أيها السادة: مصر بلا سيادة !



أريد أن يعلم الرئيس وطاقم وزرائه المغاوير من وزير الخارجية إلي وزير الدفاع أن مصر أصبحت دولة منقوصة السيادة، أريدهم أن يدركوا، إن لم يكونوا يدركون، أن دم المصريين علي الأرض المصرية قد أصبح مستباحا ولا حرمة له. في عام 1967 قتل الجيش الإسرائيلي المئات من الأسري المصريين في سيناء. ولم تحرك حكومتنا ساكنا. وفي العام الماضي قتلت إسرائيل عددا من جنود الأمن المصريين داخل الأراضي المصرية. ولم يهتم رئيسنا ولا حكومتنا بدم الضحايا. ومنذ أسابيع قتلت إسرائيل اثنين من المدنيين في سيناء. ورئيسنا وحكومته «كفوا عن الخبر ماجور».
ومنذ أسبوع قتلت سفينة أمريكية بمبوطيا مصريا داخل المياه المصرية في ميناء السويس وأصابت عددا من ركاب القارب المتهالك. لم تكن السفينة الأمريكية في أعالي البحار، ولا كان البمبوطية المصريون قراصنة بل أرزقية. إن هذا الحادث، تماما مثل حوادث سيناء، خرق لسيادة مصر علي أراضيها. ولست أدري كيف تسمح السلطات للسفينة القاتلة بمواصلة رحلتها وكأن شيئا لم يكن؟ ولمصلحة من تقوم الحكومة بتبرير هذه الجريمة بدلا من أن تتحمل مسئوليتها عن رعاياها كما ينص الدستور والقانون الوطني والدولي ؟ وهل كان الأمر سيختلف لو كانت السفينة القاتلة غير أمريكية؟
يبدو أننا عدنا مرة أخري إلي عصر الامتيازات الأجنبية، عدنا إليه، أو عاد إلينا، بعد أن كافحنا كفاحا طويلا ومريرا للتخلص من تلك الامتيازات. أصبح من حق الأجنبي أن يقتل المصري جهارا نهارا علي الأرض المصرية ثم يمضي بلا حساب ولا عقاب. فها هي العلاقات مع الأعدقاء إسرائيل وأمريكا تسير كما هي رغم كل شيء، ومع إسرائيل سلام وتطبيع وغاز يتدفق «بتراب الفلوس رغم أنف الجميع». ومع أمريكا شراكة استراتيجية وميثاق وبعثات لطرق الأبواب وشرب الأنخاب، ثم يسيل الدم المصري: اليوم في سيناء والسويس، وغدا في البحيرة والإسكندرية، ثم بورسعيد والإسماعيلية.
لقد هُنّا علي حكومتنا، فكان طبيعيا أن نهون علي غيرنا، سواء الأعداء أو حتي الأصدقاء. هذا هو مربط الفرس. لقد سلب نظام مبارك حقنا حتي في أن نسأل لماذا يباع الغاز لعدونا وبكام؟ (وللعلم كنا أول من سأل الحكومة عن الموضوع منذ خمس سنوات في هذا المكان أكثر من مرة. ولم نتلق إجابة من الوزير أو حتي الخفير!) كما سلب نظام مبارك حريتنا بتمرير التعديلات الدستورية في تمثيلية الاستفتاء منذ عام مضي. وها هو نظام مبارك يسلبنا حق الحياة بدفعنا دفعا إلي الموت في «طوابير العيش». وبعد كل هذا السلب يظل من حقنا أن نسأل: ما هو أساس شرعية نظام مبارك وحزبه الوطني؟ وإلي متي يستمر الرضا بهذا الحال المايل؟
حكمة اليوم: ما أرخص الإنسان في وطن أضحي جهارا مذبح الأحلام.

 

(عن الشقيقة "الأهالي"، صحيفة حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المصري)

د. جودة عبد الخالق*
الثلاثاء 8/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع