إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



بقاء ورحيل ليبرمان.. الحال واحد


الجمعة 7/8/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الاردنية

مرّة أخرى تقف إسرائيل بقوة أمام فساد سلطتها، فالشرطة توصي بتقديم لائحة ضد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ولربما ستكون الأخطر ضد مسؤول سياسي إسرائيلي في السنوات الأخيرة، إذ قد تصل أذرعها في نهاية المطاف إلى جهات دولية مشبوهة بالجرائم الدولية، وهذا بعد أسبوعين من إصدار محاكم إسرائيلية حكمين على وزيرين بالسجن لعدة سنوات على كل منهما، بتهم الاختلاس وتلقي الرشاوى.
واستباقا لأي "انبهار زائد" بنزاهة القضاء الإسرائيلي، أو حتى السلطة الإسرائيلية برمتها، أكرر ما جاء في مقالة سابقة، وهو أن الحالة القائمة في سدة الحكم في إسرائيل في كل مسألة الفساد، هي أشبه بحرب عصابات، فالكل يعرف عن الكل، ولكل واحد دوره، وما يساند هذا الاستنتاج، هو الكم الهائل من المسؤولين ومنتخبي الجمهور في إسرائيل الذين مثلوا أمام المحاكم الإسرائيلية، وفرضت عليهم أحكام مختلفة.
إلا أن قضية ليبرمان، وخاصة على ضوء خطورتها، تطرح أسئلة ذات أبعاد على مستقبل حكومة بنيامين نتنياهو، من جهة، واختبارا لمدى تغلغل جهات الإجرام وأذرعها في جهاز القضاء، من جهة أخرى.
لقد خاض أفيغدور ليبرمان الانتخابات البرلمانية، على رأس حزبه "يسرائيل بيتينو"، بحملة انتخابية عنصرية موجهة ضد فلسطينيي 48، أساسا، ولكن أيضا تحت شعارات تدعو لتخفيف حدة القوانين الدينية، والسماح بالزواج المدني وغيره، معبرا عن أفكاره العنصرية في الشق الأول، ومسايرا لجمهور المهاجرين الجدد في الشق الثاني، وكان هذا أحد أسباب تحقيقه قفزة كبيرة في تحصيله الانتخابي وفوزه بـ 15 مقعدا، بدلا من 11 مقعدا في الانتخابات السابقة، من أصل 120 مقعدا.
أما بعد الانتخابات، ومع بدء المشاورات لتشكيل حكومة بنيامين نتنياهو، أظهر ليبرمان أجندة أخرى، حافظ فيها على الشق العنصري، ولكنه أبدى تساهلا كبيرا في الشق المدني الثاني، إلى درجة التنكر له، وهذا كي يتسنى له وضع يده على الحقائب الوزارية ذات العلاقة بالشرطة وجهاز القضاء، فحصل على حقيبة "الأمن الداخلي" المسؤولة عن الشرطة وأسندها لنائب من حزبه، وحينما حاول الحصول أيضا على حقيبة القضاء، ثارت ضجة كبيرة، واكتفى بحل وسط، وهو أن يتم تعيين شخص من خارج الأحزاب شرط أن يرشحه بنفسه، وكان المحامي يعقوب نئمان المعروف بعنصريته.
و"لتكتشف" الساحة الإسرائيلية لاحقا، أن نئمان أيضا يتوافق مع ليبرمان ومعهما رئيس الحكومة نتنياهو، بضرورة ضرب جهاز القضاء في عدة مستويات، بداية جرى تعديل لجنة تعيينات القضاة، بحيث أن كل ممثلي الحكومة والمعارضة هم من المستوطنين وأشد المتطرفين، وجميعهم مقربين من ليبرمان، وكان هذا بمثابة رسالة إلى المحكمة العليا، وبعض جيوب التوجهات اليسارية في جهاز القضاء.
كذلك فإن نئمان يعمل على تغييرات في القوانين والأنظمة، تضرب صلاحيات المحاكم والمحكمة العليا، وغيرها من أذرع جهاز القضاء في مختلف الوزارات والمؤسسات الرسمية.
وهذا كله لم يكن صدفة، بل محاولة للسيطرة على الجهاز الذين ستكون مهمته ملاحقة ليبرمان بالجرائم التي ارتكبها، ومن المثير جدا مراقبة كيف ستتطور قضية ليبرمان على خلفية هذه الحقائق.
في الجانب السياسي، فإن حزب ليبرمان هو "حزب الرجل الواحد"، وصاحب القرار الوحيد هو ليبرمان نفسه، وهو الذي يقرر بكل كبيرة وصغيرة ، ولهذا فإن مسألة بقاء الحزب أو انسحابه من الائتلاف الحاكم ستكون مرتبطة بقرار من ليبرمان شخصيا، وبموجب ما تتطلبه مصلحته الشخصية.
ولكن في حال استقالة ليبرمان وبقاء حزبه في الحكومة، وهذا هو السيناريو الأقوى حتى الآن، فإن ليبرمان سيبقى حاضرا يمسك بجميع الخيوط، من وراء الكواليس أو حتى أمامها، وقد كانت تجربة كهذه في السنوات السابقة، حين استقال ليبرمان من الكنيست ليكون وزيرا فقط، ثم انسحب من الحكومة، ليفقد عمليا حضوره البرلماني، والأهم من هذا، أن خروج ليبرمان لن يغير شيئا من سياسة الحكومة، كون سياسته تنسجم انسجاما تاما مع سياسة نتنياهو وحزبه "الليكود".
على أي حال، فإن القرار النهائي بشأن تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان سيستغرق أشهر طويلة، ولا نستغرب ما إذا استغرق الأمر عاما كاملا، أو ما يقارب ذلك.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر