إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



إيهود باراك "سيد" الحرب والاحتلال والاستيطان

الثلاثاء 3/2/2009
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

يوما بعد يوم يتضح أن زعيم حزب "العمل" ووزير الحرب إيهود باراك، قرر أن ينافس في هذه الانتخابات في خانة الحرب والاحتلال والاستيطان، على الرغم من أن مقاييس السياسة الإسرائيلية وضعت حزبه على مر السنين في خانة تأييد المفاوضات والعملية السياسية، إلا أن باراك المعروف بأنه واصل عملية تدمير العملية التفاوضية حين كان رئيسا للحكومة من العام 1999 وحتى مطلع عام 2001، يكشف في هذه الأيام أكثر عن حقيقته، وسط صمت مطبق من حزبه على الرغم من أن من بينهم من يتم تصنيفه في معسكر السلام الإسرائيلي.
وكانت كل المؤشرات وعلى مدى عام ونصف العام تؤكد أن شعبية باراك في تدني مستمر، إلا أنه في أوج الحرب على قطاع غزة نجح في رفع نسبة شعبيته، وارتفعت قوة حزبه في استطلاعات الرأي من 11 مقعدا قبل الحرب إلى 17 مقعدا في أوجها، على الرغم من أن قوة حزبه البرلمانية اليوم 19 مقعدا.
وأشارت آخر استطلاعات للرأي إلى أن قوة حزب "العمل" عادت إلى مسار التراجع بعد الحرب، إذ أن الجمهور الذي انتقل إليه بدأ العودة إلى الأحزاب اليمينية التي جنحها استطلاعيا لصالح حزب "العمل" لأسبوع أو ثلاثة على الأكثر.
وأمام وضع كهذا، فقد بدأ باراك، الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الإسرائيلي لقب "سيد الأمن"، بأشبه بعملية "تذكير للجمهور بمن هو"، وأنه الجنرال الذي لا يمكن منافسته في الحرب في هذه الأيام، ولعل ما جرى في جلسة الحكومة الأسبوعية يوم الأحد الأخير لهو دلالة على رسالة باراك في الأيام الأخيرة قبل يوم الانتخابات، سعيا لزيادة أسهمه.
ففي تلك الجلسة قالت وزيرة الخارجية ورئيسة حزب "كديما" الحاكم، تسيبي ليفني، إنها ترفض إبرام أية اتفاقيات أو ترتيبات مع حركة حماس، داعية إلى استخدام القوة "وفقط القوة" ضد حركة حماس، وتبعها بذلك منفلتا رئيس الحكومة إيهود أولمرت، الذي أعلن أنه "أصدر تعليماته" لوزير الحرب ليعد الجيش لتوجيه ضربات لحركة حماس في قطاع غزة.
وهنا استنفر باراك قائلا، "في موسم الانتخابات يوجد سباق في الثرثرة بين شخصيات لم تمسك أيديها السلاح ولا مرة، ولا تفهم الظروف التي بالإمكان العمل فيها، إننا سنرد بالطريق الصحيح، على كل ما يجري في قطاع غزة، فالجهات المهنية (في الجيش) ستبلور وفق تعليماتي، طريقة الرد، ولكن يجب العمل بشكل مدروس ومسؤولية، لقد تلقت حركة حماس ضربة قاسية وستتلقى ضربات أخرى، والقرار سيتم اتخاذه لدى الجهات المهنية المختصة".
ولم يكتف باراك بهذا، بل في مساء اليوم ذاته، ألقى خطابا موجها للمهاجرين الروس الجدد، الذين حصة الأسد من أصواتهم تتجه إلى العنصري الشرس أفيغدور ليبرمان وحزبه المتطرف "يسرائيل بيتينو"، وهناك اختار باراك منافسة ليبرمان من زاوية الحرب، وقال، "إنني لست بحاجة إلى ترخيص من ليبرمان في قضايا الأمن، فهو قوي بالكلام، وليس بالأعمال، فهو بالكلام دمّر طهران وسد أسوان، وأنا لا أعلم كم مرّة أمسك ليبرمان بندقية وأطلق النار على أحد، هذا إذا أمسك ببندقية ذات مرة".
وحين كان باراك رئيسا للحكومة، على مدى 20 شهرا، من ربيع العام 1999 وحتى شتاء العام 2001، سجل الاستيطان في الضفة الغربية وتيرة غير مسبوقة، وهو في أوج مفاوضات مع الجانبين الفلسطيني والسوري، وأعاد باراك الكرّة خلال ولايته الأخيرة في وزارة الحرب، فحسب القانون الإسرائيلي فإن أي مشروع استيطاني في المناطق المحتلة بحاجة إلى مصادقة وزير الحرب، وقد تسلم باراك منصبه في شهر تموز (يوليو) من العام 2007، ولهذا ليس صدفة أن وتيرة الاستيطان سجلت في العام 2008 زيادة بنسبة 60% حسب تقرير حركة "السلام الآن" الإسرائيلية في الأسبوع الماضي ونشر في "الغد".
وحتى حينما تكشف في مطلع الأسبوع الجاري أن الحكومة الحالية على وشك الانتهاء من إعداد البنى التحتية في واحد من أخطر المشاريع الاستيطانية في هذه المرحلة، شرقي القدس المحتلة، والذي من شأنه أن يبتر الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين شمالي وشرقي، فقد سارع باراك في بيان لوسائل الإعلام الإسرائيلية ليؤكد تأييده لهذا المشروع الذي وصفه بأنه "حيوي وضروري لدولة إسرائيل".
حزب "العمل" الذي قاد إسرائيل في السنوات التسع والعشرين الأولى، وصانع حروبها الأساسية، يستعد لتلقي ضربة قاصمة جديدة إضافية في الانتخابات القريبة قد تجعله الحزب الثالث أو الرابع، وهذا بعد أن غيّب حزب "العمل" أجندته السياسية كليا، وليغيّب لاحقا بعض الفروقات التي كانت تميزه عن اليمين المتطرف.
واليوم بدأ باراك يجر حزبه نحو حلبة اليمين المتطرف، وقد ينجح باراك بذلك خطابيا، ولكن حين يأتي الناخب اليميني ليقرر فإنه بطبيعة الحال سيختار "النسخة الأصلية" وليس "التقليد"، بمعنى أنه سيلجأ إلى أحزاب اليمين المتطرف، أما مصوتي اليسار والوسط القريب منه، الذين لا يقبلون بتوجهات حزب "ميرتس" اليساري الصهيوني، ويفضلون حزب "العمل" فسيختارون هذه المرة أيضا الإحجام عن التصويت، وهذا أحد الأسباب الهامة في انخفاض نسب التصويت.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر