إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



تناحرات سياسية بين المستوطنين تهدد قوة أحزابهم المباشرة

الثلاثاء 30/12/2008
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*نواب المستوطنين حاولوا صهر أنفسهم في حزب واحد، أسموه "هبايت هيهودي" (البيت اليهودي) الذي انهار على رأس أصحابه قبل إتمام تشكيله، *احتدام المنافسة بين أحزاب المستوطنين، على ضوء تزايد قوة حزبي "يسرائيل بيتينو" و"الليكود" في مستوطنات الضفة*


طالت الصراعات الداخلية أحزاب المستوطنين، في الأسابيع الأخيرة، واستمرت حتى الساعات الأخيرة قبل تقديم اللوائح الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية، مساء يوم الأحد الأخير، وهذا وسط توقعات بأن هذه الأحزاب التي تمثل المستوطنين مباشرة ستخسر من قوتها البرلمانية، إذ كانت تجتمع في كتلة واحدة، "هئيحود هليئومي"، وكان لها تسعة مقاعد، أما اليوم فإن الحديث يجري عن 4 إلى 6 مقاعد.
وقد بدأت الأزمة تنخر في هذه الكتلة، مع بدء استطلاعات الرأي في توقعاتها لتراجع قوتها في الانتخابات المقبلة، وحتى قبل الإعلان عن انتخابات مبكرة، وكما يبدو فإن قسما كبيرا من الأصوات التي كانت لهم في الانتخابات الماضية، تحولت إلى حزبي "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو، و"يسرائيل بيتينو"، بزعامة العنصري أفيغدور ليبرمان.
وكانت كتلة "هئيحود هليئومي" تتشكل من خمسة أحزاب، من بينها حزبان انشقا في فترات سابقة عن حزب "المفدال" الديني، أقدم أحزاب الصهيونية الدينية في إسرائيل، وهو في الكنيست منذ يومه الأول، ومرت فترات كان له فيه حوالي 15 مقعدا.
وهذه الأحزاب هي المفدال وله ثلاثة مقاعد، وحزب "تكوما" المنشق عنه قبل نحو عشر سنوات وله عضو واحد، وحزب "أحي" وله عضوان، انقسما في الدورة قبل المنتهية عن المفدال، وحزب "موليدت" وله عضوان، وعضو واحد كان مستقلا، وهو العنصري المتطرف آرييه إلداد.
وعلى ضوء التراجعات الحاصلة في القوة الانتخابية لهذه الكتلة، التي ترتكز بالأساس على جمهور المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، فقد بدأت اتصالات بين أطراف الكتلة، بحثا عن حلة جديدة تظهر فيها هذه الأحزاب في الانتخابات المقبلة، وتحاول لجم خسارتها.
ومن هنا جاءت فكرة بناء حزب جديد، تنصهر فيه جميع الأحزاب والحركات التي شكلت كتلة "هئيحود هليئومي"، وليطلق عليه اسم "هبايت هيهودي" (البيت اليهودي)، وسارع حزب "المفدال" التاريخي إلى عقد جلسة أخيرة لمجلسه المركزي، وليتخذ قرارا بحل نفسه والاندماج في هذا الحزب الجديد.
ومع تشكيل الحزب نشأت مسألة كيفية تشكيل لائحة الحزب في الكنيست، واتفقت جميع الأطراف على تشكيل "لجنة شعبية" يرأسها الجنرال المتقاعد عميدرور، وإذا بهذه اللجنة تأتي بتوصيات لتشكيل القائمة، تطيح عمليا بغالبية أعضاء الكتلة الحالية، إذ شملت القائمة ثلاثة أعضاء كنيست حاليين ضمن المقاعد الستة الأوائل، التي تتوقع استطلاعات الرأي لهذا الحزب كحد أقصى.
وعلى ضوء هذا، فقد تفرقع "هبايت هيهودي" على رأس أصحابه، وانسحب منه غالبية أعضاء الكنيست، وبقي فيه عمليا أعضاء الكنيست من حزب "المفدال المنحل، وأعلن رئيس حزب "موليدت" العنصري بيني ألون، وعضو الكنيست العنصري يتسحاق ليفي من حزب "أحي" اعتزال الحياة السياسية.
كما أعلن النائب العنصري إيفي إيتام، من حزب "أحي" الانسحاب من الحزب، وأبدى نية للانضمام إلى حزب الليكود، ولكن بنيامين نتنياهو زعيم الليكود رفض العرض، ولكن في الأيام الأخيرة، جرى اتفاق لضم إيتام إلى حزب الليكود، بعد أن تبين ان في خزينة حزبه 12 مليون شيكل، 3,1 مليون دولار ليست مستغلة، ولو تم حل الحزب لكانت هذه الأموال ستعود إلى خزينة الدولة، وفي المقابل فقد حصل إيتام على ترشيح تمثيلي في قائمة الليكود، من خلال زميل له في حزبه، احتل المقعد 39 على لائحة الليكود.
وفي المقابل فقد عاد النائبان العنصريان آرييه إلداد وأوري أريئيل إلى تشكيل كتلة "هئيحود هليئومي" واستمرار في تشكيل اللائحة حتى الساعة الأخيرة لتقديم لوائح المرشحين للجنة الانتخابات المركزية.
وتنبع الأزمة في أوساط المستوطنين واليمين المتشدد من خلال سعيه إلى توسيع صفوفه، أو كما قال الجنرال عميدرور، إن اليمين لا يبدأ في الحي الاستيطاني في الخليل وينتهي عند مستوطنة بيت إيل، بمعنى أنه لا ينحصر في المستوطنين، ولهذا تم اختيار محاضر جامعي من مدينة حيفا ليرأس لائحة "هبايت هيهودي".
وسابقا كان في حزب "المفدال" الصهيوني الديني تيارات "معتدلة" ومتشددة، ولكن في العقدين الأخيرين جنح الحزب كثيرا نحو اليمين المتشدد، وصفى عمليا تيار "المعتدلين" فيه، وبات حزب مستوطنين، دون قدرة على التوسع بين الجمهور العام، بوصفه جزءا من الحركة الصهيونية.
وهذا الصراع بين أوساط اليمين المتشدد عكس نفسه في الكنيست من خلال منافسة شديدة، على من يطلق أكثر خطابا عنصريا ضد العرب وضد المفاوضات، وسباق غير مسبوق بين هذه الأحزاب وأعضاء الكنيست على سن القوانين العنصرية، وأيضا كتلك التي لا يمكن أن يتصورها العقل الإنساني.
وعلى الرغم من تزايد منسوب العنصرية إلى مستويات خطيرة جدا، إلا أن هذا لم يشبع قناعات أوساط أشد تطرفا، خاصة بين أفراد ومناصري عصابات "كهانا" الإرهابية، المحظورة حتى بموجب القانون الإسرائيلي والأميركي.

المنافسة تشتد

حسب آخر احصائيات، فإنه في مستوطنات الضفة الغربية والأحياء الاستيطانية في القدس المحتلة
يعيش اليوم أكثر من 480 ألف مستوطن، من بينهم 195 ألفا في أحياء القدس، ويقدر عدد ذوي حق التصويت من بينهم قرابة 310 آلاف شخص، وحسب تقارير الانتخابات السابقة فإن جاهزية المشاركة في التصويت بين هذا الجمهور تصل أحيانا إلى 90% وتتجاوزها في بعض المناطق، في حين أن نسبة التصويت العامة في الانتخابات السابقة في العام 2006 بلغت 63,5%.
إلا أنه في الانتخابات الأخيرة تنافس لائحة نأتي على ذكرها لاحقا، وحصلت على 10% من أصوات المستوطنين، ولكنها لم تتجاوز نسبة الحسم، وهذا ما قد يتكرر في هذه الانتخابات.
مع إغلاق باب تقديم لوائح الانتخابات بالإمكان القول ان ثلاثة لوائح تمثل مباشرة المستوطنين، تتنافس على أصواتهم، وهي: "هبايت هيهودي" و"هئيحود هليئومي"، اللتين لا نعرف بعد مدى فرص نجاح كل واحدة منهما، والثالثة هي لائحة العنصري المتشدد باروخ مارزل، "الجبهة اليهودية القومية"، التي سمحت لها المحكمة العليا في الانتخابات السابقة المنافسة بعد أن شطبتها في العام 2003، ولكنها لم تتجاوز نسبة الحسم، إلا أنها حرقت أصوات مقعد برلماني كامل.
ولكن أصوات المستوطنين في الضفة الغربية وأحياء القدس الاستيطانية لن تتوزع فقط على هذه اللوائح الثلاث، لأن هناك منافسين اشد قوة، وهما حزبا "يسرائيل بيتينو" برئاسة العنصري أفيغدور ليبرمان، الذي يتنافس أيضا على أصوات المهاجرين الجدد والليكود بزعامة المتشدد بنيامين نتنياهو.
وما يعزز مكانة الليكود بين المستوطنين أكثر، هو تطرف الخطاب السياسي اليميني المتشدد لديه، وعمليا فإنه شطب كل الفوارق الشكلية والمحدودة بينه كحزب يتناوب على السلطة، وبين أحزاب صغيرة فئوية لقطاعات معينة، وهذا ما نقرأه من خلال رفض الليكود التام لاجراء مفاوضات سياسية مع الجانب الفلسطيني وباقي الأطراف العربية، وأقصى ما يعرضه نتنياهو اليوم هو "مفاوضات اقتصادية" مع الفلسطينيين.
وإن كان جمهور المستوطنين لا يثق كثيرا بنتنياهو، فإن الشخصيات المركزية في لائحة الليكود تبث طمأنينة للمستوطنين، ومن بينهم رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق موشيه يعلون، والنائب السابق بنيامين بيغين، وشخصيات أخرى، من بينهم أعضاء الكنيست الحاليين، رؤوفين رفلين، غلعاد أردان وغدعون ساعر، وغيرهم الكثير.
وكان من الممكن أن تتعزز قوة الليكود أكثر بين المستوطنين، لو بقي المرشح العنصري موشيه فيغلين في الموقع العشرين في اللائحة، وعدم نقله إلى الموقع 36.
كذلك فإن الجديد في هذه الانتخابات وسابقتها، هو ازدياد نسبة المستوطنين المتدينين الأصوليين (الحريديم) في المستوطنات، خاصة في المستوطنات القريبة من القدس المحتلة، والأحياء الاستيطانية في المدينة، وهؤلاء بطبيعة الحال مصوتين لحزبيهما، "شاس" لليهود الشرقيين، و"يهدوت هتوراة" لليهود الغربيين (الاشكناز).

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر