الاستيطان اولا



لقد عُرف الاستيطان منذ ان بدأ الاستعمار أي استعمار الدول العظمى للدول الضعيفة، فهذه الدول العظمى القوية عسكريا وسياسيا واقتصاديا دائما تبحث عن مصالحها المادية واطماعها المختلفة في شتى بقاع الارض بهدف تقوية اقتصادها وتعزيز مكانتها، وهذا يأتي عن طريق افتعال المشاكل والفتن بين ابناء الشعب الواحد حتى تصبح عندهم حجة ومبرر للتدخل سياسيا وعسكريا لفض الخلاف وحل المشاكل كما يدعون، لكن ما ثبت فعلا من احداث التاريخ ان هذه الدول العظمى لا تتدخل هنا وهناك لمصلحة هذه الشعوب الضعيفة او لأجل حقوق الشعوب بل لمصلحتها هي أي المصلحة الاقتصادية، فتدخلهم العسكري والسياسي يعطي لهم الفرصة بان يستوطنوا ويستقروا في هذه الاوطان الغريبة عن طريق بناء مقرات عسكرية لرعاية شؤونهم الخاصة وادارة مصالحهم الذاتية، وفي الواقع هذه المقرات العسكرية عبارة عن حلقة وصل بين الوطن المحتل والحكومة المحتلة، وايضا بناء ثكنات عسكرية للتدريب وبناء معتقلات لاعتقال مناهضي الاستعمار، فكل هذا البناء الذي ذكرناه يتم بعد الاحتلال والاستيلاء على اوطان الغير، فالاستيطان بمعناه الصحيح هو الاستيلاء على اراضي الغير والبناء عليها، أي سلب الارض ونهب الموارد، فالاستيطان هو عمل غير قانوني وغير شرعي بحسب كل الاعراف الدولية والمواثيق الدولية.
لحل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني هناك ثلاث قضايا مصيرية يجب حلها جذريا ونهائيا حتى نصل الى الدولة الفلسطينية وكل قضية مرتبطة بالاخرى، فحل قضية من هذه القضايا المصيرية يمهد الطريق لحل الاخرى ويعطي املا بوصول عملية السلام الى اهدافها ونهايتها وليس فقط مع الطرف الفلسطيني بل مع كل الاطراف العربية، وهنا علينا ان نذكر وللحقيقة والتاريخ ان هذه القضايا الذي اوجدها وخلقها هو الحركة الصهيونية، فقضية لاجئي شعبنا الفلسطيني التي اوجدتها هي الحركة الصهيونية، وايضا قضية الاستيطان على ارض شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة التي اوجدها الحركة الصهيونية، وايضا قضية القدس أي مسألة تقسيمها بين شرقية وغربية، فهذه القضايا تظهر بشكل جلي من المعتدي ومن المعتدى عليه ومن هو المجرم بحق هذا الصراع ومن ضحيته ومَن الذي يضع العراقيل امام التسوية السلمية.
لكن ما يهمنا هنا هو كيف من الممكن حل هذه القضايا، والتي بامكانها ان تحرك الوضع الاقتصادي عند شعبنا الفلسطيني الذي وصل الى حد الافلاس والمجاعة، وهذا هو لب الموضوع وهذا ما يجب ان نفكر فيه في المقام الاول، وفي اعتقادي ان القضية التي يجب ان نبدأ بخوضها وحلها جذريا والتي بامكانها تحريك الوضع الاقتصادي وانعاشه وبامكانها ان تمهد الطريق لحل باقي القضايا هي قضية الاستيطان، فتفكيك المستوطنات وتقليع المستوطنين وازالة كل الحواجز بدون استثناء يعطي لابناء شعبنا الحرية بالتنقل بحثا عن العمل وايضا نقل التجار لبضائعهم من والى الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهذه الطريق نتخلص من الاحتكاك الدائم والمقلق بين المستوطنين وابناء شعبنا، وايضا بازالة الحواجز يصبح الوطن الفلسطيني وطنا واحدا لا وطنين، فمن هنا بعد كل هذا التوضيح من الخطأ ان نفكر بقضية اخرى على ان تكون هي الاولى لخوضها، فقضية تقسيم القدس لن تحرك الوضع الاقتصادي، ومن ثم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين. فانعاش الوضع الاقتصادي لكلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي يبعث النشاط في النفوس ويعطي الامل بالوصول الى الهدف المنشود لقيام الدولة المستقلة. فالتخلص من الاستيطان اولا ومن هذا التبذير هو في مصلحة الشعبين.

(كفر ياسيف)

نايف محمد الحاج *
الخميس 27/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع