سياسة الحرب الإسرائيلية



بذل رئيس الحكومة وعدد من وزرائه أمس جهودًا كلامية ملموسة بغية الترويج الى أن "تمرين الطوارئ" الواسع الجاري، لا يشكل مقدمة لحرب ضد أحد، وخصوصًا سوريا ولبنان.

أولمرت: لا نتطلع إلى مواجهة

حيفا – مكتب "الاتحاد" – "إسرائيل لا تتطلع إلى أية مواجهة عنيفة في الشمال. المناورات المذكورة ليست غطاء لأية نية حربية إسرائيلية تجاه سورية أو لبنان، فالهدف منها هو فحص قدرة الأجهزة المختلفة على أداء دورها".
هذا ما قاله رئيس الحكومة إيهود اولمرت، في بداية جلسة الحكومة الأسبوعية أمس الأحد.
وأضاف أولمرت أن "السوريين يدركون أنه لا يوجد أي سبب لإعطاء تفسير آخر لهذه المناورة". وأنه يأمل بأن تتصرف سورية بالطريقة المناسبة.
وادعى أولمرت أن إسرائيل معنية بإجراء مفاوضات مع سورية، وأن مثل هذه المفاوضات ستبدأ "فقط عندما تنضج الشروط لذلك".

في وضع طبيعي، يمكن للسلطات إجراء تمرينات وتدريبات، من دون أن تثور مخاوف حقيقية من اشتعال حروب. ولكن السؤال هو: لماذا يصعب تصديق هذه الحكومة، ولماذا تستصعب هي نفسها الإقناع ببراءة نواياها؟ السبب الأساس هو أن هذه التحركات العسكرية المغلّفة بتعبير "الطوارئ"، لا تجري في فراغ. بل انها تشكل حلقة في سلسلة من الاستفزازات الاسرائيلية الفعلية، والتصريحات العدوانية المغرورة - آخرها تفوّهات براك العنجهية الأسبوع الفائت على الحدود الشمالية.
لا يكفي خروج رئيس الحكومة بالاعلان أن أهداف هذا التمرين "دفاعية"، حتى تزول غمامة البارود. لأن التصريحات "على قفا مين يشيل" كمقولة المصريين خفيفة الدم. السؤال يبدأ وينتهي بالممارسات. وممارسات هذه الحكومة عدوانية بشكل صلف وسافر، ومنهجي. وهي تشمل أولا رفض المبادرة العربية التي أعلنت قمة دمشق عن اعادة تفعيلها أخيرًا. مع أنها مبادرة شديدة السخاء، ومن غير الواضح إن كان المجتمع الاسرائيلي يستوعب أبعادها.
كذلك، فإن التخطيط السياسي الاسرائيلي يضع دومًا احتمالا وحيدا أمامه هو احتمال الحرب. ومن يفترض الحرب مسبقًا لن يتصرّف سوى بحسب مفاهيمها. فلن يضع السلام، ولا حتى "اللاحرب"، على أجندته. لأن السلام هو خيار واعٍ  ومخطط له عمومًا، وليس "حلمًا" ولا "أملا يُصلّى لأجله"، كما يجري الكذب على الجماهير في اسرائيل. ويزداد هذا التعنّت الرسمي الاسرائيلي على سياسة الحرب، بسبب انخراط هذه الدولة، كمقاول ثانوي للزعرنات العدوانية، في المشروع الامبريالي الأمريكي.
لقد أثبتت التجربة التاريخية في العقود الأخيرة هنا أن الحروب ليست ضمانة للأمن، بل على العكس. فلم تؤدّ جميع حروب اسرائيل العدوانية سوى الى زيادة تعريض أمن الاسرائيليين للخطر. بهذا المفهوم، فإن حكومات اسرائيل هي مجرمة، بالتخطيط كما بالممارسة، بحق مواطنيها أيضًا.
أما البديل فهو التحوّل الحاسم نحو سياسة واقعية تعترف بالمعطيات. إسرائيل تقع في الشرق الأوسط، ولن ينفعها الاذدناب لأي مشروع أجنبيّ. وطالما لم تُقِم هذه الدولة علاقات سلمية مع شعوب المنطقة (وليس الأنظمة فقط!)، فستظلّ تعرّض نفسها ومحيطها للمخاطر.
الكرة في الملعب الاسرائيلي، فإما أن تواصل إطلاق نيران تدريباتها ومناوراتها الخطيرة عليها، وإما أن تلتقطها "وتلعب صحّ"!

(الاتحاد) 

الأثنين 7/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع