إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



نتنياهو عاريا أمام حقيقته

الثلاثاء 16/12/2008
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

لم تكف كل ألوان الدنيا لإضفاء لون جديد على زعيم حزب الليكود اليميني في إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الذي حاول في الأيام القليلة الماضية الظهور بشكل "السياسي المعتدل"، بعد أن فاز أحد أشد المتطرفين الإرهابيين اليهود، موشيه فيغلين، بمقعد متقدم على لائحة الليكود للانتخابات البرلمانية مما يؤهله للدخول إلى البرلمان الإسرائيلي.
وفيغلين هذا ينافس منذ سنوات على رئاسة حزب الليكود، وأيضا على مقعد متقدم في لائحة الحزب، ولم ينجح إلا في هذا العام، وهو يجاهر بمواقف عنصرية إلى أقصى الحدود، وعلى رأسها المطالبة بطرد جميع الفلسطينيين من وطنهم، في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، والى حين يتم مبتغاه، فإنه يطالب بتضييق الخناق كليا على الفلسطينيين، وخاصة فلسطينيي 48، مثل حرمانهم من فرص عمل، ومن مخصصات وضمانات اجتماعية وغيرها.
كذلك فإن فيغلين هذا يعتبر حتى ما يسمى بـ "ارض إسرائيل الكاملة"، أي فلسطين التاريخية، هي دولة مرحلية إلى حين قيام مملكة إسرائيل، "من النيل إلى الفرات"، ولهذا فإنه "يحق لليهود أن يستوطنوا أينما أرادوا في جميع أنحاء ارض إسرائيل الكاملة".
وفي الانتخابات الداخلية لحزب الليكود التي جرت مطلع الأسبوع الماضي، حصل فيغلين على المقعد العشرين، في حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن الليكود سيحصل على 30 مقعدا، حتى الآن، بمعنى أن دخول فيغلين إلى الكنيست في حالة كهذه هو أمر مضمون.
وهنا ظهر نتنياهو على شاشات التلفزة، وأمام عدسات وسائل الإعلام مكفهر الوجه، وهو بارع في التمثيل، وبعث بمستشاريه ليقولوا إلى وسائل الإعلام، "إن الزلمة طفران"، وأنه سيبذل كل جهد من أجل استبعاد فيغلين عن موقعه المتقدم، مستندا إلى بند في أنظمة الليكود، الذي يضمن مقاعد متقدمة لممثلي المناطق والنساء.
وقد نجح نتنياهو في هذه المناورة، من خلال تبني لجنة الانتخابات في حزب الليكود لطلبه، وبالفعل فقد تم استبعاد فيغلين هذا إلى المقعد 36، ولكن هناك من هم من حول فيغلين ينوون الاستئناف على هذا القرار، الذي على الأغلب سيبقى على حاله، وسينجح نتنياهو في ما أراد.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل بالفعل كان فيغلين المتطرف الوحيد في قائمة الليكود، وهل أصبح ليكود نتنياهو أكثر اعتدالا بعد استبعاد فيغلين، إن الحقائق تشير إلى عكس هذا، ومن هم في لائحة الليكود أشد خطورة من فيغلين، كونهم لا يجاهرون بمواقفهم، وهم مرشحون لتولي مناصب قيادية رفيعة، في الجهازين الأمني والسياسي، في حال شكّل نتنياهو الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
لقد عبر فيغلين عن استغرابه من موقف نتنياهو، وأكد أنه يلتزم بما جاء في دستور حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، ومن بين بنوده هو "حق اليهود في الاستيطان في كل بقعة من أرض إسرائيل الكاملة"، وهنا قال هذا العنصري قول حق، ولكن تعالوا نتعرف عن لائحة الليكود، لنعرف كم "فيغلين" تحمل إلى الكنيست.
لنبدأ بنتنياهو نفسه، المرشح لتولي الحكومة المقبلة، فما معنى إعلانه جهارة أنه لا ينوي خوض مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين وإنما الاكتفاء بمفاوضات اقتصادية، ريثما "يزدهر الاقتصاد الفلسطيني"، وعندها سيبحث في المسائل السياسية، ألا يعني هذا مماطلة جديدة تهدف إلى استمرار السيطرة والاستيطان في "ارض إسرائيل الكاملة".
وما هي حقيقة نتنياهو من فلسطينيي 48، فقد كان رئيس حكومة في النصف الثاني من سنوات التسعين، ووزير مالية من مطلع العام 2003 إلى نهاية العام 2005، وقد عمق من خلال هذين المنصبين سياسة التمييز العنصري، لا بل حين بادر كوزير مالية إلى تقليص مخصصات الأولاد التي تتلقاها كل عائلة في إسرائيل عن كل ولد لديها دون سن 18 عاما، أشار بوضوح إلى أن هذا يستهدف العرب، فلسطينيي 48، لأنهم يلدون كثيرا، حسب منطقه، وحينما سئل عن الأصوليين اليهود (الحريديم) الذين يلدون أكثر من العرب، قال إنه بالإمكان تعويضهم من خلال تحويل ميزانيات خاصة لمؤسساتهم.
لنتابع ونتعرف على شخصيات أخرى في لائحة الليكود، ومن بينهم رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق موشيه يعلون، مجرم حرب تلاحقه دعوات استدعاء في دول أوروبية، ومعروف عنه أنه كثف سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين، وحسب مصادر غربية وفلسطينية، فإن يعلون هذا هو الذي اغتيال شخصيا وأطلق النار عن قرب، على القائد الفلسطيني الشهيد، خليل الوزير أبو جهاد، في ربيع العام 1988 في تونس.
ولا يتأخر يعلون في أي وقت عن المجاهرة بمواقفه الرافضة لأي أفق انفراج وحل، وعارض بشدة إخلاء مستوطنات قطاع غزة، ويؤيد استمرار وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، ليلتقي في موقفه هذا مع شخصيات بارزة في لائحة الليكود، ومن بينهم، الوزير الأسبق بنيامين بيغين، الذي عاد مؤخرا إلى الليكود، ولديه مواقف متشددة معادية للسلام، ومثله أيضا أحد المرشحين لتبوء منصب رفيع في حكومة نتنياهو المفترضة يوفال شتاينيتس، ومثله رؤوفين رفلين، وغلعاد أردان وليمور ليفنات.
وهذه المواقف هي شبه إجماع في لائحة الليكود، حتى تشمل من هو في خانة "الأقليات" في اللائحة، المدعو أيوب القرا، وهو ضابط احتياط في جيش الاحتلال، الذي يتباهى بمواقفه الداعمة "لأرض إسرائيل الكاملة"، وقد منحه مستوطنو الخليل الإرهابيين لقب "عزيز الحي الاستيطاني في الخليل"، وإن ادعى أحد ان مواقفه ليست بالضرورة هكذا، فإنه قد يحاول تجميلها ببعض العبارات الشكلية، وقد يكون هذا الشخص وحيدا، وهو وزير القضاء الأسبق دان مريدور.
معروف عن نتنياهو في الحلبة السياسية أنه كذاب، ويمتهن الكذب، ولكن كذبته في مناورته، في الأيام الأخيرة، كانت شفافة أكثر من اللزوم، وقد رأيناه في هذه الأيام عاريا أمام حقيقة لا يستطيع أن يتهرب منها، فقد أبعد فيغلين الشخص، ولكن فيغلين موجود في جوهر حقيقة كل واحد من أعضاء الليكود، من دون استثناء.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر