إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ميتشل والشريك الإسرائيلي

الأربعاء 28/1/2008
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

يصل إلى المنطقة هذا الأسبوع المبعوث الأميركي القديم- الجديد للشرق الأوسط جورج ميتشل، في جولة، قيل أنها تهدف بالأساس إلى استطلاع المواقف من مسألة دفع العملية السياسية في المنطقة.
وافتعلت إسرائيل في الأيام الأخيرة ضجة صاخبة في اتجاهين، الأولى تتعلق بتعيين شخص ميتشل، و"خيبة الأمل الإسرائيلية من هذا التعيين"، والثانية تتعلق بإمكانية أن تمارس الإدارة الأميركية ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية في اتجاه الحل.
بالنسبة للتعيين فقد حاول اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وإسرائيل الدفع باتجاه تعيين المبعوث الأسبق للشرق الأوسط دينيس روس، وهذا ليس فقط لكونه يهوديا، بل لأن روس يرأس ما يسمى بـ "معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي"، وهو تابع مباشرة للوكالة اليهودية الصهيونية، التي تتعامل مع أبناء الديانة اليهودية في العالم على أنهم شعب، ومهمة هذا المعهد وضع استراتيجيات لسياسته الخارجية بما في ذلك إسرائيل.
وتربط إسرائيل "خيبة أملها" من ميتشل بسبب موقفه "الحازم"، حسب إسرائيل، من مسألة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، ومطالبته بوقف الاستيطان، كشرط مطلوب من إسرائيل لدفع العملية السياسية.
على أي حال فإن تعيين ميتشل، مرحليا، أصبح تحصيل حاصل وهو سيصل إلى المنطقة، لنرى بدايات عمل الإدارة الأميركية، ولنعرف لاحقا ما هي الترجمة الميدانية لتصريحات الرئيس باراك أوباما التي أعرب فيها عن عزمه دفع العملية السياسية في المنطقة.
إلا أن ميتشل يأتي في المنطقة قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي ستجري في العاشر من شباط (فبراير) المقبل، وعمليا فلا يمكنه أن يستخلص حقيقة الموقف الإسرائيلي الرسمي، ليس فقط في ما يتعلق بأفق الحل، وإنما حتى معرفة ما هي نية الحكم في إسرائيل من مسألة استئناف العملية التفاوضية، وما هي طبيعة المفاوضات التي يسعى عليها.
ولكن هذه مسألة تجيب عليها برامج الأحزاب الكبرى في إسرائيل، وبطبيعة الحال الحزب المرشح لتولي الحكم، الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، وهذه البرامج، من حزب "العمل" بزعامة وزير الحرب إيهود باراك، الذي تزجه مفاهيم الحلبة السياسية في خانة "اليسار الصهيونية"، وحتى "الليكود" اليميني، فإنك لا تجد برنامجا واضح المعالم حول تفاصيل الحل الدائم، إذ يكتفي كل حزب بالعموميات.
فبالنسبة لحزبي "كديما" و"العمل"، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة مواقفهما مطبقة على أرض الواقع، والحكومة بقيادتهما أجرت مفاوضات من أجل المفاوضات، وليس من أجل دفع المنطقة نحو الحل، إذ لم تأت المحادثات على مدار حوالي عامين بشيء، وحتى حينما أطلق رئيس الحكومة المستقيل، إيهود أولمرت، صياغات مخادعة لأفق الحل، ليعتقد البعض أنه بات أقرب للمشروع الفلسطيني، فقد ألحق تصريحاته بعبارة، "إن ما أقوله ليس ملزما لحكومتي وكل حكومة من بعدي".
وإذا ما اعتمدنا ما تتنبأ به الاستطلاعات الإسرائيلية بأن نتنياهو هو المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة، فحينها يكون برنامجه يكون الأهم في هذه المرحلة، وبرنامج الليكود ورئيسه نتنياهو واضح، من حيث رفضه لإجراء مفاوضات سياسية في هذه المرحلة، وحتى لسنوات، لأنه يدعو إلى مفاوضات اقتصادية: "من أجل رفع المستوى المعيشي للفلسطينيين، وفقط بعد تحقيق هذا الهدف الاقتصادي بالإمكان الحديث عن مفاوضات سياسية".
وهذا يؤكد أن الليكود يطرح "معجزة" هدفها التهرب كليا من المفاوضات السياسية، التي هي أيضا لا يطرح أمامها أي حل واقعي.
وهذا بحد ذاته يقول إن الإدارة الأميركية، وإن صدقت نوايا الرئيس أوباما كما طرحها، فإنها لن تجد "شريكا إسرائيليا" للمفاوضات، وهو المصطلح الذي استخدمته إسرائيل على مر سنين للتهرب من المفاوضات، بأن "لا شريك فلسطيني للمفاوضات".
ولكن ماذا عن احتمال أن تمارس الإدارة الأميركية ضغوطا على إسرائيل من أجل دفعها نحو طاولة المفاوضات الحقيقة ودفع المنطقة نحو الحل.
ونتنياهو لم يترك هذا التساؤل من دون إجابة، ففي تصريح له في بيان رسمي ردا على تصريحات أوباما وأنه قد يمارس ضغوطا على إسرائيل، جاءت العبارة التالية التي لم يتم التوقف عندها: "نتنياهو يعرف أميركا أكثر من غيره، ويعرف كيف يتعامل معها".
في هذا أراد نتنياهو التذكير بتغلغله في أوساط التيار المتشدد في اللوبي الصهيوني، ولدى المحافظين في الولايات المتحدة، وهما تياران يخترقان الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأنه بإمكانه أن يستنفرهما للتحرك في الولايات المتحدة وفي مجلسي الكونغرس الأميركي ضد ضغوط كهذه في حال ظهرت.
وهذا ما فعله نتنياهو ضد إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، إلى درجة أنه حين تفجرت قضية علاقة كلينتون بسكرتيرته لفينسكي في تلك الأيام، قيل أن اللوبي الصهيوني وشخص نتنياهو يقفان من وراء هذه القضية.
على أي حال فإن الموقف الرسمي الإسرائيلي في مسألة استئناف المفاوضات، سيكون في هذه الأيام، أنه ليس بإمكان إسرائيل تقديم أي رد في هذا المجال قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر على الأقل، إلى حين إجراء الانتخابات وظهور النتائج الرسمية، وتشكيل حكومة جديدة، واضح منذ الآن أنها سترتكز على الأحزاب الرافضة لمجرد إجراء مفاوضات.
وحتى ذلك الحين سنرصد حقيقة توجهات إدارة أوباما طالما أننا ندرك حقيقة جوهر الموقف الإسرائيلي.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر