لإنجاح المبادرة العربية



عندما تبنّت القمة العربية المنعقدة في بيروت، في آذار 2002، مبادرة السلام العربية، جاء الرد الاسرائيلي واضحًا عبر اجتياح جيش الاحتلال الاسرائيلي الضفة الغربية فيما سُمي عملية "السور الواقي".
اليوم، بعد مرور 6 أعوام على تلك القمة، عادت قمة دمشق، أمس، لتأكيد تبني المبادرة نفسها. من الواضح ان الامر يتطلب ما يتجاوز التصريح الرسمي الى العمل الفعلي لحشر السياسة الاسرائيلية في الزاوية امام الضمير الشعبي العالمي. وهو ضمير لا زال قابلا للتأثير والاستنهاض، رغم جميع محاولات تشويه القضية الفلسطينية العادلةن وبفضل عدالتها الساطعة أولا. وهنا، يجب تأكيد مناشدة الفصائل الفلسطينية الاسراع الى الانضواء تحت السقف الوطني الموحد.
للأسف، فالتوجه السياسي في اسرائيل الرسمية لم يتطوّر في السنوات الأخيرة، بل إنه يتدهور ويزداد انغلاقا. ويجري هذا من خلال التصعيد الحربي والعسكري الدموي. فالسياسة الاسرائيلية الرسمية المعتمدة، التي لا تزال تقوم على معادلات القوة،  تعتاش على بارود الحرب. كلما كانت روائح البارود أشدّ حدة، فإن السياسة الاسرائيلية بصيغتها الطاغية تحقق النجاحات.
من هنا بالذات تأتي قوّة إعلان تأكيد المبادرة العربية. فحكومة اولمرت التي تتقنع بالتفاوض تعلن في الوقت نفسه (امس) مواصلة الاستيطان. أولمرت يقولها صراحة: "ستجري عمليات بناء جديدة نظرا لواقع الحياة وهذا الموضوع تم توضيحه جيدا لكل طرف معني" ملمحا الى ذريعة النمو السكاني في المستوطنات الذي يبرر برأيه مواصلة البناء فيها. وبما أن ملف الاستيطان وكذلك القدس عنصر مركزي في المبادرة، فهناك حاجة في محاصرة حكومة اسرائيل دبلوماسيًا، وهو ما يقتضي بالطبع عدم تقديم تسهيلات لها من انظمة عربية تأتمر بأوامر واشنطن – التي توفر أكبر غطاء سياسي وعسكري واقتصادي للمارسات الاسرائيلية العدوانية.
إن الحكمة تكمن اليوم في منع اسرائيل من الهرب الى الأمام – نحو مغامرة عسكرية جديدة في القطاع المحتل او غيره. يجب مطالبة معظم زعماء العرب بعدم السماح بإطلاق الرصاص على مبادرتهم، من داخل خنادق اسرائيلية تحظى بغطاء أمريكي. فمواجهة السياسة الاسرائيلية الرسمية تستدعي أولا وبالضرورة مواجهة مخططات واشنطن الخطيرة ضد المنطقة برمتها.

(الاتحاد)

الجمعة 28/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع