حزبنا الشيوعي يُحيي 90 عامًا من النضال:
ذكريات خِتيار لم تمُتْ أجياله (13)



*في نهاية مؤتمر الجماهير العربية عام 1958 تقرّر اقامة الجبهة العربية وأقر دستور الجبهة العربية في اسرائيل باجماع الحضور في المؤتمرين وقد جاء فيه عن غاية الجبهة واهدافها والمطالبة بحقوق الجماهير العربية المشروعة. ومن بنودها الاساسية: اولا: اعادة القرويين الى قراهم. ثانيا: وقف سياسة سلب الاراضي واعادة الاراضي المصادرة الى اصحابها. ثالثا: الغاء الحكم العسكري ورفع الاضطهاد القومي عن جماهيرنا العربية. رابعا: الغاء التمييز العنصري وتأمين المساواة في جميع نواحي الحياة. خامسا: استعمال اللغة العربية في جميع الدوائر الرسمية. سادسا: عودة اللاجئين*

 

مؤتمر عكا كان قد افتتحه المحامي جميل لبيب خوري وفي الناصرة افتتحه السيد طاهر الفاهوم وكانت قد القيت في المؤتمرين كلمة السيد يني يني الذي منع من حضور المؤتمر، ففي عكا القاها السيد حبيب قهوجي وفي الناصرة كان قد القاها احد المعلمين الثانويين وكانت كلمته شاملة وقد حدد فيها اهداف المؤتمر وقال ان اهدافنا سوف تتحقق لاننا نؤمن بحقنا وبأنفسنا وبعدالة مطالبنا، وفي نهاية المؤتمر تقرّر اقامة الجبهة العربية وأقر دستور الجبهة العربية في اسرائيل باجماع الحضور في المؤتمرين وقد جاء فيه عن غاية الجبهة واهدافها والمطالبة بحقوق الجماهير العربية المشروعة. ومن بنودها الاساسية: اولا – اعادة القرويين الى قراهم. ثانيا – وقف سياسة سلب الاراضي واعادة الاراضي المصادرة الى اصحابها. ثالثا – الغاء الحكم العسكري ورفع الاضطهاد القومي عن جماهيرنا العربية. رابعا – الغاء التمييز العنصري وتأمين المساواة في جميع نواحي الحياة. خامسا – استعمال اللغة العربية في جميع الدوائر الرسمية. سادسا – عودة اللاجئين. هذا البعض من بنود هذا الدستور الذي أقر في المؤتمر واتخذت كذلك عدة قرارات هامة منها: 1- قرار ضد الاجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات بفرض الاقامة الجبرية على عدد كبير من المبادرين لعقد المؤتمر. 2- قرار المطالبة باطلاق سراح المعتقلين وسجناء أول ايار. 3- ارسال رسالة الى رئيس الدولة بهذا الخصوص. وكذلك اصدر المؤتمرون بيانا ختاميا للمؤتمر تحت عنوان "آن الاوان لانهاء نظام الاضطهاد القومي" وكانت قد وصلت الى المؤتمر عدة عرائض تأييد من الذين لم يسمح لهم الوصول الى المؤتمر من مختلف المدن والقرى العربية، ومن بين هذه العرائض كانت عريضة من السجناء الذين ارسلوا الى سجن الرملة المركزي رسالة تحية وتأييد للمؤتمر وابحاثه وقيادته وقعنا عليها جميع سجناء اول ايار في سجن الرملة المركزي، من بينهم الرفاق مصطفى اسعد عسلية ومحمود محمد القاسم ومحمد خالد وتوفيق كناعنة والمرحوم محمد علي محاميد وغيرهم من السجناء الذين لا اذكر اسمائهم. وفي تلك الفترة ايضا كانت السلطات قد فصلت ثلاثة معلمين وطنيين، وهم الياس دلة ونمر مرقس وعيسى لوباني لانهم نشروا مقالات كما يدعون "لا تتلائم مع عملهم" اما تلك المقالات فقد كتباها نمر مرقس والياس دلة والتي فيها نقد لا اكثر لسياسة وزارة المعارف تجاه التعليم في الوسط العربي ودفاعا عن المعلمين العرب ومصالحهم واما عيسى لوباني فقد نشر قصيدة والتي فيها استعراض لايام طفولته في قريته لوبية المهجرة واستعرض فيها معاناة شعبنا خلال السنوات الماضية، هذا هو جرمهم الكبير وحولهم كذلك كان قرار في المؤتمر الذي يطالب باعادتهم الى عملهم، وهكذا نرى ان السلطة بكل اساليبها العنصرية والمخابراتية لم تستطع ان تمنع ولادة هذه الجبهة التي اراد الشعب لها ان تولد وتستمر، ولكن السلطة لم تستسلم لهذا الواقع الذي فرضته الجماهير العربية عليها، وعلى هذا الاساس عملت السلطة على توجيه الصحافة في البلاد من اجل القيام بحملة مسمومة ضد هذه الجبهة التي ولدت وضمن برنامجها العمل من اجل احقاق الحقوق القومية واليومية لجماهيرنا العربية في هذه البلاد، وكانت صحيفتا "دفار" و "يديعوت احرونوت" السباقات في فتح حملة التحريض الارعن على الجبهة وعلى الحزب الشيوعي وجريدة "دفار" معروفة في ذلك انها صحيفة حزب "مباي"، حزب رئيس الوزراء دافيد بن غوريون واما صحيفة "هآرتس" فبالرغم من انها قالت ان المؤتمر عقد في نادي الحزب الشيوعي في عكا وليس في المكان الذي عقد فيه، لكنها انتقدت سياسة فرض الاقامات الجبرية واثبات الوجود الذي فرضته السلطات على المبادرين لعقد المؤتمر. وقالت ايضا انه لا يمكن استخدام هذه الوسائل الى ما لا نهاية، اما "عل همشمار" صحيفة حزب "مبام" في ذلك الوقت فقد عالجت القضية بمقال افتتاحي قام بالتحريض على الحزب الشيوعي ولكنها اضطرت الى الاعتراف بأن الاجراءات التي يتخذها المسؤولون عن السياسة تجاه العرب في الدولة قائمة على اساس فرض الخوف ووسائل الارهاب والمحاكم العسكرية والاعتقالات الادارية. واما صحيفة "كول هعام" صحيفة الحزب الشيوعي باللغة العبرية فكتبت افتتاحية تحت عنوان "اننا نمد ايدينا الى اخواننا العرب" قالت فيه "ان المؤتمر العربي الذي انتهى باقامة الجبهة العربية في اسرائيل لحدث عظيم وهام ليس بالنسبة للسكان العرب فقط بل بالنسبة للحياة السياسية الشعبية لاسرائيل كلها" وقالت ايضا "ان الحزب الشيوعي الاسرائيلي يرى في المؤتمر وفي ابحاثه وقراراته مبادرة طيبة وهو يؤيد تأييدا تاما الاهداف المعلنة للجبهة العربية التي اقيمت، واننا ندعو كل الاشخاص والمنظمات اليهودية، كل الوطنيين والديمقراطيين الاسرائيليين الى مد يد الصداقة والمساعدة لاخواننا العرب في نضالهم ضد التمييز والاضطهاد ومن اجل تحقيق حقوقهم المشروعة" اما صحيفة "الاتحاد" فقد كانت افتتاحيتها بتاريخ 11\07\1958 بعنوان واضح وصريح "الشعب اقام جبهته والشعب يصونها من اعدائها" وقالت فيها "ان الشعب هو الذي اقام الجبهة العربية والشيوعيون ابناء الشعب البررة يؤيدونها لانها اداة كفاح الشعب والشعب الذي اقام جبهته سيصونها ايضا ولينفجر الحكام ودعاتهم غضبا" ولكن السلطة لم ترم سلاحها التآمري ضد الجبهة العربية ولذلك أوحت لمتصرف لواء حيفا ان يعلن عن عدم اعترافه بالجبهة العربية اعتمادا على القانون العثماني البائد ففي يوم الجمعة 3\10\1958 نشرت بعض الصحف الموالية للحكومة بأن متصرف لواء حيفا ابلغ سكرتارية الجبهة انه لا يعترف بالجبهة العربية. وبناء على الرسالة التي وجهت من حاكم اللواء الى سكرتارية الجبهة وعلى اثر ذلك اجتمعت اللجنة التنفيذية للجبهة العربية وقررت ان تنفيذ القانون البائد ضد الجبهة هو وسيلة من وسائل الضغط التي تنتهجها السلطة ضدنا، وحتى لا نزودها بحيلة قانونية شكلية تخولها عدم الاعتراف بالجبهة أعلنت تغيير اسمها من الجبهة العربية الى الجبهة الشعبية وعدلت بند الانتساب وجعلته ينص على ان "الانضمام اليها من حق كل مواطن اذا وافق على مبادئها" واصدرت بيانا عاما الى الرأي العام، وبعد هذا كله بفترة قصيرة من عقد المؤتمر عقدت اللجنة التنفيذية جلستها الاولى من اجل المباشرة بعملها العام وألفت مكتباً لها بعضوية السادة يني يني وطاهر الفاهوم وجميل لبيب خوري ومحمود السروجي وشكري الخازن وحنا نقارة، وقررت عقد مؤتمر صحفي في تل ابيب من اجل اطلاع الرأي العام في البلاد على اهداف الجبهة.
ان كل هذا العمل قد جرى وعدد كبير من قيادة الحزب والشبيبة في منطقة الناصرة موجودون في الاعتقال الاداري وهم صليبا خميس وفؤاد خوري ومنعم جرجورة وسليم القاسم وتوفيق زياد وامين قدحة وحنا ابو حنا وغسان حبيب ونصر الله كردوش ونجيب الفاهوم وغيرهم وكان قسما منهم قد اعتقل قبل الاول من ايار وكانت ايضا في شهر حزيران 1958 قد جرت محاكمة عدد من الرفيقات منهن سميرة خوري واوديت نمر ووفيقة احمد محروم واميليا كانسيو والدة الرفيق المرحوم يوسف صباغ وقد حكم عليهن بغرامات مالية باستثناء الرفيقة اوديت نمر فحكم عليها بالسجن اسبوعا وبغرامة مالية قدرها خمسون ليرة او السجن شهرا كاملا، وهكذا عمليا قد سارت الامور بعد الاحكام التي اتخذتها السلطات ضدنا، حيث قامت بتوزيعنا على السجون في البلاد القسم الاكبر كان في سجن الدامون ونحن مجموعة حوالي عشرة رفاق في سجن الرملة المركزي حيث قضينا في هذا السجن ما يقارب الشهر ونصف وكنا قد نظمنا انفسنا في داخل السجن بشكل جيد، وخلال تواجدنا في سجن الرملة كانت قد قامت الثورة العراقية في 14 تموز سنة 1958 والتي رأينا فيها انتصارا جديدا لقوى التحرر والسلام في منطقة الشرق الاوسط. وبعد هذه الثورة المظفرة بفترة قليلة وصلتنا اخبار عن اعتقال مجموعة من الشباب العرب في عرابة بتهمة التجسس لصالح سوريا بقيادة المرحوم حسين علي الجربوني من عرابة وكذلك الرفاق ابراهيم الفحماوي ومحمد فضل حسان من طمرة وبعدهم بفترة اعتقل ايضا اخي سليم ابراهيم كناعنة الذي كان هو ايضا عضوا في الحزب الشيوعي وكذلك اعتقل عدد اخر من الشباب في عرابة ومن بينهم محمود سعيد المصطفى واخيه احمد سعيد مصطفى واحمد جربوني ومحمود علي نصار وخالد موسى بدارنة. وبعد هذه الاعتقالات، خرجت الصحافة الرجعية بحملة هوجاء ضد الجماهير العربية في اسرائيل بشكل عام وضد الحزب الشيوعي الاسرائيلي بشكل خاص والهدف منها تشويه نضال الجماهير العربية في هذه البلاد ولكن الحزب قام بحملة من اجل صد هذه الهجمة الشرسة واصدر بيانا ضد هذه الحملة الهوجاء وقال فيه "ان هذه الحملة هي استفزاز قذر ضد الحزب الشيوعي" ورأى الحزب في الضجة الصحفية ضد هؤلاء المتهمون قبل النظر في قضيتهم في المحكمة هي عمليا خرق لحرمة العدالة الانسانية فالانسان بريء حتى تثبت ادانته ورأت في حملة التحريض هذه تبريرا لاستمرار نظام الحكم العسكري وسياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري تجاه الجماهير العربية في البلاد. وبعد فترة عقد المتحدث بلسان الشرطة مؤتمرا صحفيا قال فيه ان الجميع قد اعترفوا بالتهم الموجهة ضدهم بما فيهم سليم ابراهيم كناعنة وكان قد اعتقل بعد اسبوعين على اعتقال الاخرين ولكنه قد اطلق سراحه بعد ثلاثة ايام من المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث بلسان الشرطة واكد فيه ان الجميع اعترف بالتهم الموجهة لهم بما فيهم سليم كناعنة ولكن بعد اطلاق سراحه لم تنشر الصحف خبر اطلاق سراحه الا جريدة "هآرتس" والتي نشرته في خبر صغير على الصفحة الثانية من الجريدة، ونشر الخبر عن اطلاق سراحه في جريدة "الاتحاد" بتاريخ 22\8\1958 وقالت في الخبر "ان المتحدث بلسان الشرطة اعلن في اجتماعه الطارئ مساء السبت الماضي ان كل المتهمين بما في ذلك سكرتير الحزب الشيوعي في عرابة سليم ابراهيم كناعنة قد "اعترفوا" بالتهم الموجهة لهم وعلى اساس هذه الانباء قامت الضجة ضد الحزب الشيوعي، والان بدأت تنهار مؤامرة الاستفزاز وظهر ان سكرتير الحزب الشيوعي في عرابة اعتقل ظلما واسيئ لاسمه وان التهم ضده كانت ملفقة ودون اساس ومن الصعب ان ننتظر من الشرطة ورجال الحكم العسكري ومكتب رئيس الحكومة ان ينشروا تكذيبا لأقوالهم" انها كانت حملة شعواء ضد الحزب الشيوعي والجماهير العربية وبشكل خاص ضد مجموعة من الشباب الوطني.

(عرابة البطوف)
(يتبع)

توفيق كناعنة
السبت 12/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع