شدوا الهمة.. وارفعوا راية الوطن والحزب..4/4



*الهوية الطبقية*

من برنامج حزب الشعب الفلسطيني: "يلتزم بالدفاع عن مصالح الطبقات الشعبية الفقيرة والمهشمة، وفى مقدمتها العمال والشغيلة والفلاحين وعن مصالح الطبقات الوسطى وجمهورها الواسع بمن فيهم المثقفون والمهنيون والأكاديميون...".
لا يمكن لأي مجتمع أن يتكون من طبقة واحدة فقط، فهو إما مجتمع طبقي أو مجتمع لا طبقي، والمجتمع الفلسطيني لا يمكن أن يخرج عن قاعدة وقوانين المادية التاريخية، وهو موزع إلى طبقات وشرائح وفئات كبيرة من الناس يتناقض بعضها مع بعض، وما يحدد جوهر الطبقة هي العلاقة بوسائل الإنتاج ودورها  في التنظيم الاجتماعي للعمل.
والحزب السياسي هو الظاهرة الاجتماعية الأصيلة التي تلعب دورا هامًّا في حياة المجتمع، ويعبر عن مصالح وطموحات الطبقة ويدافع عنها، والحزب هو اتحاد طوعي بين عناصر الطبقة يحدد برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري، والنضال المشترك لتحقيقها.
لقد طرأت تغيرات حادة على بنية المجتمع الفلسطيني الاقتصادية والاجتماعية، منذ الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وتطور خصوصا ما بعد سبعينيات القرن الماضي، تطور هام في حجمها ودورها، نتيجة تدمير البنية الاقتصادية للشعب الفلسطيني، وسياسة التبعية والإلحاق الاقتصادي الذي فرضه الاحتلال على الجماهير الفلسطينية، وفتح أبواب العمل داخل إسرائيل أولا لاحتواء الثورة الفلسطينية، وبسبب المهارة الفنية التي يتمتع بها العامل الفلسطيني، وتدني أجره مقارنة مع أجر العامل الاسرائيلي، مما أسهم في خلق قاعدة طبقية صلبة، كان لها  دورها الكفاحي ضد الاحتلال. وكان وضع هذه الطبقة العاملة يسمح لها بالمواجهة اليومية مع الاحتلال الاسرائيلي ومؤسساته العسكرية، كشفت بالممارسة العملية الطبيعة العدوانية للاحتلال الاسرائيلي محتل الأرض الفلسطينية، وما يتعرض له  من الاضطهاد الطبقي من قبل مشغلها ورب عملها في إسرائيل، ولهذا تجسدت نضالها قوميا وطبقيا، ولهذا فقد اعتبرت الطبقة العاملة الفلسطينية المحرك الاساسي للثورة الوطنية التحررية ضد الاحتلال، وهذا ما أكدته المواجهات الساخنة عبر فترات طويلة، فكانت الانتفاضة الأولى 1987 خير شاهد على صلابة هذه الطبقة وتمسكها بأهدافها في التحرر والاستقلال والعودة.
ومع تسارع وتيرة الاستيطان، ونهب الاراضى وسلبها من أصحابها الفلاحين الفلسطينيين، تدّنت القيمة الاستعمالية للأرض، وضعف مردودها الاقتصادي على أصحابها، مما أجبر العديد من المزارعين والفلاحين على هجرة أراضيهم وتركها  بورا مما شجع الاستيطان والمستوطنين على الاستيلاء عليها، وتحول المزارعون  إلى سوق العمل الأسود بحثا عن العمل في السوق الإسرائيلية لينضموا إلى الطبقة العاملة الفلسطينية ويتضخم عديد هذه الطبقة، ويتحول إلى جيش يبحث عن العمل، بالإضافة إلى عدد خريجي الجامعات الكبير والمهنيين والمرأة التي سارعت هي الأخرى لسوق العمل الاسرائيلي ليتضخم هذا الجيش، ويتعرض للاستغلال والاضطهاد بشكل مستمر ويوميا إما عبر الحواجز أو إثناء العمل، ولتتوافق مصالحهم الأساسية في النضال المشترك ضد الاحتلال، والتمسك بأهداف شعبنا في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها طبقا للقرار 194.
لقد انضمت إلى الطبقة العاملة مجموعة من الشرائح  كالتجار، وأصحاب المصانع التقليدية، والورش التي فشلت في المنافسة مع البرجوازية الفلسطينية الكبيرة، ومع أصحاب رؤوس الأموال الإسرائيليين، وتضررت بفعل الاحتلال وممارساته المختلفة، ولتنضم قوة إضافية للطبقة العاملة، وتتحول بهذا لمحرك رئيس في النضال وللثورة الوطنية التحررية الفلسطينية، تتمسك بأهداف شعبنا وتمتاز بصدق توجهاتها، وولائها لهدف الاستقلال الوطني، وتطلعاتها من أجل دولة فلسطينية معادية للامبريالية ودمقراطية، وتحقق العدالة الاجتماعية.
وبهذا فإنّ الجماهير الشعبية التي شكلت الطبقة العاملة الفلسطينية لبّها المحرك الاساسي لتلعب دورا هاما في خوض وقيادة النضال الوطني، والعمل على رص الصفوف، وشل تذبذب مختلف القوى والشرائح المستعدة للمساومة والتراجع عن هدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
إن هذا المعسكر قد تنامى وتطور وخصوصا بعد ممارسات الاحتلال الاسرائيلي،  ومنع سوق العمل الاسرائيلي أمام الطبقة العاملة، ومع الحصار وتقطيع أواصر الوطن، ولينضم إليهم أبناء المخيمات التي تعيش أسوا حياتها السكنية والحياتية وفقدانها مصدر العمل، بالإضافة إلى المثقفين الثوريين والطلبة والمرأة التي تدفع الثمن غاليا قوميا وطبقيا وعشائريا، وتخوض هذه القوى مجتمعة رغم تراجعها في معارك عديدة بسبب الظروف الذاتية أو الموضوعية نضالا في المجال السياسي والاقتصادي والفكري.
إن النضال الاقتصادي يتمركز في النضال من أجل تأمين الحاجات المعيشية اليومية للعمال، ولكافة العاطلين عن العمل، وتحسين شروط عملهم سواء داخل إسرائيل أو أمام رب العمل الفلسطيني، والنضال من أجل رفع الأجور، وتحسين شروط العمل، والتأمين الصحي وضمان الأجور العادلة، ودفع بدل الإجازات بما فيها الأول من آبار عيد العمال العالمي، ونشأت العديد من النقابات العمالية التي أسهمت في تعزيز التضامن الطبقي بين العمال.
والنضال السياسي الذي يعتبر النضال الرئيس بين أشكال النضال الطبقي، والذي يعني في جوهره نضال طبقة ضد طبقة (الصراع الطبقي)، فانه يتحول لنضال يتسع ليشمل حقل السياسة، نضال الطبقة العاملة جميعها ضد كل طبقة الرأسماليين. وتظهر فيه الطبقة العاملة كمناضل حازم من أجل مصالح كل الشغيلة، وتصبح قائدة لها في النضال ضد طبقة الرأسماليين عبر حزبهم السياسي المعبر عن أهدافهم ومصالحهم، النضال من أجل تحسين القوانين الاجتماعية، وضمان توسيع الحريات الدمقراطية، وتنظيم الاحتجاجات الجماهيرية ضد التدابير الرجعية المختلفة، والدفاع عن الحقوق المدنية، والنضال ضد العسكرة، ومن اجل تجسيد وحدة الطبقة العاملة، وتصفية الانشقاقات في صفوفها.
إن مهمة النضال الايديولوجي تنوير الطبقة العاملة بدورها التاريخي والثوري، ويدلها على طريق الدفاع عن مصالحها، وفضح الأيديولوجية البرجوازية، والفكر الظلامي، والنضال من اجل التأثير على الجماهير، وحمل الوعي الاشتراكي لها. وتجنيد الجماهير وتوحيدها، وتحويلها إلى قوة اجتماعية قادرة على حل المسائل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إن القوى الأساسية المحركة للثورة وللنضال الوطني والاجتماعي والطبقي في المجتمع الفلسطيني هي القوى التي تتحمل عبء النضال، أنها الجماهير الشعبية بمكوناتها وفئاتها وشرائحها المختلفة، وفي مقدمتهم العمال والشغيلة والفلاحين والمرأة والشبيبة والمثقفين الثوريين، إن حزب الشعب الفلسطيني يعبر عن مصالحها، ويلتزم في سياسته بالدفاع عنها، وبهذا فقد حدد هويته الطبقية التي لها مصلحة حقيقية في إزالة الاحتلال، وبناء المجتمع الدمقراطي التحرري الاجتماعي، وهى القوى القادرة على حل القضايا والمهمات التي يطرحها سير التاريخ الموضوعي، وهى القوى المحركة للتطور والتاريخ.
إن من يحرك الجماهير هي حاجاتها ومصالحها وأهدافها ومثلها العليا، بالإضافة إلى مجموع الحوافز تجاه الجماهير الواسعة من الناس من أجل الانخراط في العمل السياسي، وبهدف تحقيق الأهداف.
ومع استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، وعدم تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة تبقى المهمة المركزية مقاومة الاحتلال، فتلتحق مجموعات من المثقفين الكتاب والصحافيين والأكاديميين، وبعضا من البرجوازية الوطنية بصفوف الجماهير الشعبية وفى مقدمتهم العمال ليشكلوا جبهة موحدة من اجل التحرر والتقدم الاجتماعي، وبهذا فقد تحددت هوية الحزب الطبقية والفكرية والسياسية، والتي تتطلب من الرفاق وقوى اليسار شد الهمة والدفاع عن الوطن والشعب والقضية.

غزة- فلسطين
talat_alsafadi@hotmail.com

طلعت الصفدي
الجمعة 4/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع