إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



إسرائيل وأوباما ووهم التغيير

السبت 8/11/2008
برهوم جرايسي- العرب القطرية

انتخاب شخصية سوداء، مثل باراك أوباما لرئاسة الولايات المتحدة ليس بالأمر الذي من الممكن تجاهل أهميته، وخاصة بعد معاناة السود في الولايات المتحدة بدءا من عصر العبودية وصولا إلى أجواء التمييز العنصري على مستويات مختلفة، وهي ما تزال قائمة.
وقد يكون لهذا الانتخاب أبعاد على مستوى الحياة اليومية للشارع الأميركي، وأن يساهم هذا في تراجع النظرة الفوقية لدى أوساط عند البيض ضد السود.
ولكن السؤال الذي نطرحه نحن كشعوب عالم تعاني من سياسة الهيمنة والطغيان، التي استفحلت في عهد جورج بوش، هل من الممكن أن يؤدي هذا الانتخاب إلى تغيير جوهري منشود، وبالذات في علاقة الولايات المتحدة تجاه أخطر احتلال يواجهه عصرنا هذا منذ عشرات السنين، الاحتلال الإسرائيلي.
والجواب المختصر هو: لا، ولا يوجد أي مؤشر يلوح في الأفق لتغيير كهذا، فإسرائيل لم ترتجف للحظة بعد انتخاب أوباما، وكان زعماؤها أول المهنئين، ولا بد أن نسمع رسائل الشكر التي سيبعثها أوباما خلال أيام، لنقرأ فيها ما ينسف أي وهم لتغيير جوهري في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط.
ومنذ الآن تظهر أنباء في إسرائيل "لطمأنة" الجمهور هناك، تتحدث عن الذين سيتولون مهاما لدى أوباما، كمستشارين أو مساعدين، ومن بينهم من هم مرشحون لتولي حقائب وزارية، فنقرأ اسم مساعد وزير الخارجية الأسبق دينيس روس، واسم سفير الولايات المتحدة الأسبق في إسرائيل دان كريتسر، لنعرف الآن أن أوباما كلف رام عمانوئيل بمنصب رئيس الطاقم في البيت الأبيض، وهو من أهم الوظائف في الإدارة الأميركية.
ليست المسألة تعصبا، ولكن ثلاثتهم ليسوا مجرد يهودا، وخاصة روس وكريتسر، فهما ناشطان في منظمات صهيونية، ويرأس روس ما يسمى "معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي" التابع للوكالة اليهودية (الصهيونية)، ووظيفته إعداد استراتيجيات لتحرك المنظمات اليهودية لدى حكومات العالم، لجعل سياستها مؤيدة لسياسة إسرائيل وداعمة لها.
وإذا كانت هذه هي الحلقة التي ستدور حول أوباما، فهذا مؤشر للطبيعة وجهته السياسية، خاصة وان السياسة الخارجية الأميركية محكومة بالأساس للمصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة التي تفرض على كل رئيس، وتشكل إسرائيل ركنا هاما في هذه الاستراتيجية.

ولكي لا نسدل الستارة كليا، ونفقد الأمل، فإننا لا بد وأن نلمس تغييرا في الخطاب وفي اللهجة، تجاه فرص السلام، وهو الفرق الذي لمسناه بين إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وبين خلفه جورج بوش
ولكن هذا الفرق يتحرك في مجال المناورة الذي نراه أيضا في الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية، وتبدو من خلاله وكأن هناك حالات فرج، ولكن في الحقيقة فإن هذا التباين في الحراك السياسي ليس جوهريا، ويبقى أبعد من أن يلبي استحقاقات الحل الدائم، حل الحد الأدنى الذي قبل به الشعب الفلسطيني.
على أي حال فإن الإدارة الأميركية ولدى تسلمها مهامها في النصف الأول من شهر كانون الثاني/ يناير من العام القادم 2009، ستجد أمامها حكومة إسرائيلية تلفظ أنفاسها الأخيرة، كونها حكومة انتقالية، إذ ستجري الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المبكرة بعد شهر من ذلك الحين، وكل استطلاعات الرأي تشير إلى تعزيز قوة اليمين واليمين المتطرف، لدرجة أنه حتى وإن حققت تسيبي ليفني على رأس حزبها "كديما" تفوقا واضحا، لن يكون بمقدورها تشكيل حكومة من دون هذا اليمين، لذلك فإن فرص تشكيل الحكومة ستكون أقوى لدى حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، وفق الظروف الراهنة.
كما أن جدول التحركات والتطورات السياسية التي ستشهدها المنطقة في الأشهر القادمة لا يشير إلى تحرك حقيقي على مستوى العملية التفاوضية قريبا، فإدارة أوباما تحتاج إلى فرصة تأقلم، ثم ستتبعها فرصة تأقلم الحكومة الإسرائيلية التي قد تنشأ في مطلع آذار/ مارس القادم، وحينها لا يمكننا تكهن الوضع الفلسطيني الداخلي، في حال نشبت أزمة داخلية حول مدة ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والى جانب كل هذا، احتمال انفجار أمني آخر في قطاع غزة.
إلا أن في إسرائيل هناك من يتوقع أن يؤثر انتخاب أوباما على سير الانتخابات الأميركية، ولكن في هذا شك كبير، ويرى المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن، إن ليفني قد تستثمر أجواء الانفراج، لتقول ان حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو ستقود إلى اصطدام مع إدارة اوباما، في تلميح إلى الوضع الذي كان قائما بين حكومة نتنياهو الأولى، في النصف الثاني من سنوات التسعين الماضية وبين إدارة بيل كلينتون.
ولكن هذه التوقعات والتحليلات تبقى تحت تأثير العاصفة الإعلامية والأجواء السياسية التي رافقت انتخاب أوباما، فبعد أيام سيخبو بريق الحدث، وستتضح صورة المستقبل أكثر.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر