إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



مطلوب سفن لنقل اليهود


الأحد 24/5/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

طلعت علينا وسائل الإعلام الإسرائيلية في نهاية الأسبوع الماضي، بنبأ نتائج "استطلاع" أجرته جامعة تل أبيب، يبلغنا أن 23% من اليهود سيفكرون في مغادرة إسرائيل، في حال توصلت إيران إلى إنتاج سلاح نووي، ويخال لنا أن الابتسامة العريضة ظهرت في طهران وتل أبيب على حد سواء، وكل لأسبابه، أما نحن فيحق لنا أن نقلق، ولنا أسبابنا.
ولطالما تحدثنا عن سياسة الاستطلاعات الإسرائيلية، واستخدامها كوسيلة لبلورة الرأي العام في إسرائيل، أو من أجل بث رسائل إسرائيلية إلى الخارج، تندرج ضمن المخططات الإسرائيلية السياسية الإستراتيجية، فبالإمكان عبر هذه النتيجة أن نقرأ طبيعة السؤال الذي طرح على المُستطلع: "هل ستفكر بمغادرة إسرائيل في حال أنتجت إيران سلاحا نوويا؟".
ولم يُطرح سؤال كهذا، إلا من باب الحصول على نسبة كهذه أو أكبر لتنخرط في الحملة الإسرائيلية، التي تستهدف بالأساس ليس المشروع النووي الإيراني، وإنما فرض أجندتها على العالم، التي تتضمن بندا واحدا: إيران، دون سواها، من أجل حجب النظر عن القضية الأساس للصراع في الشرق الأوسط.
والتقاء مصالح غريب عجيب هنا بين إيران وإسرائيل، فإيران التي تسعى لبسط نفوذ أكبر في الشرق الأوسط، من خلال دغدغة عواطف الشعوب التي تشهد يوميا جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، تستثمر حملة الترهيب الإسرائيلية التي تشنها على الجمهور في إسرائيل وعلى العالم، للاقتناع بأن لديها ما يدمر وما يبيد.
والتدمير والإبادة في الشرق الأوسط لا يمكنه أن يطال جهة واحدة، لأن العلم حتى الآن لم يصل بعد إلى مستوى خارق لإنتاج سلاح نووي أو بيولوجي قادر على التمييز بين القوميات والأديان وغيرها.
ولا حاجة لخيال كبير لنعرف ما هو رد فعل المجموعة الحاكمة في إيران على نتائج مزعومة لاستطلاع بائس كهذا، فالابتسامة تصبح مزدوجة حين تكون إيران على أبواب انتخابات رئاسية جديدة، أحد نجومها أحمدي نجاد، الذي كلما تفوه "بإبادة إسرائيل"، زاد لإسرائيل نقاطا على مستوى الرأي العالمي، ونقاطا أخرى لتعزيز حملتها السياسية العالمية.
"نظرا لضيق الوقت"، لم يكن بالإمكان معرفة كم من زعيم في العالم، وكم من زعماء إسرائيل لم يناموا تلك الليلة التي تلت صدور نتائج الاستطلاع، قلقا على 23% من اليهود الإسرائيليين، الذين سيفكرون بالهجرة من إسرائيل في حال توصل نجاد إلى سلاح نووي، فالمسألة وما فيها 1,3 مليون يهودي، سينتشرون في العالم مجددا، "تاركين إسرائيل تغرق في بحر العرب"، ولربما أن الحماسة قادت للتفكير في كيفية نقل هؤلاء بين ليلة وضحاها، لهذا فقد نرجو إيران بأن تنتج سفنا قادرة على نقل عشرات الآلاف دفعة واحدة، وهذا إلا إذا ظهر نجاد لنا مجددا مع تلك المقولة القديمة: "جوع يا سمك البحر"، حين قررت إذاعة القاهرة في خمسينيات القرن الماضي، رمي اليهود في البحر، لتحرير فلسطين.
أما قلقنا نحن، فهو من عودة وتأجيج حرب الأوهام التي ضحيتها الكبرى هي فلسطين، قضية وشعبا، وتخدم بالأساس المشروع الصهيوني، لهذا فإن إسرائيل هي أول من تبث الأوهام، أو أول من تتلقف الأوهام الخارجية لترويجها، إذا ما ساهمت في تغييب القضية الأساس عن رأس أولويات الحوار العالمي، لتصبح القضية الفلسطينية: قضية احتياطية، تدخل بين الحين والآخر على الأجندة العالمية.
إن الخطر الأكبر الذي يتهدد الشرق الأوسط هو السياسية الإسرائيلية بقديمها وحاضرها، والمشاريع المكثفة التي يتم تنفيذها على أرض الواقع لتدمير أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
وحتى على المستوى النووي، فلا أخطر من المشروع النووي الإسرائيلي، ومشاريع الأسلحة غير التقليدية، التي تطورها بعيدا عن الأنظار، وهذا الخطر لا يكمن فقط في المخزون الخطير، أكثر من 200 رأس نووي جاهز للاستخدام، وإنما مفاعل ديمونة النووي بحد ذاته، الذي يؤكد خبراء إسرائيليون أنه يشكل خطرا حقيقيا على الشرق الأوسط نظرا لطول عمره ووضعيته الداخلية والتصدعات التي يشهدها.
أضف إلى هذا، وكما "بشرنا" شمعون بيرس، فإن إسرائيل بدأت في استخدام تقنية النانوية، من أجل إنتاج أسلحة غير مرئية، وهذا عدا معاهد إنتاج الأسلحة البيولوجية في "نس تسيونا" وغيرها.
للمرّة الـ.... يجب التأكيد على أن القضية الفلسطينية لا تستطيع تحمل أجندات خارجية، والشعب الفلسطيني أحوج ما يكون إلى عالم مؤازر متضامن مع قضيته الأساس، ومسار نضالي وحدوي واضح الرؤية قادر على قيادة الشعب الفلسطيني إلى حل قضيته بكل جوانبها.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر