إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



عن حكاية "فقط" الإسرائيلية

الاثنين- 29/6/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

تكثف الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، من نثر مزاعم عما تسميه "بتسهيلات" للفلسطينيين، مثل رفع حواجز، وتجميد البناء في المستوطنات، ورفع الحظر عن بعض المنتوجات الأساسية لتدخل إلى قطاع غزة، وغيرها الكثير، ولكن كل بيان من هذا النوع، أو "تقرير حَصْري" لإحدى الصحف الإسرائيلية الكبرى، كان يتم تذييله بكلمة "فقط"، إلا أنه من ناحيتنا فإن كل الحقيقة تكمن في كل ما يتبع كلمة "فقط" الإسرائيلية.
ففي الأيام الأخيرة، تصر صحيفة "هآرتس"، في تقريرين لمراسلها لشؤون الاحتلال، "استقى" معلوماته فيهما من أجهزة الاحتلال، على أن جيش الاحتلال أزال عشرات الحواجز العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، ولم يبق سوى "16 حاجزا عسكريا مأهولا فقط" في الضفة، وحتى أن الصحيفة راحت تزف لنا "بشرى" أن مدة السفر بين مدينة جنين في شمال الضفة الغربية، ومدينة رام الله التي تبعد عنها 70 كيلومترا، "فقط" ساعة ونصف الساعة، رغم أن المسافة لا تحتاج إلى كل هذا الوقت.
والحقيقة الميدانية في الضفة الغربية تكشفها المنظمة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة "أوتشيه"، التي تصر على أنه ما زال في الضفة الغربية 630 حاجزا عسكريا، من بينها 68 حاجزا "مأهولا"، منها 38 حاجزا في الضفة الغربية وعند جدار الفصل العنصري، الذي في غالب مساره يتوغل في قلب الضفة، إضافة إلى 30 حاجزا مأهولا في منطقة غور الأردن.
وسبب الفرق في المعطيات واضح، وهو أن الاحتلال يطالبنا بأن نقرأ معطياته وفق تفسيراته الجغرافية، فالضفة الغربية من ناحيته لا تشمل القدس المحتلة ولا منطقة الغور، كما أن حدود الضفة الغربية هي تلك التي يرسمها لنا جدار الفصل العنصري، الذي يقتطع مساحات شاسعة من الضفة، وبالتالي فإن كل الحواجز التي تقع في هاتين المنطقتين، وعند جدار الفصل العنصري، هي "حواجز مشروعة" بموجب قاموس إسرائيل الإحتلالي.
فقط للتذكير، فإن الحديث عن إزالة الحواجز العسكرية قائم منذ سنوات، وتكثف في العام 2007، وما بعده، في ظل المفاوضات بين القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية، وفي كل مناسبة كانت تتعهد إسرائيل بإزالة قسم كبير منها، ولكن المعطيات تشير إلى اتجاه معاكس، فعند تولى إيهود باراك منصب وزير الحرب في حكومة إيهود أولمرت السابقة، في شهر تموز (يوليو) من العام 2007، كان في الضفة الغربية المحتلة قرابة 530 حاجزا وساترا وفاصلا لشوارع ومداخل بلدات، وقبل عام تبين أن العدد ارتفع إلى 573 حاجزا، واليوم تؤكد لنا منظمة تابعة للأمم المتحدة (أوتشيه) عن 630 حاجزا، والأرقام تحكي كل شيء.
وحكاية "فقط" الإسرائيلية تسري أيضا على الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، فكثرت مؤخرا الأنباء الإسرائيلية التي تزعم انها جمّدت البناء في المستوطنات، وأنها "فقط" تواصل المشاريع التي بدأت قبل تولي حكومة بنيامين نتنياهو مهامها، أو أنها كانت على وشك البدء مع بدء عمل الحكومة، ولكن "فقط" هذه تتعلق بآلاف مؤلفة من البيوت الاستيطانية التي هي في مراحل مختلفة من البناء، عدا أن في جعبة الحكومة مشاريع أقرتها حكومة إيهود أولمرت السابقة لبناء 15 ألف بيت استيطاني، منها ما هو قيد الإنشاء.
وهنا أيضا، حين يقول نتنياهو أنه التزم بعدم بناء مستوطنات جديدة، وأنه سيبني "فقط" ما يلبي احتياجات ما يسمى بـ "التكاثر الطبيعي" لمجتمع استيطاني أصلا غير طبيعي، فإنه يبني بذلك أحياء استيطانية أضخم بكثير من بناء مستوطنات جديدة.
وحين يقول نتنياهو إنه التزم بعدم مصادرة أراض فلسطينية لغرض الاستيطان، والبناء "فقط" عما هو قائم من الأراضي، فهذا على الأغلب لأنه لم تبق أراضي للمصادرة، والاحتلال يسيطر على عشرات آلاف الدونمات لغرض الاستيطان يسميها لنفسه "مناطق نفوذ المستوطنات"، التي تأخذ "شرعيتها" من حكومة الاحتلال والقوانين التي يسنها لنفسه.
ولكن ليس إسرائيل وحدها حبكت لنا حكاية "فقط"، فهناك "فقط" فلسطينية، "وفقطنا" هي أن الفصائل الفلسطينية تتحاور في ما بينها من أجل الوحدة، "فقط" منذ عام وعامين وثلاثة أعوام، "فقط".

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر