يافا أولا: السلطة تنوي اقتلاع 500 عائلة عربية منها



مدينة يافا العربية العريقة، عروس فلسطين ودرّة الشرق، الجنة، أم الغريب أو كما سماها الأخ المناضل شفيق الحوت "العنيدة"، هذه المدينة التي مهما وقع لها من ويلات ومصائب تعود لتزدهر من جديد   وكأنها عروس تبدّل أثوابها ولكن يبقى زيها عربياً شرقياً كما عهدناها دائماّ. تشهد يافا في السنوات الأخيرة هجمة شرسة من المتكالبين عليها من كل صوب وحدب، وكأنها فريسة سهلة المنال. الكل يطمع بها فالسلطة تريد كسب المزيد من خيراتها وأملاكها بعد أن حوّلت بياراتها إلى أحياء سكنية ومناطق صناعية، وبعد أن تحوّلت مقابر المسلمين فيها إلى فنادق كما هو حال مقبرة عبد النبي التي تحوّلت إلى فندق هيلتون، ومقبرة سلمه التي أصبحت حياً جديداً للقادمين الجدد ومقبرة يازور التي أمست طريقاً سريعاً  وتقلّصت أحياء مدينة يافا من 12 حي إلى ثلاثة أحياء هي: حي العجمي الذي تجمّع فيه سكان يافا الذين صمدوا على أرض الآباء والأجداد وهم  3900 نسمة من أصل 120 الف نسمة وهو عدد سكان يافا قبل النكبة وجنوب حي الجبلية والنزهة وهو من الأحياء الأكثر اختلاطاً في يافا. أما الأحياء الأخرى فنحن فيها كالضيوف كما هو الحال في حي البلدة القديمة، وهنا لا بد من توجيه نداء إلى أهلنا في عكا ونقول حافظوا على وجودكم وبقائكم في البلدة القديمة فهي كنز لا يقدّر بثمن.

* كصراع البقاء..
أصبح عمر النكبة 60 عاماً ونحن في يافا ما زلنا نعيشها في حياتنا اليومية ولا يمكن وصف ما يجري في يافا اليوم إلا كصراع بقاء ونحن ندفع عنا الغاصبين والمتآمرين والطامعين بالعروس التي لا مثيل لها بنظري في العالم. فبعد أن قامت بلدية تل أبيب ودائرة أراضي إسرائيل بهدم 3،126 وحدة سكنية في يافا بل قصور يافا وبعد أن تم طمر ما يقارب أل 200 دونما من أجمل شواطئ فلسطين تُطرح يافا في المزاد العلني وكأنها سلعة لا قيمة لها تاريخيا وسياسيا وثقافيا، يافا التي كانت محط أنظار العالم العربي والغربي، مركزا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، يافا التي حضرها الشعراء والكتاب والفنانين أمثال عباس محمود العقاد وطه حسين وميخائيل نعيمة وأم كلثوم  وفريد الأطرش تمسي سلعة تباع وتشترى بدون أي اعتبار وكما يقول المثل العامي "على عينك يا تاجر" والمستثمرون يدفعون بسخاء وبدون تردد الدولارات تصب في يافا كالمياه في النهر المتدفق.
في العام 1950 تم ضم يافا إلى تل أبيب هذه المدينة التي كما وصفها أحد الكتاب مدينة ولدت بعملية قيصرية مؤلمة من الأم يافا ولم تكن هذه القضية عبثية أو تهدف إلى تحسين وضع المدينة بل العكس وكان الواضح للجميع أن هدف الضم هو محو وطمس معالم يافا العربية والهوية العربية للمدينة عن الخارطة وكان نقاش طويل في السلطة في بداية الخمسينات حول مخطط لإزالة كل البيوت في يافا لبناء أحياء جديدة  وفي النهاية كان تنفيذ جزئي للمشروع والسبب هو أن يافا وبعد الخراب الذي الم بها بقيت أجمل من تل أبيب بعماراتها الشاهقة وبقيت أغلى المناطق عقاريا وأفضلها بيئيا.

*مخطط جديد
واليوم وبعد كل ما حلّ بالمدينة من هتك وفتك تطالعنا الأنباء أن السلطة تنوي اقتلاع 500 عائلة عربية من يافا من جذورها، نعم 500 عائلة. وبالمقابل هناك مخطط مدرج يافا لبناء خمسة الاف وحدة سكنية جديدة في يافا وبالذات في المناطق العربية فهل يخفى عن أحد ماهية هذه السياسة وكي لا أترك مكان للشك أو التشكيك أقول وبشكل واضح أن الهدف هو تهويد المدينة وعرب يافا يشكلون ما يقارب ثلث سكان مدينة يافا والبالغ عددهم، خمسون ألف.
هنا لا بد من الإشارة إلى الوقفة المشرفة لعرب يافا الذين تصدوا بقدر استطاعتهم للمخططات من خلال المؤسسات الأهلية المحلية  مثل مؤسسة الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا وغيرها من المؤسسات المحلية وهنا أشير إلى مؤسسة الرابطة لأنها الوحيدة التي لا تعمل على نطاق طائفي بل أهلي ولخدمة كل أطياف المجتمع ونحن لا ننكر عمل المؤسسات الأخرى بل ندعمه ونسانده عندما يكون للمصلحة العامة ولن أدخل في تفاصيل ما قد حدث على مدى عشران السنين، بدعم ومساندة النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي ولا ننسى زيارات القائد توفيق زياد ليافا  الذي كان دائما يساند عملنا من أجل البقاء واليوم هناك من يتابع المشوار وأخص بالذر النائب محمد بركة الذي يعرف كل كبيرة وصغيرة في يافا لأننا حريصون على إشراكه فيما يحدث يوميا على أرض الواقع وهو ليس الوحيد فيافا محبوبة من كل النواب العرب الذين يترددون عليها مرة للدفاع عن بيت يهدم وأخرى لمقبرة تنتهك ولكن نسأل هل هذا يكفي؟
الجواب القاطع هو لا، لا بد من تكاتف وتضافر، لا بد من أن نعبر عن رفضنا لسياسة التهويد بأقدامنا، فكلمة "مساكين شو صار فيهم" لن تجدي نفعا لعرب يافا خاصة والمدن المختلطة عامة، علينا أن نضع معا برنامجا مشتركا وتحت سقف لجنة المتابعة من أجل الوقوف إلى جانب الجماهير العربية في المدن المختلطة ويافا أولا.
في يافا اليوم توجد لجنتان شعبيتان تدافع الأولى عن العائلات المهددة بالإخلاء والهدم والثانية دفاعا عن مقبرة طاسو وهذه اللجان تشكلت لتوحيد الصف اليافي من أجل مواجهة  المخططات المحاكة ضد مجتمعنا ومدينتنا، اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن توجهت بطلب إلى لجنة المتابعة بطلب المشاركة في المسيرة التي ستنظمها اللجنة بمناسبة يوم الأرض بتاريخ 28/3/2008 وشعارها لن نرحل، إنا هنا باقون وأشير هنا إلى التعاون المثمر مع أهلنا في اللد والرمله الذين شكلوا هم ايضا لجنة شعبية تعمل بشكل موازي مع لجنة يافا.
أوجه نداء إلى كل الشرفاء في الوطن أن تساندوا أهلنا في يافا من خلال المشاركة في المسيرة وفي تقديم ما قد يفيد اللجنة من أجل مواجهة هذه الهجمة الشرسة على أغلى مدن فلسطين يافا الحبيبة والحياة علمتنا أنه لا بديل للوحدة الوطنية وحدة عمل لا وحدة شعارات.  

*عبد القادر سطل
الجمعة 28/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع