سماجة رئاسية



يقول رئيس دولة إسرائيل شمعون بيرس، إنه لم يرَ قمّة "أكثر انخفاضًا" من قمّة دمشق. لم يقدّم الكثير من التسويغات، وبدا واضحًا أنه يعكس بهذا حرجًا إسرائيليًا واضحًا من قرار القمة إعادة تفعيل المبادرة العربية.
بيرس، الذي يُفترض أنه "خرج" من الحياة السياسية حين احتلّ المقعد الرئاسي، لا يزال يحشر أنفه في كافة الزوايا السياسية. وهو هنا، يسلك مسلك الثعلب السياسي- دوره التاريخي الذي تميّز به.
فالقمة العربية الأخيرة، بكل نواقصها، نجحت في إحراج واشنطن وتل أبيب، لأنها نجحت، إلى حدٍّ ما، بالإفلات من قبضة الهيمنة الأمريكية النّهمة.
فالحكّام الإسرائيليون، بمن فهم المتقنّعون بقناعات رئاسية، وحكّامهم الأمريكان، يسعون إلى، ويحاولون فرض أجندة محدّدة لما يعتبرونه "عملية السلام". هي أجندة ترتكز على كل شيء إلا العدالة (النسبية). فالمفهوم الأمريكي- الإسرائيلي للسلام، هو مفهوم حربيّ بجوهره. لأن "السلام" المطروح من قبلهما ما هو إلا إعادة لترتيب الأوراق بما يخدم مصالحهما التي لا يمكن أن تسود سوى في حالة من الهيمنة الدائمة- تلك التي أرادوا تكريسها من خلال "سيرك أنابوليس" .
إن بيرس، بتعليقه الذي يظنه ذكيًا، إنما يثبت مجددًا أنه أبعد ما يكون عن اللقب الذي ابتزّه لنفسه زورًا وبهتانًا، نقصد لقب "رجل السلام". فهذا السياسي الماكر، الذي لم يقلّ مكرًا وخبثًا مع ارتدائه ربطة العنق الرئاسية، يمثّل التوجه الإسرائيلي المتعنّت الإستعلائي بامتياز. وليس تاريخه هو ما يثبت هذا فقط، بل مواقفه الراهنة التي لا تعني سوى إصرارًا على المراوحة في مستنقع الإستعلاء المقيت، ورفض أي تكافؤ مع الشعوب العربية، وشعبنا الفلسطيني في مقدمتها.
يجب على الرئيس بيرس أن يفهم، أن الشعب الفلسطيني الذي قدّم أسمى التضحيات، لن يتنازل عن ذرّة من حقوقه الثابتة والعادلة، مهما تفنّن بيرس في استعاراته السّمجة. لأننا نقرأ خلف هذه الاستعارات حقيقته السياسية- أحد ألدّ أعداء السلام العادل.


(الاتحاد)

الأثنين 31/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع