ألشرف الحقيقي



يعتبر البعض، لا بل الأغلب، من بيننا، بأنّ شرف العائلة يتمركز في تلك المساحة الوسطية الصغيرة من جسم الأنثى، والحديث عنها، ولو بالإيجابية، أخطر بكثير من سقوط أطنان المتفجرات على غزّة وبغداد والضاحية الجنوبية..
أما التفكير بها، مجرد التفكير بها، يعتبر من المسالك الساقطة إلى الدرك ويجب محاسبة المفكر بها بالعقوبات القاسية حتى لو كان المفكّر، او المفكرة طبعا، بتلك المنطقة هي صاحبها أو صاحبته، والتي تدافع عنها بكل ما تملك من قوّة إذا ما حاول احدهم الاعتداء عليها او إهانتها، تدافع عنها بطبيعتها الإنسانية وعفويّتها البشرية.
فتوى القتل بحجة "شرف العائلة!" ما هي إلا حالة من حالات البؤس الذي نحن فيه، تشابه فتاوى بائسة أخرى كفتوى "إرضاع الكبير" وفتوى البحث عن اتجاه القبلة في الفضاء الخارجي الذي يزيد عن الاتجاهات التي أوجدناها على الأرض.(رَ المقابلة مع صادق جلال العظيم في ملحق الاتحاد 21.3.2008)
ونحن نسأل أين الفتاوى التي تتحدّث عن الخيانة الوطنية وعواقبها، الفتاوى التي تعتبر الخائن والعميل وسمسار الأرض من الذين يهدمون ويهتكون شرف عائلتهم وشعبهم؟! ولماذا لا نعتبر النصّاب الذي يتحايل على أملاك الغائب من الضاربين بشرف عائلتهم ضرب الحائط؟! ولماذا لا نحارب الذين لا يدفعون مقابل أتعاب الغير ويعتبرون عرق الكادحين من الأمور التي يحلّ سرقتها؟! لماذا لا نعتبر النميمة والاعتداءات على الغير من الضاربات بشرف العائلة؟!
لماذا لا نحاسب الذكر مثل الأنثى ونتفاخر باولادنا "المصاحبين" ونقتل إناثنا لأتفه الأسباب؟ ولماذا؟ ولماذا؟
انتهاك الوطن بكل مساحاته أصبحت من الأمور العادية والمقبولة عنا، الخيانة، "الخدمة المدنية" الترويج لمواقف المحتلين.. كلّها تعتبر دعوات شرعية، النفاق والكذب في العلاقات العامة والخاصة شرعيّة الشرعية.. شرف العائلة الصغيرة والكبيرة من شرف الوطن، وشرف الوطن بحبّه وصيانته، بالابتعاد معه وعنه عن الكذب والنفاق والخيانة، شرف الوطن من شرف الإنسان/ الإنسانة، والحفاظ على شرف الإنسان/ الإنسانة يتمّ بالحب والحنان والعناق، لا بالقتل.
الأنثى الأم، الأخت، الزوجة والحبيبة تكون شريفة بطبيعتها وشرفها، بحريتها واستقلالها وامتلاك جسمها وفكرها.. وهو أوسع بكثير من تلك المساحة الوسطية الخاصّة. 

مفلح طبعوني
الأثنين 31/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع