النضال ضد الصهيونية جزء مهم من النضال ضد الامبريالية



ظهور الصهيونية على المسرح التاريخي يتطابق من حيث الزمن مع تحول رأسمالية المزاحمة الحرة إلى إمبريالية. والحركة الصهيونية بايديولوجيتها، وممارستها، ونشاطاتها، تطورت وتنامت بحماية وتشجيع الحكومات في عدد من الدول الإمبريالية، وخاصة إنجلترا والولايات المتحدة ووضعت هذا التيار العنصري الشوفيني المـُشوِه لوعي الذات للأغلبية الساحقة، من اليهود، ليس فقط في إنجلترا والولايات المتحدة، وكذلك في روسيا القيصرية، وبعد ذلك في الإتحاد السوفييتي سابقا وروسيا حاليا وفي خدمة الإمبريالية العالمية.
فالصهيونية هي ايديولوجية البرجوازية اليهودية وممارستها السياسية، وهي إيديولوجية التعصب القومي البرجوازي اليهودي، والشوفينية، والعرقية، وأيضا تعاني من بسيخوزا إجتماعية، إنعكست سلبا على كامل المجتمع الاسرائيلي، وهذه السياسة تمارس سياسة موالية للإمبريالية العالمية، وخاصة الأمريكية وتعكس مصالح الأوساط الحاكمة الإسرائيلية والبرجوازية الكبيرة اليهودية، المتلاحمة مع أوساط رأس المال الإحتكاري العسكري والمصرفي والإعلامي العالمي وخاصة الأمريكي.
لقد دعم الساسة الإمبرياليون شعار إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين لأنهم أدركوا، بأن هذا المشروع يساعد في تحقيق خططهم وأهدافهم الرجعية البعيدة المدى سواء في الشرق الأوسط أو في البلدان التي تعيش فيها طوائف يهودية، من خلال عزل هذه الجاليات وإلغاء إمكانية تماثلهم مع مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.
ففي مذكرة الأركان العامة البريطانية بتاريخ 9 كانون الأول عام 1918 جاء ما يلي: إن إنشاء دولة يهودية حاجزة في فلسطين أمر مرغوب فيه بالنسبة لبريطانيا العظمى من النظرة الإستراتيجية.
وفي أمريكا منذ عام 1919 وضعت خطط ترمي الى تحويل فلسطين اليهودية الى حصن أمريكي في الشرق.
وهنا علينا أن نؤكد بأن الحركة الصهيونية منذ نشوئها كانت عدوا من ألد أعداء الماركسية. وبوصفها جزءا لا يتجزأ من الإيديولوجية الإمبريالية يشتد طابعها الرجعي العنصري الشوفيني أكثر فأكثر.. بقدر ما تتفاقم الأزمة العامة الرأسمالية. وما نشاهده في المجتمع الإسرائيلي من تحول يميني عنصري غيبي أصولي، لأكبر دليل على ذلك، وما إقامة الجدار العنصري العازل، الذي تجري إقامته إلا تعبير عن إنفصال العقائد الصهيوينة، والممارسة السياسية لحكومة إسرائيل – سفينة الأغبياء، إنفصالا متعاظما وعميقا عن الواقع الفعلي في العالم الراهن، حيث تحول العالم الى قرية صغيرة لاغية الحدود ومقصرة المسافات، وما قام به الشعب العربي الفلسطيني من تحطيم للجدار العازل بين قطاع غزة ومصر إلا تعبيرا عن تحول استراتيجي ضد هذا الفكر الصهيوني العنصري، خلقه وأبدعه الشعب الفلسطيني المحاصر. وكلي قناعة بأننا سنرى في المستقبل القريب وليس البعيد، إزالة كل الحواجز العنصرية، فليس بمقدور أية حجج أمنية وأية زخارف دعائية وأي تكتيك وأي دعم أمريكي أن يخفي الأزمة الحقيقية العميقة والمزمنة التي تعاني منها الإيديولوجية الصهيونية وسياسة العدوان التوسع والهيمنة الإسرائيلية، وزعماء الحركة الصهيونية العالمية، بما فيها جناحها العالمي الاشتراكي اليساري المزعوم.
في العصر الإمبريالي ألوان عديدة من العصبية القومية بدءا من الفاشية الصهيونية والشوفينية والأبارتهيد، والسوفييتية إنتهاء بالنزعة القومية المتسترة بالعبارات الماركسية، كما هو الحال في نظرية "الإستقلاق الثقافي القومي".
فأية عصبية قومية، أيا كان شكلها تعمق الصراع القومي.
ولذا "فالماركسية لا تعرف المهاودة مع العصبية القومية، حتى أكثرها "عدالة" و "نقاوة" و "مدنية" (لينين – ملاحظات إنتقادية حول المسألة القومية المجلد 24 – صفحة 131).
فالصهيونية هذه الظاهرة التي ولّدتها الإمبريالية، وهذا النوع الأشد إغراقا في الرجعية بين أنواع التعصب القومي البرجوازي اليهودي، وهي مركب أساسي والأكثر عدواني ورجعي في هذا العصر الإمبريالي وخاصة، الآن من خلال التماثل الكامل بين الإيديولوجية الصهيونية والمحافظين الجدد – كهنة الحرب ورأس المال.
وقرار مزوز بإلغاء ملفات قتلة شهداء أكتوبر إلا تعبير عن هذا المرض العضال الذي يسمى بالصهيونية.
فمن هنا النضال ضد الصهيونية وممارستها منطقيا وعالميا، جزءا هام من النضال ضد الإمبريالية العالمية.
المخرج الوحيد لإسرائيل، هو الكف عن أن تكون عنصرا غريبا في الشرق الأوسط، وأن تتقبل كونها جزء من هذه المنطقة من خلال الإندماج مع شعوب المنطقة والتعامل من منطلق التكافؤ والمساواة، والانسجام مع تطلعات وأماني شعوب المنطقة، وتحررها من الهيمنة الامبريالية، وهذا هو الحل الوحيد والممكن للمسألة اليهودية، ولقضية السلام في المنطقة. وعلينا أن نساهم ونساند عربا ويهود وتقدميين كل من وما يساهم في وضع حد للفكر الصهيوني وممارساته العنصرية الشوفينية.

(كفر ياسيف)

د. خليل إندراوس *
الأربعاء 26/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع