إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ليبرمان وزير خارجية إسرائيل

الجمعة 13/3/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

من المتوقع أن يعرض زعيم حزب "الليكود" الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حكومته الجديدة في الأسبوع المقبل على الكنيست طلبا للثقة، وسط مؤشرات الأيام الأخيرة التي تشير إلى أن نتنياهو سيشكل حكومة يمين متشدد ضيقة، ترتكز على أغلبية برلمانية من 65 نائبا، من أصل 120 نائبا، وهي أغلبية وفق اللعبة البرلمانية الإسرائيلية، ضئيلة وهشة، خاصة على ضوء التناحرات المرتقبة في حكومة كهذه، على خلفيات اقتصادية اجتماعية، وعلمانية دينية وغيرها، رغم توافقها السياسي على الصعيد الخارجي.
وحسب ما يتأكد من سلسلة التقارير الصادرة عن أروقة تشكيل الحكومة الجديدة، فإن نتنياهو قرر إسناد حقيبة الخارجية للعنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان، وهذا ليس من منطلق "أخف الشرّين" من ناحية نتنياهو، الذي رفض تسليمه حقيبة المالية أو الحرب، وإنما بقصد بث رسالة واضحة للعالم بأسره، مفادها أنه ليس لدى هذه الحكومة أي شيء تحاور أي طرف بشأنه: لا مفاوضات ولا مسارات.
ونتنياهو ليس بحاجة لتطرف ليبرمان، ولا لذلك النائب الجديد، عضو حركة "كاخ" الإرهابية المحظورة أميركيا، وشكليا في إسرائيل، لكي يتمسك بمواقف رفضية لأي مبادرة سياسية، ومفاوضات سياسية مع الجانب الفلسطيني، أو مع سورية وغيرها، بل هذه هي أجندة نتنياهو وحزبه "الليكود"، التي كانت في صلب برنامج الحزب الانتخابي، في انتخابات الشهر الماضي.
فنتنياهو، وكما ذكر أكثر من مرّة، يرفض المفاوضات السياسية جملة وتفصيلا، وأقصى ما يوافق عليه، هو إجراء مفاوضات اقتصادية مع الفلسطينيين، "بهدف تحقيق ازدهار اقتصادي للفلسطينيين"، بمعنى عملية تتطلب سنوات وإن لم تكن أجيالا، وفق المنطق الطبيعي لهدف كهذا.
قيل ويقال وسيقال الكثير عن ليبرمان ونتنياهو واليمين المتشدد، وحركات الإرهاب الاستيطانية، التي باتت تتغلغل أكثر من أي وقت مضى في المؤسسة الإسرائيلية، وزاد وزنها في آلية اتخاذ القرار، ولكن تعيين ليبرمان يعكس أيضا مدى الوقاحة والعربدة الإسرائيلية والحركة الصهيونية، فهي تجيز لنفسها ما رفضته في دول أخرى في العالم، وخاصة دول أوروبية.
ونذكر ما فعلته إسرائيل تجاه النمسا في فترتين مختلفتين، الأولى لدى انتخاب الرئيس النمساوي كورت فالدهايم، شنت إسرائيل عليه حملة دولية شرسة، وكانت مقاطعة إسرائيلية للنمسا، بزعم أن فالدهايم كان ضابطا في الشرطة النمساوية في فترة النازية، رغم أن فالدهايم تبوأ أرفع منصب دبلوماسي عالمي، السكرتير العام للأمم المتحدة، لمدة عشر سنوات.
ثم شنت إسرائيل حملة أشد شراسة، لدى تعيين يورغ هايدر وزيرا في الحكومة النمساوية في سنوات التسعين من القرن الماضي، بسبب مواقفه العنصرية ضد الأقليات والمهاجرين، وسحبت إسرائيل سفيرها من فيينا لسنوات.
ولكن نذكر أيضا أن لهجة إسرائيل والوكالة الصهيونية إلى جانبها كانت أخف وطأة وبكثير، تجاه العنصري الفرنسي جان ماري لوبان، المرشح الأسبق للرئاسة الفرنسية، بإدراكها أن عنصرية لوبان ليست موجهة ضد الفرنسيين اليهود.
لا يوجد عنصرية أخف، وعنصرية أشد، فالعنصرية واحدة لا تفاوت فيها، ولكن إذ قارنا بين الأفكار العنصرية والبرنامج العنصري واضح المعالم الذي يتبناه ليبرمان، لنجده أشد خطورة من كل العنصريين الذين "أقلقوا" مزاج الصهيونية العالمية، في السنوات الأخيرة، لأن المهاجر الروسي ليبرمان ينادي باقتلاع أصحاب الوطن من وطنهم ومن أراضيهم، ويدعو جهاراً في كل مناسبة متاحة، إلى سفك دماء شعب بأكمله ولقادته السياسيين.
بطبيعة الحال لا يمكن انتظار أي تغيير في المؤسسة الإسرائيلية التي تعتبر الخطاب الإرهابي الذي يطلقه ليبرمان يندرج في إطار حرية التعبير الإسرائيلية، ولهذا فإن السؤال الآن بات موجها بالأساس إلى الأسرة الدولية برمتها، فهل من المعقول أن تفتح أبوابها لتستقبل رمز العنصرية الإسرائيلية الشرسة ببدلة دبلوماسية؟.
إن السؤال الأول في امتحان الأسرة الدولية في هذه المرحلة، في كل ما يتعلق بملف الصراع الشرق الأوسطي، في ظل متغيرات المناخ الدولي، مع تبدل الإدارة في البيت الأبيض، سيتمثل بشكل التعامل مع العنصري "الدبلوماسي" أفيغدور ليبرمان.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر