مفاوضات مكبّلة بـ "خطوط حمراء"!



تمامًا كما كان متوقعًا، إنتهى لقاء الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت أمس دون نتائج تذكر.

أولمرت التقى عباس رافضًا وقف الاستيطان

حيفا – مكتب الاتحاد - اختتم في القدس الغربية أمس لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت، وهو الأول من نوعه منذ تعليق المحادثات على خلفية العدوان الإسرائيلي المجزري الأخير على غزة في شباط الماضي. ولنقل أجواء اللقاء العقيمة، يُشار الى أن أولمرت ردّ على مطلب عباس بوقف الاستيطان بمطالبة الرئيس الفلسطيني بوقف الصواريخ (القذائف يدوية الصنع) على جنوب اسرائيل..
 
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريغيف إن الطرفين اتفقا بعد ساعتين ونصف من المحادثات أثناء غداء عمل على "مواصلة العمل بهدف التوصل إلى اتفاق تاريخي بحلول نهاية العام".
 
وأضاف ريغيف أن عباس وأولمرت أعربا عن مخاوفهما بشأن الوضع الميداني, غير أنهما اتفقا على أن "هذه المخاوف لن تؤثر على المفاوضات". كما أكد المتحدث أن كلا الطرفين جدد التعهد بالتزاماتهما الواردة في خارطة الطريق والتزامهما بتطبيقها.
 
وفي وقت سابق قال عباس لأعضاء من حركة فتح "نحن نتفاوض بجدية وحريصون على الوصول إلى حل لكافة قضايا الحل النهائي". غير أنه أكد أن الحل لن يكون "بأي ثمن".
 
وشارك في الاجتماع كبيرا التفاوض وهما رئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
 
ويأتي الاجتماع بعد زيارة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس للمنطقة, حيث التقت في عمان بعباس يوم 31 آذار الماضي, وأعربت فيه عن أملها في التوصل إلى اتفاق سلام قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش.
 
ونُقل عن عضو الوفد الفلسطيني صائب عريقات أن عباس سيبلغ الجانب الإسرائيلي بأن حكومة تل أبيب لم تنفذ سطرا واحدا مما اتفق عليه بشأن الاستيطان والحواجز والإفراج عن أسرى فلسطينيين، بينما يتوقع أن يركز الجانب الإسرائيلي على "تقصير" الفلسطينيين حيال التزاماتهم الأمنية المتفق عليها.
 

*خطوط اسرائيلية حمراء*

وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني استبقت المباحثات بتصريح قالت فيه إن تل أبيب "لديها خطوط حمراء وهي ليست على استعداد لتخطيها"، وفق ما نقلت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية.
 
وشددت ليفني على ما أسمته ضرورة "تفهم" الأسرة الدولية لعدم قدرة إسرائيل على تخطي تلك الخطوط، خاصة المتعلقة بمسائل أساسية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مثل القدس والحدود واللاجئين.
بالمقابل جددت حركة حماس رفضها لاستمرار اللقاءات بين عباس وأولمرت، وقال ناطق باسم الحركة إن تلك اللقاءات "توفر الغطاء للاحتلال للاستمرار في مسلسل الاستيطان والتهويد وتبرير مجمل الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني".
 
يذكر أن عباس يتوقع أن يزور روسيا بين 17 و19 نيسان الجاري لبحث المؤتمر الذي تنوي موسكو عقده حول عملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك حسب ما أفاده نبيل شعث المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني. كما سيتوجه الرئيس الفلسطيني إلى واشنطن في الـ23 من الشهر نفسه للقاء الرئيس الأميركي جورج بوش.

ولكن قمة الوقاحة الإسرائيلية جاءت حين ردّ أولمرت على طلب عباس بوقف الاستيطان، بالمطالبة بـ"وقف الصواريخ"، أي تلك القذائف يدوية التي تطلق من غزة على جنوب إسرائيل، التي بالكاد تصيب.
ولكن رئيس الحكومة الإسرائيلي لم يكتف بهذا فقط، بل زاد الطين بلة حين أوضح للرئيس الفلسطيني أن إسرائيل ستواصل عمليات البناء في منطقة القدس وفي الكتل الاستيطانية الكبرى "إذ أن هذه المناطق ستكون جزءًا من كل اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين"!
إن مضيّ إسرائيل في تكثيف نشاطها الاستيطاني يعني أنها غير معنية بالسلام العادل، وأن هذه اللقاءات ليس في حقيقة الأمر سوى غطاء لفرض الأمور على الأرض وتخليد الاستيطان، تحت ستار مسرحية أنابوليس إياها.
فبعد "توضيحات" أولمرت أعلاه، ليس واضحًا ولا مفهومًا ولا منطقيًا أبدًا كيف اتفق وعباس على ما يسمى بـ"استمرار الجهود للتوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية العام الحالي"؟ أيّ حديث هذا؟!
إن الأمر الوحيد الواضح هو أنّ حكومة إسرائيل ليست جادة في سعيها المزعوم لإحقاق تسوية، لا قبل نهاية 2008 ولا حتى قبل نهاية 2009، ونأمل أن يكون هذا واضحًا للفريق الفلسطيني المفاوض.
والحقيقة هي أن إسرائيل واضحة جدًا في هذا الخصوص. فقد أوضحت وزيرة خارجيتها تسيبي ليفني أن "الخطوط الحمراء الإسرائيلية" ستعرض على الرئيس عباس، وعلى ما يسمى بالمجتمع الدولي. أي أنها تضع شروطًا مسبقة قبل إنجاز التفاوض.
وكان سبق لليفني أن أوضحت تصوّرها لطبيعة العلاقات ضمن سقف أنابوليس، فعلى السلطة الفلسطينية ضمان "أمن إسرائيل" (نفس "الأمن" الذي لم يفلح أقوى جيش في المنطقة في ضمانه) مقابل تسهيلات اقتصادية تتكرّم بها إسرائيل.
وأوضحت ليفني أيضًا أن "إسرائيل ستواصل إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن هناك أمور يمكن أن نساوم عليها وأمور أخرى لا يمكننا المساومة عليها. فإسرائيل لا تعتزم المساومة على الخطوط الحمراء، ويجب أن يدرك المجتمع الدولي ذلك".
ومن الصعب أن نطلب ما هو أوضح من هذا!

(الاتــــــحـــــاد)

الثلاثاء 8/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع