لقاء الاحزاب الشيوعية والتقدمية في المكسيك:
قوة جدية وموقف موحد ضد الامبريالية الامريكية



إستضاف حزب العمل والحزب الثوري في المكسيك اللقاء السنوي التقليدي للاحزاب الشيوعية والتقدمية في امريكا الجنوبية ولمدة ثلاثة ايام من الابحاث والمداخلات والمحاضرات.
وشارك في اللقاء ممثلون من اكثر من ستين دولة ومئات المندوبين من المكسيك وامريكا الجنوبية والوسطى بالاساس. ومثّل الحزب الشيوعي في هذا اللقاء الهام الرفيق محمد نفاع امين عام الحزب والرفيق بيدرو عضو المركز ودائرة العلاقات الخارجية. صحيح ان موضوع اللقاء كان تحت عنوان: دور هذه الاحزاب في التأثير على المجتمع، الا ان الامر الابرز تركز حول النضال ضد الامبريالية الامريكية على وجه الخصوص.
المكسيك دولة كبيرة يتجاوز سكانها المئة مليون نسمة ويعيش في العاصمة نيومكسيكو اكثر من عشرين مليونا. وقد جاء المحتلون الاسبان الى المكسيك سنة 1515م، وقتلوا وشردوا الملايين من الشبان خاصة، وتم اغتصاب النساء بأعداد هائلة ونشأ خليط من هذا التزاوج القسري بين السكان الاصليين والمتدخلين الاسبان.
والمكسيك دولة غنية من حيث المطمورات والمعادن وخاصة البترول، حيث يوجد في خليج المكسيك احتياطي هائل من النفط، وفي المكسيك حكومة دمى موالية للامبريالية الامريكية كما قال احد المحاضرين وتجري سرقة النفط من قبل الشركات الامريكية بأثمان بخسة جدا، وهذا يؤثر على مستوى حياة الجماهير الشعبية بالاضافة الى الاستغلال الطبقي، مما سبب ان اكثر من عشرين مليونا من السكان هجروا وطنهم الى الولايات المتحدة جارة المكسيك وسالبة خيراتها وعرق ابنائها.
وهناك ست عائلات تتحكم في اقتصاد البلاد، وثاني اغنى اغنياء العالم هو مكسيكي، ولذلك فان عشرين مليون انسان يعيشون على اجرة دولارين في اليوم. وقد ارتكبت العديد من المجازر ضد الشعب والطلاب على يد الطغَم التي حكمت البلاد.
ان احدى الملاحظات على هذا اللقاء ان نسيجه العام هو مشاركة المعادين للامبريالية الامريكية وبغض النظر عن الانتماء الفكري، فإلى جانب الاحزاب الشيوعية الماركسية اللينينية، وهو الامر الطاغي والحاسم في المشاركة، هنالك تجد احزابا وقوى تروتسكية وفوضوية وسفراء دول مثل ايران وليبيا وغيرها.
الامر الثاني – ان شعوب امريكا الجنوبية هي من اكثر الشعوب عداء للامبريالية الامريكية هذا ينسحب على البرازيل وتشيلي وفنزويلا وكولومبيا والاكوادور واورغواي وبرغواي وبوليفيا وعلى المكسيك في امريكا الشمالية وعلى العديد من دول امريكا الوسطى والكاريبي مثل كوبا، غواتيمالا، بنما، سلفادور، هندوراس، جامايكا، غودلوب.. لأن هذه الشعوب هي ضحية من ضحايا الامبريالية الامريكية.
والملاحظة الثالثة – ان عددا كبيرا من الاحزاب والقوى السياسية المشاركة ابدت اندهاشا كبيرا من هذا التشابه الموحد بين الشيوعيين اليهود والعرب في اسرائيل وبين ممثلي الشعب العربي الفلسطيني!! هذا الامر الطبيعي جدا بالنسبة لنا يبدو غير مفهوم لدى العديد من الناس هناك، وهذا يحتم على الحزب الشيوعي تقوية صلاته مع هذه الاحزاب الشيوعية والتقدمية.
برز ذلك في الاهتمام والتقدير الكبيرين لمداخلة الحزب الشيوعي في اللقاء، حين وقف ايضا سفير فنزويلا قائلا: الشيوعيون اليهود والعرب في اسرائيل والفلسطينيون هم مثل رائع في الاممية، وان الاممية صفة مميزة لليسار الحقيقي بينما العنصرية تنبت على نظم الاستغلال. ووقفت احدى النساء العريقات في السن والنضال قائلة: كل الشعوب في امريكا اللاتينية وغيرها هي اممية.
اما الامر الرابع فهو هذا التضامن الكاسح والرائع من قبل الشعب المكسيكي مع الشعب العربي الفلسطيني ونضاله وحقه العادلين. وقد تميز هذا اللقاء بوضوح الموقف والحيوية والامثلة العينية الصارخة على جرائم الامبريالية الامريكية في تلك القارة وخارجها، وبرز التضامن مع الشعب الايراني واللبناني والعراقي بالاضافة الى الشعب الفلسطيني. وللمعارضة وزن جدي في المكسيك وتنشط في الاعلام والحضور في الشارع. ففي الثامن عشر دعت الى مظاهرة ضد نهب النفط وبالرغم من الاستعداد لعطلة العيد هناك شارك مئات الالوف في المظاهرة، الامر الذي فاجأ المنظمين انفسهم.
شاهدنا في المكسيك انتخابات داخلية للمعارضة حيث جرت في الساحات وجوانب الشوارع تحت قبة السماء بشكل منظم جدا. في العديد من دول امريكا اللاتينية – مثل بوليفيا – تكون قاعدة القوى التقدمية من الهنود – السكان الاصليين – والنساء والفلاحين، والـ "يسميسو" أي هذا الخليط الملون – وهي القطاعات المظلومة والمستغَلة.
العديد من الاحزاب استغلت اللقاء لتدعو الى مناسبات كفاحية، ففي الارجنتين ينظم هناك يوم ذكرى ميلاد تشي جيفارا والذي اصبح رمزا نضاليا عالميا. وفي المانيا، يستعدون ليوم ذكرى استشهاد القائد الشيوعي كارل لبكنخت وروزا لكسمبورغ، وفي فنزويلا سيعقد قريبا جدا مجلس السلام العالمي في الشهر القادم.
هنالك انتعاش ملحوظ في الاحزاب الشيوعية والتقدمية، وهنالك قاعدة شعبية هائلة معادية للاحتلال والعدوان والاستغلال، حيث برز التضامن مع كوبا، وادانة حكومة كولومبيا ضد الاكوادور وفنزويلا، وكذلك التضامن مع الفيتنام وغيرها.
ويبقى التضامن الاممي معلْما هاما وحاجة ماسة لكفاح الشعوب ضد اعداء الشعوب.
محمد نفاع *
الأربعاء 26/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع