إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



يحق للإرهابي اليهودي ما لا يحق للبشر

الأربعاء 10/6/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

قدمت النيابة الإسرائيلية يوم الأحد الأخير لوائح اتهام ضد 12 شابا من أبناء مدينة شفاعمرو، ثاني مدن فلسطينيي 48، وجريمتهم، حسب القاموس الإسرائيلي، أنه "تسببوا" بمقتل منفذ المجزرة التي وقعت في المدينة، في الرابع آب (أغسطس) من العام 2005، والتي سقط فيها أربعة شهداء وعدد كبير من الجرحى.
ومرتكب المجزرة، هو مستوطن إرهابي يدعى نتان زادة، جاء من مستوطنة "تفوح" في الضفة الغربية، التي تعترف أوساط إسرائيلية بأنها من أكبر أوكار إرهاب المستوطنين في الضفة، وجاء إلى شفاعمرو في مساء ذلك اليوم ليقتل أكثر ما يمكن من عرب، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الإسرائيلية بدأت بتنفيذ خطتها لإخلاء مستوطنات قطاع غزة.
ووقعت تلك المجزرة في فترة كثرت فيها الاعتداءات الإرهابية على الفلسطينيين في شطري الوطن، إن كان في مناطق 1948، أو في مناطق 1967، في محاولة لتفجير الوضع بين الفلسطينيين والأجهزة الإسرائيلية ليعيق هذا عملية اخلاء مستوطنات القطاع.
ملابسات تلك المجزرة كانت واضحة، وهو أن الإرهابي حاول قتل أكثر ما يمكن من عرب، أما المتواجدين في المكان فارتكبوا "جريمتهم الكبرى" بأن منعوا ذلك الإرهابي من أن يقتلهم، بموجب المفاهيم الإسرائيلية، إذ انقض عليه الشبان لمنعه من مواصلة الجريمة، وكما يبدو فإنه مات بفعل التدافع.
وعلى الرغم من هول الجريمة والمجزرة، إلا أن إسرائيل الرسمية بقيت إسرائيل التي نعرفها، فبعد بضعة أيام من بيانات الاستنكار الرسمية في محاولة لامتصاص الغضب، تكشفت حقيقة الموقف الإسرائيلي الرسمي، القائل بأن الجريمة ليس تلك التي ارتكبها ذلك الإرهابي ضد العرب، بل تلك التي ارتكبها من كان من المفترض أن يكونوا ضحايا آخرين في تلك المجزرة وفلتوا، وبات الإرهابي ضحية، والضحايا إرهاب.
فور وقوع المجزرة، وقعت والدة الإرهابي بزلة لسان تؤكد الحقيقة، وسرعان ما تراجعت عنها لاحقا، وقالت إنها كانت تعرف أن ابنها يخطط "لشيء كبير" وحذرت جيش الاحتلال من ابنها وخطورته على المجتمع، ولكن أيا من المسؤولين عنه لم يلتفت لهذا التنبيه، وكما يبدو فهذا لم يكن مجرد خطأ أو صدفة، بل هناك من عرف وساعد على التنفيذ، وهذا بحد ذاته يكشف كبر المؤامرة.
فبعد 13 يوما من تلك المجزرة، ارتكب إرهابي آخر من إحدى مستوطنات الضفة الغربية مجزرة أخرى سقط فيها ثلاثة من عمال الضفة الغربية وأصيب آخرون حين كانوا في مكان عملهم، أيضا لنفس الهدف، وسارعت السلطات الإسرائيلية لتدعي أن الإرهابي مختل عقليا.
والوقاحة الإسرائيلية لا تعرف لها حدود، ففي جلسة سابقة للمحكمة للنظر في تمديد اعتقال شبان مدينة شفاعمرو، وكنت حاضرا لها، وقف ممثل الشرطة الإسرائيلية أمام القاضي ليقول إن التهمة المواجهة لهؤلاء الشبان هي "جريمة القتل المتعمد عن سابق إصرار وترصد".
للحقيقة أن ملامح وجه القاضي اليهودي كانت تشير إلى ذهول مما يسمعه، فكيف من الممكن أن يتم التخطيط مسبقا وأن يتم الترصد في عملية موت كهذه، لشخص جاء ليرتكب مجزرة ويقتل أكثر ما يمكن من الناس.
ولكن القاموس السياسي الإسرائيلي توجهه عقلية لا أقل إرهابا من أولئك الإرهابيين، وبموجب هذا المنطق، فإنه يحق للإرهابي اليهودي ما لا يحق لغيره من البشر، وفقط في حال كان ضحاياه من العرب.
في الأيام الأخيرة شهدنا جرائم كثير ارتكبها المستوطنون ضد فلسطينيي 48، وكل يوم نسمع عن ضحايا جسدية، وخسائر مادية خاصة زراعية، من الصعب تقييمها حتى الآن، ولكنها تدميرية من الدرجة الأولى ولمسنا في نفس الوقت كيف أن سلطات الاحتلال تتعامل مع المستوطنين المجرمين كعادتها بقفازات من حرير، وهذا أيضا يفسر تلك العقلية التي قررت توجيه لائحة اتهام ضد شبان شفاعمرو.
كما يبدو من التحركات الأولية التي ظهرت أمس، فإن فلسطينيي 48 امام معركة شعبية، من الصعب منذ الآن معرفة كيف ستتطور، لأن لوائح الاتهام هذه تسجل ذروة رسمية جديدة لعنصرية إسرائيل، في مرحلة تتصاعد فيها باستمرار الحملة العنصرية على فلسطينيي 48.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر