إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



سمات جديدة في مواجهة عنصرية المستوطنين

الجمعة 5/6/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

كما كان متوقعا، وبعد أن استقرت هيئات الكنيست الإسرائيلي بعد الانتخابات، وبدأت عملية التشريع على المستويين الحكومة
والكنيست، فقد تم استئناف طرح مشاريع القوانين العنصرية الموجهة أساسا، وحتى كليا ضد فلسطينيي 48، وهذا بعد أن سجلت الدورة البرلمانية السابقة ذروة غير مسبوقة في كمية القوانين العنصرية التي أقرت الهيئة العامة للكنيست غالبيتها من حيث المبدأ، ومنها القليل من انتقل إلى مراحل تشريعية أعلى، ومن بقي من القوانين في المرحلة التمهيدية، فإن الدورة الحالية لا تعالجه إلا إذا طرح من جديد.
وكان أول القوانين، قانون يحظر إحياء ذكرى النكبة في نفس اليوم الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى قيامها، على أساس الشعار الذي رفعه فلسطينيو 48: "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وقد تبنت اللجنة الوزارية لشؤون التشريعات مشروع القانون الذي بادر إليه أحد النواب من حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان.
بطبيعة الحال فإن هذا القرار أعقبته ضجة صاخبة، وفي الحقيقة فإن الضجة لم تقتصر على فلسطينيي 48، الذين أعلنوا انه حتى لو تم إقرار القانون كليا، فإن أحدا لن يكترث به، وشملت معارضة القانون أوساطا إعلامية وقوى يسارية ويسارية صهيونية.
ولكن اللافت للنظر هو معارضة مجموعة من نواب ووزراء اليمين العقائدي، خاصة من حزب "الليكود" الحاكم، وهؤلاء رأس حربة في المواقف اليمينية المتشددة، في كل ما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي العربي، ورفضهم للدولة الفلسطينية ولأي انسحاب من أي من الأراضي المحتلة، ولكن لديهم خطوط حمراء في مسألة التعامل المدني مع الفلسطينيين.
وهذه المجموعة اليمينية تضم أسماء لامعة في الحلبة السياسية الإسرائيلية، مثل رئيس الكنيست رؤوفين رفلين، والوزيرين دان مريدو وبنيامين بيغين نجل رئيس الحكومة الأسبق مناحيم بيغين، ومنهم من يعلن عن نفسه أنه من إتباع واضع فكر حزب "حيروت" اليميني المتشدد جابوتينسكي، الذي أقيم على أساسه حزب الليكود، الذي دعا إلى ضمان حقوق "الأقليات" التي تعيش في إسرائيل، والمعارضة على هذا القانون من جانب قوى يهودية متنوعة ولم تكن كلها بدافع مبدئي ومن منطلقات حرية التعبير، بل هناك من رأى أن قانونا كهذا وغيره سيسبب لإسرائيل الحرج ويكشف أكثر طابعها العنصري، ولهذا فإن القانون الآن يعاد بحثه من جديد وقد يأتي بصيغة أخرى، بحيث أن تأثيره لن يكون ملموسا.
ولكن نواب "يسرائيل بيتينو" لم يتوقفوا عند هذا الحد، بل بادر أحدهم إلى طرح قانون يتشرط المواطنة الإسرائيلية بأن يوقع كل مواطن على تعهد يعترف فيه بإسرائيل "دولة يهودية صهيونية ديمقراطية"، وأن يخدم في الجيش الإسرائيلي أو في ما يسمى بـ "الخدمة المدنية"، وهنا وضع نواب "يسرائيل بيتينو" أيديهم في بيت الدبابير، حسب المقولة الشعبية، لأنه انضم إلى المعارضين على القانون الأول القوى الدينية الأصولية المتشددة، التي تعرف باسم "حريديم".
فالحريديم يعارضون الصهيونية من منطلقات دينية بحتة، فحسب الشريعة اليهودية ما كان يجب ان تقام دولة إسرائيل إلا بعد مجيء المسيح لأول مرة، ولكن منهم من يتعامل مع الكيان القائم ككيان مؤقت، ولكن من دون منحه صفة "المملكة الموعودة"، أضف إلى هذا أنهم يعارضون بغالبيتهم الساحقة الانخراط في الجيش من منطلقات دينية.
وكي لا يتوهم أحد، فهؤلاء يتبنون في نفس الوقت مواقف يمينية متشددة، ولكن لا يمكنهم تأييد قوانين تلزمهم بالاعتراف بالصهيونية والخدمة في الجيش.
المشهد الحاصل هو أن الأوساط العنصرية المنفلتة، وبالأساس تلك التي تخرج من أوساط عصابات المستوطنين الإرهابية، قرأت نتائج الانتخابات بشكل مبالغ فيه، ولهذا فقد بدأت تكشف أكثر عن حقيقتها، وهي بطبيعة الحال لن تتوقف عند عدائها للعرب، بل أيضا ضد كل من يناقض افكارها في داخل المجتمع اليهودي.
لطالما حذر فلسطينيو 48 وقوى يسارية مناهضة للصهيونية في إسرائيل من أن عنصرية المستوطنين وعصابات المتطرفين لا يمكنها أن تتوقف عند العداء للعرب، بل ستصل أيضا إلى داخل الشارع الإسرائيلي كما رأينا هذا أكثر من مرة، وصلت في إحداها إلى اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلي، وقبل اغتيال نشاط سلام، وغيرها من محاولات الاغتيال.
إن اضطرار الحكومة سحب تبنيها لقانون النكبة ورفضها لقانون المواطنة، لا يعني أن المعركة ضد التشريعات العنصرية قد انتهت، وأن كل التشريعات العنصرية ستلقى نفس المصير، على العكس تماما، والدورة البرلمانية الحالية ستشهد مثل هذه التشريعات بوتيرة عالية، وهذا ما يستوجب اليقظة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر