إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



حقيقة المناورات الإسرائيلية

الأربعاء 3/6/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

أجرت إسرائيل هذا الأسبوع مناورة كبيرة للدفاعات "المدنية"، تركزت في الأساس في إمكانيات السيطرة على الجبهة الداخلية، وقدرة طواقم "الدفاع المدني" على القيام بمهماته خلال الحرب وتساقط الصواريخ على الجبهة الداخلية.
وحسب ما أعلنته إسرائيل فإن هذه أكبر مناورة في تاريخ إسرائيل، ولكن حكاية "أكبر مناورة" شهدناها أيضا في العام الماضي، وشملت في حينه جاهزية الدفاعات المدنية على المستوى القيادي الميداني وحتى القيادي الأعلى وصولا إلى الحكومة.
والمناورات في إسرائيل، على شتى أنواعها العسكرية وغير العسكرية، تجري عدة مرات في السنة، وليس كلها يخرج إلى الإعلام، ومنها ما يتم الإعلان عنه بعد انتهائه بأيام، وهذا نهج قائم طيلة عشرات السنوات، لدولة ترتكز على سياسة الحرب والاحتلال وديمومة شعلة الصراع.
ومما لا شك فيه أن لهذه المناورة "الكبيرة" خلفيات من الماضي القريب، وبشكل خاص الحرب على لبنان، وأيضا الحرب على قطاع غزة، إذ يجري في هذه المناورات تنفيذ ما تم استخلاصه من عبر في الحروب الأخيرة، على إثر تساقط صواريخ على الجبهة الداخلية.
إلا أن إسرائيل قررت مرّة أخرى استثمار هذه المناورة لصالح سياستها، ولترويج مزاعمها وكأن كيانها تحت خطر الزوال، وهي تضطر للقيام بخطوات غير مألوفة "للدفاع عن نفسها"، أو القول، "إن على العالم أن يتعامل بجدية مع الأخطار التي تواجهها إسرائيل، وها هي تعد نفسها لكل طارئ".
ولم يتوقف الاستثمار عند حد الترويج السياسي، بل أيضا عند الترويج الاقتصادي الحربي، فإسرائيل كإحدى أكبر دول العالم المصدرة للأسلحة والمعدات الحربية، دعت ممثلين عن 70 دولة في العالم لمتابعة المناورات، والهدف واضح، هو إبراز القدرات الإسرائيلية ولترويج معداتها وأسلحتها، بمعنى أنها حولت المناورة "الكبرى" إلى معرض عسكري مفتوح لغرض إبرام صفقات تجارية عسكرية.
وعلى الرغم من كل هذا، فإننا نشهد أنفسنا مرّة أخرى أمام جوقات تهويل وتضخيم من جهات عربية، لتتحدث لنا عن أن إسرائيل "مرعوبة" بعد "هزيمتها الكبرى" في لبنان، ولهذا فهي تسارع لهذه المناورات من أجل تحصين نفسها من "الخطر الداهم".
وراح أحدهم ليحدثنا عبر إحدى الشاشات التلفزيونية عن أن إسرائيل استدعت 70 خبيرا عالميا ليساعدونها في الاستعداد وتنفيذ المناورة، في حين أن المبتدئ في الاطلاع على السياسة الإسرائيلية وأساليبها يدرك حقيقة أن إسرائيل لا تسمح حتى لأكثر الدولة قربة إليها، الولايات المتحدة، بالتدخل في شؤونها العسكرية على كافة المستويات.
من غير الممكن السكوت على استمرار هذا المشهد، وهو أنه في كل مرّة تباشر فيها إسرائيل بحملة "علاقات عامة" لتزعم أن كيانها تحت خطر الإبادة، نجد في المقابل من يدعم هذه المزاعم، رغم انه من المفروض أن يكون في طرف الضحية للسياسات الإسرائيلية الحربية.
وكما يبدو فإن إسرائيل باتت مطمئنة لنجاح حملاتها الإعلامية هذه، لأنها تستعين في مرحلة ما أيضا بحملات التهويل الموازية من أجل دعم ما تدعيه أمام الرأي العام العالمي.
والمعادلة السخيفة البادية، هي أن "الثورية" باتت تقاس بقدر ما تضخم من حجم المقاومة أيا كانت، وبقدر ما تحدث عن قرب نهاية إسرائيل، وأحيانا حين نجلس أمام مثل هذه الندوات التلفزيونية، تبدأ بالتفكير بالهرب نحو ملجأ يحميك من جحافل جيوش قد تقفز لك من شاشة التلفزيون، التي قد يحطمها صراخ ذلك "الخبير العسكري"، الذي هو أمثاله أبادوا إسرائيل أسبوعيا، منذ أن بدأت الفضائيات بالانتشار في صالونات بيوتنا.
ومرّة أخرى نجد أنفسنا مضطرين للحديث مجددا عن أن المسألة ليست رفع معنويات الضحية، لأن الرسائل المتسترة من وراء حملات التطبيل والتزمير هذه، تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية على الورق لهذا التنظيم السياسي أو ذلك في أكثر من حلبة عربية، في حين أن واقع الميدان يؤكد أن إسرائيل دولة معتدية تنفذ جرائم حرب ضد الإنسانية.
ومقاومة السياسة والنهج الإسرائيلي لا يمكن أن يكون من خلال الزفات التلفزيونية أو مهرجانات الألوف، أو من خلال استعراضات عسكرية باتت أقرب إلى مهرجانات الترفيه، فهذا ساهم كثيرا في بث حالة الإحباط في الشارع الفلسطيني، وهي أيضا من مسببات حجب المقاومة الشعبية العامة، العنصر الأهم والأقوى بامتياز في مواجهة المحتل.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر