إمكانية محاربة الامبريالية موجودة ولكن يبقى السؤال هل تنوجد الإرادات



الرفاق والرفيقات ممثلي القوى والأحزاب الشيوعية والدمقراطية العربية والعالمية،
الحضور الكريم
بداية، باسمنا في حزب الشعب الفلسطيني وباسم كافة القوى التقدمية والدمقراطية والوطنية في فلسطين الشامخة دوما بعزتها وكبريائها وعطائها النضالي الذي لا ينضب، نقدم لكم جميعا وعبركم ومن خلالكم إلى الشعب اللبناني الشقيق ومقاومته الباسلة، أسمى التحيات الكفاحية والنضالية، كما أننا نشكر الحزب الشيوعي اللبناني الشقيق على دعوته إلى عقد هذا الاجتماع الهام من أجل تدارس الإمكانيات للقيام بعمل مشترك هدفه تحريك الرأي العام الدولي والأوروبي خاصة، للضغط على الإدارة الأميركية، لإيقاف عدوانها على بلداننا، وتنظيم حملة تضامن مع الشعبين اللبناني والفلسطيني والشعوب العربية لمواجهة هذه الهجمة.
إننا في حزب الشعب الفلسطيني نعتقد أن إمكانيات مواجهة الهجمة الإمبريالية الأمريكية على بلداننا موجودة ومتوفرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم متعلق بالإرادات، وهل هناك بالفعل إرادات جماعية، رسمية وشعبية عربية لخوض هذه المواجهة؟
وعندما نتحدث عن الإرادات الجماعية، فإننا نحذر في الوقت نفسه من خطورة التواطؤ والارتهان للمخططات الامبريالية العدوانية بما فيها الشرق الاوسط الجديد.
وإذا ما استعرضنا تاريخ منطقة الشرق الأوسط خلال المائة سنة الأخيرة، فإننا نلحظ بأنها قد تعرضت باستمرار لمخططات العدوان والسيطرة الامبريالية، فمنذ اتفاقية سايكس بيكو الامبريالية، التي رسمت الحدود الوطنية للدول العربية في هذه المنطقة، وحتى مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي يستهدف فرض المزيد من التقسيم على اسس اثنية ومذهبية ودينية، فإنّ شعوب المنطقة كانت الضحية الاولى لهذه المخططات العدوانية المتعاقبة.
وفي الوقت ذاته فإن مقاومة شعوبنا لهذه المخططات لم تعط ثمارها كاملة، فهذه المقاومة، والشعبية منها بشكل خاص، قد انطوت على مخزون هائل من التضحيات والبسالة والاقدام، وقدمت قرابين كبيرة على مذبح النضال، وأعطت دروسا في فلسطين ولبنان ومصر وسوريا والجزائر والاردن والعراق وفي كل مكان من الوطن العربي الكبير، نستلهم ونشتق منها قوة دفع لمواصلة طريق الكفاح نحو تحقيق اهدافها الوطنية والدفاع عنها بإرادة لا تلين، لكن التقويم الموضوعي لتجربة النضال الجماهيري والمقاومة الشعبية، يتطلب قراءة الوجه الآخر لهذه التجربة وعوامل القصور التي عطلت مسارها، أو حالت دون تطورها بالاتجاه الذي كان يجب أن تواصل طريقها عليه. إنّ التجارب المعاشة، من حرب حزيران 1967 إلى غزو لبنان وحصار بيروت (1982)، مرورا بالانتفاضة الشعبية الفلسطينية (1987- 1993) واجتياح مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وحصار رئيسها ياسر عرفات (2001- 2004) وصولا لحصار العراق واحتلاله (1991- 2003)، والحرب الاسرائيلية على لبنان (2006) واستهداف قطاع غزة وفرض الحصار الاسرائيلي الخانق عليه الآن، بينت محدودية المراهنة على الجمهور العادي، وكشفت محدودية حركة الشارع العربي بشكل عام، وعدم قدرته على توليد الإجابات على التحديات الكبيرة والكثيرة التي يواجهها الواقع العربي بفعل مخططات الهيمنة والعدوان الخارجي الامريكية والاسرائيلية التي لا يزال يتعرض لها.
وهنا فان المسؤولية تقع أولا على عاتق الانظمة الحاكمة واخضاع عامة الجمهور لسلطة الوصاية الرسمية، وبسبب علاقات السلطة والهيمنة السائدة على المستويين السياسي والاجتماعي وغياب الحياة الدمقراطية بمختلف صورها وتعبيراتها، وحرمان الجمهور من المشاركة في الدفاع عن مصالحه.
وتقع هذه المسؤولية أيضا على الاحزاب السياسية وحركات المعارضة التي عانت ولا تزال تعاني من ادوات القمع والقيود التي تمارسها الانظمة الحاكمة، وكذلك من عدم القدرة على تطوير الحياة السياسية الحزبية وعدم التمكن من تحريك الرأي العام، واتباعها لاسلوب من الوصاية يستند على طرح بعض الشعارات في ساعات الازمات بديلا عن النشاط الشعبي المتواصل والمنهج وعن العلاقات الحية مع الجمهور.
لهذا فإننا نقول ... إذا كانت الجماهير لم تخرج للشارع اصلا من اجل الدفاع عن مصالحها وعن حاجاتها، أي من اجل حريتها ولقمة عيشها وكرامتها، فكيف يمكن المراهنة على خروجها ضد العدوان الاسرائيلي أو من اجل القضية الفلسطينية.
ولهذا أيضا واذا كانت الجماهير لا تملك وسائل تغيير واقعها القائم، فانها لن تستطيع ذلك في أي موضوع آخر حتى ولو كان في مستوى القضية الفلسطينية أو العدوان الاسرائيلي على لبنان أو غيرهما.
ان هذه الحقائق تقودنا الى استنتاجين هامين:
الاستنتاج الاول يتعلق بدور الاحزاب الشيوعية واليسارية، والتي تقع عليها مسؤولية تاريخية في الربط الخلاق بين الدفاع عن القضايا الوطنية العامة وبين مهامها الدمقراطية والاجتماعية في الدفاع عن مصالح الجماهير، فاهمال قضية الدمقراطية في الداخل بدعوى الخطر الخارجي لن ينتج حركة جماهيرية تواجه هذا الخطر، فالنضال ضد الامبريالية يجب أن يستند الى الدمقراطية حتى يحقق اهدافه، لا ان يضحي بالدمقراطية لصالح اعتبارات بعيدة جدا عن اهداف هذا النضال.
الاستنتاج الثاني يتعلق بمشروع الشرق الاوسط الجديد والذي يستهدف إعادة ترتيب العلاقة في المنطقة وبحيث تتحول اسرائيل الى القوى المهيمنة مع الولايات المتحدة. والطريق الى ذلك يتمثل بالمزيد من العدوان والتدخل العسكري وفي سياسة التفتيت والتقسيم على اسس دينية وعرقية ومذهبية، وهذه السياسة تهدد وحدة العديد من الكيانات العربية القائمة، وبالتالي فأن هناك هامشا لا يزال قائما من اجل اوسع وحدة في مواجهة هذا المخطط.
وعلى الصعيد الفلسطيني، كمثال، فاننا نرى المحتل الاسرائيلي يعلن حربا عسكرية ضارية ضد قطاع غزة ويمارس حربا استيطانية ضارية ايضا في الضفة وهو يستهدف جميع الاطراف سواء الذين يعلنون الحرب عليه أو الذين يهادنونه حينا، أو اولئك الذين يفاوضونه منذ سنوات.
ومن هنا فان السعي لانهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، يتطلب حوارا وطنيا جادا يعيد اللحمة الوطنية،على اساس ان اعادة الأمور الى ما كانت عليه في غزة قبل 13 حزيران الماضي، ليست شرطا للحوار، وانما شرط للحل، فالانقسام الفلسطيني لن ينتج عنه مفاوضات ناجحة ولا مقاومة فعالة ومثمرة كما يجب، وهذا ما هو ماثل امامنا الآن، ونستطيع ان نقول ان الحالة اللبنانية ليست بعيدة كثيرا عن هذا التشخيص.

 

أيها الرفاق ايتها الرفيقات
نود ان نؤكد مرة اخرى على اهمية هذا الاجتماع ونقترح عليكم تكراره وضمان انعقاده دوريا ان امكن ذلك، ونقترح ان تنبثق عن هذا الاجتماع لجنة متابعة تعد لاي اجتماع قادم، كما نقترح ان يجري الاتفاق على مهام مشتركة ذات طبيعة وطنية عامة ومثال على ذلك القيام بنشاطات عامة مشتركة بين احزابنا والاحزاب الصديقة في الذكرى الستين للنكبة. ونقترح ايضا تشكيل لجنة سياسية و فكرية بهدف تقريب المواقف بين احزابنا ازاء مختلف القضايا المطروحة.
نكرر شكرنا للحزب الشيوعي اللبناني مرة اخرى على استضافته لهذا الاجتماع ونعتذر عن عدم تمكن وفد حزبنا من الداخل من حضوره، بسبب العوائق الفنية.
والى الامام لما فيه خير لشعوبنا.

 

* (عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية)- نص الكلمة التي ألقاها الرفيق أيوب الغراب، عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب، وسكرتير منظمة الحزب في لبنان، نيابة عن الرفيق حنا عميرة، في اجتماع للأحزاب الشيوعية والعمالية نظمه الحزب الشيوعي اللبناني في 5/4/2008.

حنا عميرة
السبت 12/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع