتها، التي لم تكشف عن اسمها الأول، وانما فقط باسم العائلة "كوهين"، "إن القصة تضفي على العربي طابعا سيئا، في حين يظهر اليهودي على أنه الجيد، ومنذ البداية شعرت أن الحديث يجري عن قصة ذات مضامين قاسية على خلفية قومية، تغذي بشكل واضح على كراهية اليهود تجاه العرب".
وبطبيعة الحال هذا ليس النص الوحيد الذي يعج به منهاج التعليم الإسرائيلي للمدارس اليهودية، وقبل فترة تم استعراض بضع أناشيد صهيونية مدرسية، تلغي الآخر، وتغذي هي الأخرى على الحقد تجاه الآخر.
وكان رد وزارة التعليم على هذه الفضيحة أن هناك لجنة مختصة لوضع المضامين التعليمية، وأنها ستفحص هذا النص، وفي حال تبين أن توجهاته عنصرية (بصيغة تشكيك) فستفحص إمكانية عدم إقرار الكتاب في المنهاج التعليمي في السنة القادمة، دون تأكيد خطوة كهذه.
ونحن أمام نموذج تعليمي عنصري، يوضح أحد الأسباب الأساسية لتنامي العنصري باستمرار في الشارع الإسرائيلي، لتكون نسبة انتشارها كبيرة جدا بين الفتية والجيل الشاب، إذ دلت استطلاعات وأبحاث سابقة على أن هذه النسبة تصل بين هذا الجيل إلى 75%، بينما هناك أبحاث تقول إن نسبة ذوي التوجهات العنصري في الشارع اليهودي بشكل عام، تتجاوز نسبة 50% وتصل أحيانا إلى 55%.
ويبرز هذا في مسألة مدى تأييدهم إلى دفع العرب على الهجرة من وطنهم بوسائل متعددة، أو في الرد على سؤال من هو مستعد للعيش في مبنى أو حي يسكنه عرب وهكذا.
وفي المقابل، فإن الوقاحة الإسرائيلية تصل إلى حد لا يمكن وصفه، حينما تخوض الحكومة الاسرائيلية "معركة" دولية، تساندها دول غربية، تطالب بتغيير المنهاج التعليمي ليس فقط لدى الفلسطينيين، وإنما أيضا في دول عربية، ليتحول هذا المشروع إلى مشروع دولي بقيادة الولايات المتحدة.
فهل هذه الجهات الدولية فحصت المنهاج التعليمي العربي، أو لنسأل أنفسنا كعرب، إلى أي حد نجحنا دس أنفنا في المنهاج التعليمي في المدارس اليهودية الإسرائيلية؟، لكشفها وعرضها أمام العالم، ناهيك عن النصوص الدينية التوراتية، التي تؤكد على فوقية "الشعب اليهودي"، ورفض كل من هو غير اليهود، وبث العدائية تجاههم، والتنبؤ حتى بإبادة شعوب بأكملها، كما يظهر من "نبوآت" في أسفار متأخر، مثل سفر "أشعياء" وسفر "زكريا"، في كتاب التوراة الذي يتداوله اليهود، أيضا في المنهاج الدراسي.
إن هذا الملف من الضروري إثارته أمام الرأي العالمي، في اطار كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل الرسمية، والمبادرة هنا أمر ضروري، ويجب عدم الاعتماد فقط على تفضحه مجموعات إسرائيلية مناصرة للسلام.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر