إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



المخفي والمعلن في الصادرات العسكرية الإسرائيلية

السبت 6/6/2009
برهوم جرايسي- "العرب" القطرية

تعتبر إسرائيل الدولة الرابعة في العالم في حجم صادراتها العسكرية إلى العالم، على مختلف أنواعها، وفق معطيات وزارة الحرب الإسرائيلية، التي تأخذ بالحسبان أيضا صفقات تطوير الطائرات والمدرعات وغيرها لدى جيوش دول في العالم، ولكن يبقى في هذا الملف جانب مخفي، قد نعرف بعض خطوطه العريضة، وهو أن إسرائيل باعت أسلحتها و"خدماتها العسكرية" لطرفي نزاعات عديدة في العالم، إن كانت صراعات على خلفيات اثنية أو سياسية أو حتى تلك المتعلقة بعصابات الإجرام وتهريب المخدرات.
وفي الآونة الأخيرة، وبالتزامن مع الهجوم الأخير للجيش السريلانكي ضد نمور التاميل، كشفت صحيفة "هآرتس" بخبر صغير وحتى هامشي، عن أن إسرائيل باعت السلاح في مراحل معينة إلى طرفي النزاع في سريلانكا.
وقالت الصحيفة، إن إسرائيل كانت على مدى سنين مزودة أساسية للأسلحة في سريلانكا، في إشارة واضحة إلى أن الأسلحة كانت تباع للحكومة السريلانكية ونمور التاميل في آن واحد، عبر وكلاء بيع أسلحة إسرائيليين، علما انه حسب القانون الإسرائيلي فإن جميع الوكلاء الإسرائيليين يعملون بترخيص خاص من وزارة الحرب الإسرائيلية.
وأضافت هآرتس، أن سلسلة من التقارير التي نشرت في العالم تحدثت عن أن وكلاء بيع أسلحة إسرائيليين توسطوا وأبرموا صفقات أسلحة مع مجموعات "نمور التاميل"، إلا أن المؤسسة الإسرائيلية لم تعلق على الأمر.
ويتبين أن إسرائيل استغلت في سنوات الثمانين الحظر الدولي على بيع أسلحة لسريلانكا، "لتسد الفراغ"، وهذا الأمر فعلته أيضا ما بين سنوات الثمانين والتسعين في بورما، وكشفت تقارير سابقة، نشرت في إسرائيل وخارجها، عن أن إسرائيل درجت على تزويد الأسلحة لكل دولة جوبهت بمقاطعة دولية وحظر بيع الأسلحة لها، مثل نظام الطاغية الأسبق في الأرجنتين بينوشيت، الذي ارتكب المذابح بحق شعبه.
وقبل فترة نشرت الوزيرة الإسرائيلية السابقة شولميت الوني، مقالا قالت فيه، إنه حين أرادت طرح مسألة بيع الأسلحة لنظام بينوشيت على جدول أعمال الكنيست تم إسكاتها، وحتى أن وزير المالية في حينه هددها بإسكاتها كليا، حسب ما كتبت.
ويقول أحد الكتاب الإسرائيليين في مقال له، "إن صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية الإسرائيلية ليست دائما مصدر اعتزاز"، ويستعرض أسماء العديد من الدول والعصابات الاجرامية التي باعتها إسرائيل الأسلحة "والخدمات العسكرية والأمنية"، وبشكل خاص كولومبيا التي نشطت فيها شركات إسرائيلية بين أخطر العصابات هناك وزودتها بالاسلحة والتدريبات وغيرها، بينما كانت شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية تبيع الأسلحة في عدة أحيان إلى الحكومة الكولومبية.
أما مسألة "وكلاء أسلحة"، أو ما يسمى بـ "شركات حراسة" و"شركات للاستشارة العسكرية"، فهي منتشرة في أنحاء مختلفة من العالم، ويقف على رأسها بالأساس جنرالات وكبار ضباط في جيش الاحتلال وفي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية المختلفة، وحسب الأنظمة الإسرائيلية فإنه يحظر على أي من هذه الشركات العمل في المجال الأمني بشتى أنواعه، من دون الحصول على ترخيص من وزارة الحرب الإسرائيلية مباشرة.
وكثرت في السنوات الأخيرة التقارير التي كشفت عن الدور الإجرامي لهذه الشركات في العالم، ومن أبرزها دورها في تدريب عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية وبيعها السلاح، والأمر نفسه كان أيضا في افريقيا مع مجموعات انفصالية في دول مختلفة في العالم، ومن بينها دول الشرق الأقصى.
ويقول المحلل الإسرائيلي المختص بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، يوسي ميلمان في مقال سابق له، "إن تجار الأسلحة الإسرائيليين منفلتين في العالم ويتسببون بإسم سيء لإسرائيل، لا يوجد تقريبا أي مواجهة عسكرية أو صراع عرقي أو حرب أهلية في العالم، لا يوجد فيها طرف إسرائيلي، وأحيانا في كلا طرفي النزاع، مثل تجار أسلحة ومستشارين أمنيين ومرشدين وحراس إسرائيليين".
ويتابع ميلمان كاتبا، "إنهم يبيعون أسلحة من إنتاج إسرائيلي، ومنها الأسلحة المستعملة، وتقريبا كل يوم تصل إلى إسرائيل طلبية لشراء أسلحة ومعدات، وغالبيتها عبر وسطاء الأسلحة الإسرائيليين". وتتلقى هذه الشركات والوسطاء مبالغ خيالية من الذين يطلبون خدماتهم.
وتقول وزارة الحرب إن الصادرات العسكرية الإسرائيلية منذ العام 2000 وحتى العام 2007 بلغت قرابة 30 مليار دولار مجتمعة، لتضع إسرائيل في المرتبة الرابعة بعد الولايات المتحدة الأميركية ثم روسيا وفرنسا.
إلا أن التدريج الدولي الخارجي يضع إسرائيل في مرتبة أدنى، مع 11 مليار دولار في السنوات السبع تلك، وتقول إسرائيل إن هذا لا يشمل صفقات تطوير الطائرات والطائرات من دون طيار والمدرعات وأجهزة الرصد وغيرها، ولكن كما يبدو أيضا فإن المبلغ الإجمالي لا يشكل صفقات لا يتم الإعلان عنها على المستوى الدولي، وهي تلك التي تتجه نحو عصابات الإجرام الدولي.

وتسعى إسرائيل إلى تنمية قطاعها الحربي الاقتصادي، خاصة وأنه حسب ما قاله مدير عام واحدة من أكبر شركات تطوير الأسلحة الإسرائيلية، شركة "رفائيل"، فإن قطاع الصناعات الحربية لا يتأثر بالأزمات الاقتصادية في العالم، وحتى أن لدى الشركات الإسرائيلية مخزون طلبات أسلحة بقيمة إجمالية قد تفوق 20 مليار دولار للأعوام المقبلة عدا عما يتم ابرامه تباعا، وأن هذه الشركات تعمل بشكل دائم على تجنيد عمال لدها، في الوقت الذي تتفاقم فيه البطالة في إسرائيل.
ولا تترك إسرائيل مناسبة إلا واستغلتها من أجل ترويج أسلحتها، فمثلا أجرت إسرائيل في الأيام القليلة الماضية مناورات ضخمة للدفاعات "المدنية" شملت البلاد كلها، وقد دعت إسرائيل لحضور هذه المناورات ممثلين عن 70 دولة، وكان من أهداف هذه الدعوة الاطلاع على آخر التقنيات والمعدات الإسرائيلية بهدف ترويجها في الأسواق العسكرية العالمية.
لا يكفي أن إسرائيل مصدر الصراع الشرق أوسطي، وانعكاسات العالمية، بل إنها بؤرة لرفع لهيب نزاعات دولية وإقليمية، طالما أن هذه النزاعات تدر عليها الأموال، وأيضا تفسح لها المجال لموطئ قدم في مناطق مختلفة من العالم، في إطار محاولات إسرائيل ليكون لها تأثير أكبر على الساحة الدولية.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر