إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



إسرائيل تنتخب اليوم "عهد الليبرمانية"

الثلاثاء 10/2/2009
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

لم تعد نتيجة الحزب الأكبر في الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري اليوم الثلاثاء هي الأهم، لدى ترقب النتائج النهائية للانتخابات، التي سنعرفها بشكل عام فجر غد الأربعاء، وبشكل نهائي مساء بعد غد الخميس، ففي كل الأحوال، وحسب استطلاعات الرأي، فإن رئيس الحكومة القادم سيكون زعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو، الذي حتى وإن حصل حزبه على أقل بمقعد واحد من حزب "كديما" بزعامة تسيبي ليفني، فإنه يرتكز إلى أغلبية واضحة لمعسكر اليمين المتشدد والأحزاب الدينية الأصولية، التي ستفضل حكومة برئاسته، بدلا من زعيمة "كديما" تسيبي ليفني، ولكن كل مفاجأة أخرى ورادة.
فالنتيجة الأهم في هذه الانتخابات، هي تلك النتيجة التي سيحصل عليها حزب "يسرائيل بيتينو"، بزعامة اليميني العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان، إذ تتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل على ما بين 16 إلى 19 مقعدا، من أصل 120 مقعدا، بعد أن كان له في الدورة المنتهية 11 مقعدا، ويبقى المجال مفتوحا أمامه نحو الأعلى وليس أقل من الحد الأدنى.
وعلى الرغم من أن ليبرمان أنشأ حزبه في العام 1999 بزعم انه حزب المهاجرين الجدد، وعلى أساس دعمهم وطد وجوده في الساحة البرلمانية، إلا أنه بدأ يحصل من عام إلى آخر دعما كبيرا من أوساط اليمين المتشدد والمستوطنين، حتى بات هذا الجمهور هو القوة الأكبر التي تدعمه.
ولكن ليبرمان وطيلة الحملة الانتخابية، التي انتهت أمس الإثنين، لم يتطرق فيها إلى أي من الجمهورين ومطالبهما، مثل مطالب المهاجرين الذين يريدون تسهيلات في قوانين الزواج وتعريف اليهودي، وغيرها، أو مطالب المستوطنين الذين يريدون ضمان عدم انسحاب من أي جزء من فلسطين التاريخية، بل كان خطابه واحدا وحيدا، ضد فلسطينيي 48، والتهديد باقتلاعهم، واشتراط وجودهم بأداء قسم الولاء لإسرائيل، وما إلى ذلك من دعوات عنصرية، لا يمكن أن تجد لها تعريفا في قاموس السياسة في أي دولة طبيعية، إلا الإرهاب بعينه.
وعلى أساس عنصريته هذه، بدأ ليبرمان يسجل النقاط تلو النقاط حتى بات يهدد حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو، وحسب محللين لاستطلاعات رأي فإن ليبرمان نجح في اقتناص عشرات آلاف الأصوات التي كانت ستتوجه إلى الليكود.
إسرائيل التي ترصد حتى أصغر دول العالم وحتى أكبرها، إذا فيها أي حزب هامشي صغير من دون تأثير، يلوح بالعنصرية ضد اليهود، لتقيم الدنيا ولا تقعدها، فإن إسرائيل اليوم ترقص من حول ليبرمان، الذي وتيرة ازدياد قوته تذكرنا بأدولف هتلر وحزب النازية، الذي يتفوق عليه ليبرمان بأنه إضافة إلى كونه يحمل أفكارا إرهابية، فإنه أيضا متورط بشبهات حول ارتباطه بعلاقة متينة مع المافيا الروسية.
الأخطر من ليبرمان، هو أنه يلقى غزلا من المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، بنيامين نتنياهو، وتسيبي ليفني، دون أي تحفظ من خطابه العنصري، فمثلا قالت ليفني في الأيام الأخيرة إن كل ما ينطق به ليبرمان ويدعو إليه هو شرعي، بينما راح المستشار القضائي للحكومة بصفته أعلى هيئة في النيابة، ليقول إن دعوات ليبرمان لقتل أعضاء الكنيست العرب تندرج في إطار حرية التعبير، أما نتنياهو فلم يترك الساحة من دون إطلالة مميزة، ليعلن أنه لا يستبعد تعيين ليبرمان وزيرا للحرب، لربما لفسح المجال أمامه لتطبيق شعاره القديم، "نسف طهران وسد أسوان"
ورغم ذلك، فليس من المستبعد وفي حال حصول ليبرمان على عدد مقاعد كبير، أن يقرر "فجأة" البقاء خارج أي تشكيلة حكومية، إذا لم يحصل على ما يريد من حقائب وانجازات سياسية عنصرية، ولكن قوته البرلمانية ستكفل له تحقيق ما يسعى له من تشريعات وإجراءات عنصرية، حتى وهو خارج الحكومة.
قد يذكر التاريخ المانيا بعهد النازية فيها، وايطاليا بعهد الفاشية، ولكن إسرائيل المعروفة كدولة تطبيق للمشروع الصهيوني، تنحدر في هذه الأيام إلى منحدر خطير، وحضيض أكثر عمقا، نحو "الصهيونية الليبرمانية"، هذه هي إسرائيل القرن الـ 21.
لا حاجة للبحث عن أسباب تنامي هذه الظاهرة، لأن كل الأسباب التي قد ترد هنا ستكون أسبابا رئيسية وليدة مرحلة، وبينما السبب الأساسي وهو الأهم، أن هذه النتيجة الحاصلة أمامنا اليوم هي نتيجة حتمية للسياسة العنصرية، التي اتبعتها إسرائيل منذ أيامها الأولى اعتمادا على الأيديولوجية الصهيونية العنصرية أساسا، فالعنصرية كالحرب، قد تعرف كيف تبدأ، ولكن من الصعب أن تعرف كيف ستنتهي، والعنصرية بدأت منذ زمن وهي تنمو وتتفشى، ولكن التاريخ علم أن كل نظام عنصري تفاقمت عنصريته سينهار حتما، وعلى إسرائيل إن لم ترغب بالنظر إلى نموذجي المانيا وايطاليا، يكفي أن تنظر إلى نموذج أقل منها، جنوب أفريقيا.
فلسطينيو 48 قرروا، أن القلق من تنامي العنصرية لا يعني إطلاقا الخوف، فقد تخطوا مراحل قد تكون أصعب، وعلى رأسها محاولات الاقتلاع من الوطن مباشرة بعد النكبة، وعلى مدى سنوات، وهم جاهزون للتصدي، فمنهم من رفع شعار: هذا وطن لا وطن لنا سواه، لذلك، فإن لنا بقاء نحميه ومستقبل نبنيه، على أرض الآباء والأجداد.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر