إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



الإرهاب "حرية تعبير" في إسرائيل

الخميس 26/3/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

لم تكن أية مفاجأة أو حدث غير عادي في مدينة أم الفحم، ثاني مدن فلسطينيي 48، هذا الأسبوع، حين تصدت المدينة ومناصروها لمسيرة عناصر إرهابية من مستوطنين الضفة الغربية أرادت دخول المدينة، وحين رد العسكر والشرطة الإسرائيلية بوحشية معهودة على آلاف المتظاهرين من المدينة وخارجها، الذين هبوا للدفاع عن كرامة بلدتهم ومنعوا دخول المسيرة إلى أم الفحم.
ومن المؤكد أن المؤسسة الإسرائيلية لم تتفاجأ ولم تصب "بصدمة" هذا الأسبوع، وهي ترى صلابة موقف فلسطينيي 48، في التصدي للاستفزاز، وأن آلاف قنابل الغاز المسيل للدموع، التي كانت تتسابق مع زخات المطر لئلا يتلاشى مفعولها بمياه الأمطار، لم تنفع في صد وقمع المواجهة، لأن المؤسسة بات لديها تجربة غنية، وتعرف أن معركة البقاء لدى الفلسطينيين ليست قضية مساومة، وهي خط النار، وليس فقط احمر.
وبعد أيام سينتهي الحديث عن معركة أم الفحم 2009، في انتظار حدث آخر، ومواجهة أخرى مع المؤسسة الإسرائيلية، في محاولاتها لاختبار نبض فلسطينيي 48 بين حين وآخر، لتجد مجددا أنه "نبض لا يهدأ... يحطم القيد تلو القيد"، وينهض من جديد.
ولكن هذه مناسبة لتتكشف فيها وجوه جديدة للعنصرية الإسرائيلية، التي باتت أكثر من أي وقت مضى تحصل على شرعية جميع مستويات الحكم، وعلى رأسها الجهاز القضائي.
فالمسيرة التي جرت يوم الثلاثاء الماضي بادر إليها عناصر حركة "كاخ" الإرهابية، التي يحظرها حتى القانون الأميركي، كما أن القانون الإسرائيلي حظرها في العام 1994، في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، بيد الإرهابي عضو حركة باروخ غولدشتاين، وبموجب القانون الإسرائيلي فإنه كان يجب حظر أي نشاط لهذه العناصر، التي تواصل نشاطها مجاهرة بانتمائها لهذه الحركة، لا بل إن الحركة عادت إلى الكنيست من خلال النائب الإرهابي ميخائيل بن آري، بعد التحالف مع تكتل لأحزاب مستوطني الضفة الغربية.
وبعد أن رفضت الشرطة الإسرائيلية ترخيص المسيرة، نظرا لمعرفتها المسبقة بما ستؤدي له في أم الفحم، توجه المبادرون إلى أعلى مرتبة قضائية في إسرائيل، التي تسمى "محكمة العدل العليا"، ورأت "العدالة" الإسرائيلية، أن مسيرة استفزازية لعناصر إرهابية من المفترض أنها محظورة، تندرج في إطار حرية التعبير وحرية العمل السياسي.
و"حرية تعبير" الإرهابيين في إسرائيل لم تقتصر على هذه القضية، بل إن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، وبصفته المدعي العام الأعلى، قرر في عدد كبير من الحالات، أن دعوة أعضاء كنيست عنصريين لقتل النواب العرب وإعدامهم، أو لترحيل فلسطينيي 48 من وطنهم، أو وصف العرب بالديدان والأفاعي السامة، كل هذا يندرج في إطار حرية التعبير، ولهذا لا تجوز محاكمة مطلقي هذه التصريحات، رغم وجود قوانين في كتاب القوانين الإسرائيلي تحظر مثلا، الدعوات للطرد الجماعي.
ونرى اليوم أن الدعوة للطرد الجماعي باتت برامج انتخابية لأحزاب مختلفة، بصياغات واضحة، وإن لم تكن مباشرة، إن كان في الانتخابات البرلمانية، أو في الانتخابات للمجالس البلدية والقروية، كما أن هذا الخطاب بات الأكثر رواجا في الشارع الإسرائيلي، وموضوعا حواريا في برامج "الدردشة" الإسرائيلية.
كل المؤشرات تؤكد أننا لم نصل بعد إلى ذروة العنصرية الإسرائيلية، التي ترتكز على مبادئ الأيديولوجية الصهيونية، ولا مخاطرة في الرهان على أن المستقبل ينذر بأخطار كثيرة سيواجهها فلسطينيو 48 في مواجهتهم للعنصرية الإسرائيلية، ولكن ما يمكن الاطمئنان له دائما، واستنادا للتجربة الغنية الممتدة على مدى 61 عاما، أن فلسطينيي 48 قادرون على المواجهة والتحدي بأساليبهم هم، التي تضمن بقاءهم وترسيخ انتمائهم الوطني على الأرض، التي لا أرض لهم سواها، وهم يدفعون باستمرار ثمن هذا، من خلال تضييق ظروف الحياة والملاحقات السياسية والسجون، ولكن كل هذا يرخص أمام مهمة وهدف البقاء.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر