إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



تنامي التصادم مع قوانين الشرائع اليهودية داخل معسكر اليمين

الاربعاء 4/2/2009
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

أحد أبرز الصراعات الداخلية في الشارع الإسرائيلي، هو الصراع حول قرار فرض الشرائع الدينية اليهودية على الجمهور الواسع، وما اصطلح على تسميته، "قوانين الإكراه الديني"، وما ستفرزه الانتخابات البرلمانية المقبلة، هو تنامي الصراع مع هذه القوانين في داخل معسكر اليمين المتشدد، رغم أن هذا الصراع في سنوات خلت كان بالأساس بين أحزاب يسارية ودينية متشددة.
فمنذ قيام إسرائيل، بدأت تدخل إلى كتاب القوانين سلسلة من القوانين التي تتناغم مع الشرائع اليهودية المتشددة، بمبادرة من الأحزاب الدينية رغم صغر حجمها في تلك الفترة، وهذا نابع من أمرين: الأول، وهو الأبرز، مسايرة هذه الأحزاب لتبقى ضمن الائتلافات الحكومية، والأمر الثاني، وهو الغلاف للأول، أن "الدولة اليهودية بحاجة إلى هوية يهودية أيضا".
وبهذا بدأت تفرض على المجموعات المهاجرة من دول العالم قوانين تتحكم في تفاصيل حياتهم اليومية وحركتهم، ورغم رفض الأغلبية الساحقة من الجمهور لهذه القوانين، إلا أن سيطرة المؤسسة الحاكمة بتقلبات تسمياتها وأحزابها منعت أي تغيير جذري، ولهذا فإن الحديث عن "قوانين أكراه" يعكس واقع الحال في إسرائيل.
ومن هذه القوانين، مثلا، قوانين الحلال والحرام في مختلف أصناف الطعام، بما في ذلك الخضراوات والفواكه التي يصل تحليلها وتحريمها في حالات معينة، إلى مكان زراعتها وفترة قطافها، وصولا إلى اللحوم.
كذلك هناك القوانين التي تمنع حركة المواصلات العامة في أيام السبت والأعياد ويفرض في بعض المناطق حظرا شاملا على أي نوع من الحركة، يضاف إليها قوانين السبت المتعلقة بالحركة التجارية، وما هو مسموح وما هو محظور، وهذه قوانين في حالة تصادم دائم مع الجمهور الواسع.
ولكن من أشد القوانين التي يجري الصراع حولها مسألة "من هو يهودي"، إذ أن الشريعة اليهودية تلزم بأن يكون اليهودي من أم يهودية، حتى لو كان والده غير ذلك، ولكن العكس لا يصلح هنا، وليتبع هذا قوانين الزواج، ومن ثم منع الزواج المدني في داخل إسرائيل، والاعتراف بزواج كهذا فقط في حال عقد خارجها.
وجرت على مر السنين محاولات شعبية وبرلمانية كثيرة لتخفيف حدة هذه القوانين وإلغاء بعضها، ولكن الأغلبية العلمانية الائتلافية في كل واحدة من الدورات البرلمانية كانت تمنع هذه المحاولات، من أجل مسايرة الأحزاب الدينية ومنع خروجها من أي ائتلاف حاكم يؤدي إلى انهيار تلك الحكومات.
ودائما كانت الأحزاب اليسارية رأس الحربة في محاولات التغيير هذه، ولكن في السنوات الـ 18 الأخيرة، ومع وصول موجات الهجرة الضخمة، خاصة من دول الاتحاد السوفييتي السابق، تغير طابع هذا الصراع، إذ أنه نشأ جمهور جديد يفوق عدده مليون نسمة، في حالة اصطدام مباشر مع هذه القوانين التي تفرض عليه نمط حياة لم يعهدها من قبل ويصعب عليه التأقلم معها.
وأمام وضع كهذا، كان لزاما على كل حزب ناشئ يمثل المهاجرين الجدد، أن يطرح في برنامجه بنودا تتعلق بمحاربة جزء من هذه القوانين والعمل على تغييرها، وبشكل خاص في ما يتعلق بمسألة "من هو يهودي"، ومسألة الزواج المدني.
بموازاة ذلك، ونتيجة لسلسلة من العوامل، فإن أحزاب المهاجرين الكبيرة اتبعت مسارا يمينيا متشددا، ومن أبرز العوامل، عوامل خارجية تصل إلى ما اصطلح على تسميتهم "الطغمة المالية" وسلاطين المال اليهود، الذين مراكزهم في روسيا وغيرها، ومن بينهم من له علاقات مباشرة مع عصابات المافيا، وهذا رغم انه لا يمكن القول إن أجواء اليمين المتطرف هي السائدة بين جمهور المهاجرين على المستوى الشعبي الواسع.
وأبرز مثال على هذا، هو حزب "يسرائيل بيتينو" اليميني المتطرف، بزعامة العنصري المتشدد أفيغدور ليبرمان، فإضافة إلى مواقفه العنصرية المتشددة، فإنه يواجه منذ سنوات تحقيقات واسعة، اشتدت في الأيام الأخيرة، تتعلق بالحصول على أموال غير مشروعة وتبييض أموال، تصل أطرافها إلى المافيا الروسية.
والجديد في الدورة البرلمانية المقبلة، أن هذا الحزب اليميني المتشدد، الذي تتوقع استطلاعات الرأي تنامي قوته البرلمانية بشكل ملحوظ سيكون مطالبا أكثر من أي وقت مضى إجراء تغييرات وتعديلات في هذه القوانين، وخاصة قانون الزواج، الأكثر إلحاحا لدى المهاجرين الجدد، إذ أن المؤسسة الدينية اليهودية ما تزال ترفض الاعتراف بيهودية مئات الآلاف منهم.
وهذا يعني أن "يسرائيل بيتينو" من المفترض أن يكون رأس حربة في الصراع مع القوانين الدينية، لينتقل الصراع بهذا إلى داخل المعسكر اليميني المتشدد، الذي يستند في معركته السياسية إلى الأحزاب الدينية المتشددة، وليس من المستبعد، أنه في حال التقت جميع هذه الأحزاب في ائتلاف حكومي واحد وهذا وارد جدا، فإن الصراع المفترض بينها سينتقل إلى داخل الائتلاف، مما سيتسبب في شرخ واضح فيه، إذ أن على "يسرائيل بيتينو" بعد 10 سنوات من تواجده في الحلبة السياسية، ومضاعفة قوته بأكثر من ثلاثة أضعاف، وبعد أن يصبح القوة الثالثة أو الرابعة في الكنيست، أن يسدد فاتورة التأييد الشعبي في هذا المجال بالذات.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر