إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



قلق إسرائيل والصهيونية من تناقص اليهود

السبت 14/3/2009
برهوم جرايسي- "العرب" القطرية

أعلن زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" الإسرائيلي، الإرهابي المتطرف أفيغدور ليبرمان، في الأيام الأخيرة، أنه اتفق مع المكلف بتشكيل حكومة جديدة، زعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، على إقرار قانون يفسح المجال أمام حملة الجنسية الإسرائيلية خارج إسرائيل بالتصويت للكنيست.
وعلى الرغم من أنه قيل صراحة أن هذا القانون يهدف إلى تقليل وزن فلسطينيي 48 السياسي، إلا أن المشروع أثار حفيظة الأوساط الصهيونية الأخرى، التي تعتبر قانونا كهذا، جرى طرحه في الماضي، إضفاء شرعية لهجرة اليهود من إسرائيل، من ناحية، وتوجيه ضربة إضافية لمحاولات تحفيز أبناء الديانة اليهودية في العالم، للهجرة إلى إسرائيل من ناحية أخرى.
وقد طرح هذا الجدل من جديد، هاجس العامل الديمغرافي، الذي يقلق إسرائيل والحركة الصهيونية برمتها، وهذا على ضوء استمرار تراجع أعداد اليهود في مختلف أنحاء العالم، باستثناء إسرائيل، على ضوء اندماجهم المتواصل بديانات شعوبهم التي يعيشون بينها في أوطانهم، في حين أن إسرائيل تواجه استمرار تراجع الهجرة اليهودية إليها، التي باتت توازي الهجرة من إسرائيل.
إذ تشير التقارير الإسرائيلية الرسمية، إلى أن عدد أبناء الديانة اليهودية في العالم اليوم، بما في ذلك إسرائيل، 13,232 مليون نسمة، بزيادة بنسبة 4,7% فقط، عما كان عليه عددهم في العام 1970، حين كان عددهم 12,63 مليون نسمة، وتتوقع التقارير ذاتها أن يزداد عدد اليهود حتى العام 2020، أي بعد 12 عاما، بنسبة 4,5%، وكل هذه الزيادة، تأتي من إسرائيل وحدها، أما في باقي العالم فإن عدد اليهود سيتراجع باستمرار.
ولكن القلق الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو تراجع أعداد المهاجرين اليهود اليها باستمرار في السنوات الأخيرة، فبينما وصل إلى إسرائيل في كل سنوات التسعين الماضية مليون شخص، فقد وصل من العام 2001 إلى العام 2005 قرابة 142 ألف شخص، ومنذ العام 2006 وحتى العام 2008 وصل إلى إسرائيل قرابة 51 ألف شخص، وكان العام الماضي 2008 قد سجل أدنى مستوى لهجرة اليهود إلى إسرائيل، إذ بلغ عددهم 13681 شخصا.
ولكن تدني أعداد المهاجرين لم يعد هو المشكلة الوحيدة التي تواجهها إسرائيل، التي تعتمد على الهجرة من أجل لجم تزايد نسبة فلسطينيي 48، بل هناك مشكلة عادت لتظهر من جديد، وهي تزايد أعداد المهاجرين من إسرائيل، الذين بلغ عددهم في العام 2006 قرابة 13 الف شخص.
ومسألة الهجرة من إسرائيل، تبقى الأكثر ضبابية، لأن المؤسسة الحاكمة، وعلى مدى عشرات السنين، لا تريد الاعتراف بأزمتها هذه، فحسب المقاييس الإسرائيلية يجري اعتبار الشخص مهاجرا من إسرائيل في حال غادرها لأكثر من عام، دون أن يعود لها ولو لأيام قليلة، وحسب تقديرات تقرير لديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية صدر قبل أشهر قليلة، فإنه خلال ستين عاما، هاجر من إسرائيل قرابة مليون شخص، وحسب نفس التقديرات فإن من بينهم حوالي 800 ألف شخص ما زالوا على قيد الحياة، ولكنهم مسجلون في السجل السكاني في إسرائيل، وحتى في سجل الناخبين.
أما تقرير دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، الذي صدر قبل نحو أسبوعين، فإنه يتحدث عن قرابة 700 ألف شخص غادروا إسرائيل خلال ستين عاما، ومن بينهم قرابة 580 ألفا ما زالوا على قيد الحياة، ولكن ما يثبت أن معطيات الدائرة أقل من الحقيقة، هو تقرير آخر للدائرة ذاتها، حول نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الشهر الماضي، فقد أشارت الدائرة إلى أن نصف مليون شخص من الذين يشملهم سجل الناخبين مقيمين خارج إسرائيل بشكل دائم.
بمعنى أن نصف مليون، يضاف إليهم ما لا يقل عن حوالي 200 ألف شخص من أبناء العائلات التي هاجرت، ولكنها مسجلة في سجل الناخبين.
وإذا ما اعتبمدنا معطيات الهجرة من إسرائيل في العام 2006، المشابهة لمعطيات 2005، وقريبة جدا لتقديرات معطيات العام 2007، فإن عدد المهاجرين إلى إسرائيل يطابق تقريبا عدد المهاجرين منها، وهذا يعني أن الهجرة لم تساهم في زيادة عد اليهود في إسرائيل في العام الماضي.
وهذا الاستنتاج هو بمثابة فشل للهدف الذي وضعته الوكالة الصهيونية قبل أربع سنوات، وهو أن يكون عدد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل بقدر يسد الفجوة في النسبة المئوية، الحاصلة بين الولادات لدى فلسطينيي 48، واليهود في إسرائيل.
فنسبة فلسطينيي 48 الحقيقية، بعد خصم مواطني القدس المحتلة، وهضبة الجولان السورية المحتلة من الإحصائيات الرسمية، هي 17% من مجمل السكان، ولكن نسبتهم من بين الولادات هي 26% وبعد خصم ولادات القدس والجولان، تكون نسبة المواليد العرب 24%.
لقد تسببت هجرة السنوات الثماني عشر الأخيرة في لجم زيادة نسبة فلسطينيي 48، وحتى تخفيضها من مجمل السكان، ولولا تلك الهجرة لكانت نسبتهم اليوم وحدهم، من دون القدس والجولان 20%، ولكانت نسبتهم من بين ذوي حق التصويت بدلا من 13% اليوم، حوالي 15%.
اليوم بلغت إسرائيل خط النهاية في مشروع الهجرة إلى إسرائيل، والأعداد التي تصل سنويا تعتبر هامشية، أمام ما تتوخاه المؤسسة الصهيونية، وتشير كافة التقارير إلى أنه لا يمكن لإسرائيل والوكالة الصهيونية تكرار موجات الهجرة التي شهدتها في السنوات السابقة، لأن أكثر من 90% من اليهود خارج إسرائيل يعيشون في دول مستوى المعيشة فيها أعلى من مستواه في إسرائيل.
هذه ليست مجرد أرقام ونسب مئوية وإحصائيات، بل هذه الحقيقة التي تقف من وراء كافة المخططات العنصرية الخطيرة التي يتم إعدادها في أروقة المؤسسة الإسرائيلية، بهدف التخلص من "كابوس" فلسطينيي 48، ومحاولة اقتلاعهم من وطنهم بأشكال مختلفة، خاصة وأن هناك تقارير تتحدث عن أن نسبة فلسطينيي 48 في العام 2050 قد تصل إلى 40%.
إلا أن ما يقلق المؤسسة الصهيونية ليس العام 2050، وإنما أن يبدأ فلسطينيو 48 تخطي نسبة 20% من السكان.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر