كتاب "الصدى" لجريس عواد يُحدث صدىً واسعًا



اصدر المهندس جريس عواد كتاب "الصدى" الذي يحتوي على مائة قصة وقصة قصيرة ذات مغزى، القصص متنوعة وقصيرة وذات مغازٍ وعبر وحكم، وتتحدث عن القيم الانسانية مثل الصداقة والمحبة والنجاح والمثابرة والصبر والسعادة.
وقدّم للكتاب القاضي المتقاعد خليل عبود، فقال في المقدمة التي كتبها: "أحب اللغة العربية الجميلة، بل أعشقها، ولكني عندما أقرأ مادة تظهر وكأنها ليست بالأدب، عندها أهتم بالمضمون. وبعد أن قرأت كتاب "الصدى"، أعجبت بشيء لم أجده في أي كتاب آخر، ما عدا جمهورية أفلاطون، ألا وهو البحث عن السعادة. فمعظم الكتب والمقالات تحاول أن تستند إلى مرجعية أو أيديولوجية معينة، ولكن كاتب هذا الكتاب لا يعتمد على أية نظريات ولا يحاول ان يتلمس خطوطا حمراء ولا يضع حدودا ثابتة للسعادة. فهو يصرح في القصة رقم 62: "ماذا ننتظر لنكون سعداء؟ لا وجود لطريق نحو السعادة، السعادة هي بذاتها الطريق... استمتع بكل لحظة... السعادة هي رحلة وليست محطة تصلها". وفعلاً لا نشعر بالسعادة إلا بعد الانتهاء من قراءة القصص بكاملها، فهي لا تقتصر على بلد أو زمن معين أو ثقافة معينة، فأحداث البعض تحدث في إنجلترا، وأخرى في الصين وهكذا. وكثير من القصص تروى على ألسنة الحيوانات، وأخرى على السنة الحكماء".
أما الكاتب المحامي وليد الفاهوم فكتب عن الكتاب: "أفكارٌ جميلة وناضجة، تفي بغرضِ ما نحنُ بحاجةٍ اليهِ، لسنا أمامَ دروسٍ في اللغة أو بفقه اللغة، انما لأخلاقٍ وأساسياتٍ وخصوصياتٍ تربوية، بدأت العولمة بقضمها وقضمنا وقضم تراثنا الأنساني ... انه كتابٌ لكلِ الاجيال التي تريد أن تُفكر". أما الدكتور خالد تركي، فكتب: "كتابٌ جديرٌ بقراءَتِهِ ومطالعتهِ لاستخلاصِِ عِبَرٍ وحِكَمٍ وعِظات وتجارب من سبقونا من حكماء وعلماء وخلفاء ورجال دين وأناس عاديين خلال حياتهم اليوميّة، حيث يُقدّم لنا الأخ جريِس عوّاد، مشكورًا وموفَقا في انتقائهِ، قصصا عالمية وعربية هادفة وذات مغزى اجتماعي، ثقافي، علمي وأدبي، كان قد جمعها ووضعها في هذا ألكتاب ليكون خير جليس في الأنام".
ويقول كاتب الكتاب جريس عواد: "انا مهندس مدني والحقيقة ليست هناك صلة بين عملي المهني والكتابة الادبية، لكن اعداد واصدار هذا الكتاب يشبه كثيرا عمل المهندس الذي يأخذ مواد خام ويصنع منها أبنية جميلة ذات قيمة مضافة وهذا عمليا ما فعلته حيث قمت بتجميع واعادة وصياغة وترجمة مواد بعضها موجود منذ مئات السنين ووضعتها بقالب جميل لتتجمع في كتاب فيه قصص تحمل رسالة وعبر ومغازي قيمة".
ويمكن الحصول على نسخة من كتاب "الصدى" من المكتبات التالية: مكتبة الفاهوم، مكتبة حكايات ومكتبة الصفدي في الناصرة وكذلك الامر من معرض الكتاب لصاحبه ربيع موفق خوري وقريباً سيكون في مكتبات اخرى في انحاء البلاد.

 

*(الاسوار والجسور) القصة رقم 11 من كتاب "الصدى" ويهديها الكاتب الى قراء صحيفة الاتحاد

في منطقة ريفية مليئة بالأشجار والجداول والسهول عاش أخوان في مزرعتين متجاورتين. وقد عاشا طوال 30 سنة بسعادة وهدوء, متقاسمين الأدوات ومتعاونين معا بشكل تام، ولكن في أحد الأيام نشب جدال بينهما وفي دقائق معدودة احتدم الصراع والنقاش وتحول إلى أزمة جديه لأول مره منذ 30 سنة.
تلاشى التعاون والتكاثف الذي كان قائما بينهما، وتطور هذا الجدال وسوء التفاهم إلى خلاف لا يمكن حله وتبادلا الاتهامات وفيما بعد أدّى كل هذا إلى انقطاع وقطيعة  بينهما.
في صباح أحد الأيام سمع الأخ الأكبر طرقات على باب بيته وعندما فتح الباب قابله شخص يحمل صندوقاً فيه أدوات نجاره فقال: إنني أبحث عن عمل لعدة أيام، لربما تحتاج إلي في أعمال هنا وهناك وأنا مستعد للعمل في أي عمل يلزمك في مجال النجارة .
نعم قال الأخ الأكبر، بالصدفة لدي عمل من أجلك، أنظر ناحية الجدول في طرف المزرعة هناك يقف أخي الصغير وقبل أسبوع كل ما كان يفصل بين مزرعتينا سهلاً أخضراً ومرعىً مشتركاً، ولكنه قام بحفر هذا الجدول بجرافته الضخمة وصنع منه فاصلا بين المزرعتين, لربما قام بهذا العمل لكي يغضبني ولكنني أريد أن أريه من هو الأخ الأكبر! أترى كومة الأخشاب بجانب المخزن ؟ إني أريد منك  أن تبدأ حالا ببناء جدار من الخشب بارتفاع ثلاثة أمتار كي لا أضطر إلى رؤيته ورؤية مزرعته.
قال النجار: أعتقد أنني فهمت الوضع, أرني أين المسامير والأدوات وسأقوم بالعمل بشكل يرضيك.
في نفس اليوم كان الأخ الأكبر قد قرر السفر لشراء بعض اللوازم والقيام ببعض الترتيبات في المدينة المجاورة، لهذا فقد قام بإرشاد النجار إلى مكان المسامير والأخشاب وخرج مسافراً إلى المدينة.
بدأ النجار يعمل بهمة ونشاط، قام بالقياس والنشر والحفر وتثبيت الأخشاب بالمسامير وعند الغروب وفي نفس الوقت الذي عاد فيه الأخ الأكبر كان النجار قد أنهى عمله.
نظر الأخ الأكبر وعجز عن الكلام فلم يرَ الجدار المتوقع ولكنه رأى جسراً منتصباً مكانه ممتداً ما بين مزرعته ومزرعة أخيه الأصغر فوق الجدول وعلى جانبي الجسر حاجزاً صنع ببالغ الجمال والإتقان , وبينما هو ينظر ويحدق ويطيل النظر رأى أخاه الأصغر يقف في الطرف الثاني من الجسر ويمد يده إلى الأمام ويقول: "أنت رجل عظيم يا أخي بقيامك ببناء هذا الجسر بيننا  بعد كل ما بدر مني, وقف الأخوان على طرفي الجسر لحظة أخرى ثم تقدما حتى التقيا في وسط الجسر فتصافحا وتعانقا بحرارة.
التفتا إلى النجار فإذا به يقوم بجمع أدواته ويحمل صندوقه على كتفه، فقال الأخ الأكبر انتظر، قف، إنني بحاجة إليك لعدة أيام أخرى، لدي كثير من الأعمال التي تستطيع القيام بها.
فقال النجار: "يا سيدي يسعدني البقاء، لكن لدي المزيد من الجسور التي يجب علي القيام ببنائها".


*(الفردوس والجحيم) القصة رقم 89 من كتاب "الصدى" يهديها الكاتب الى قراء صحيفة الاتحاد

يحكى ان احد محاربى الساموراي تحدى احد حكماء اليابان قديما، ان يصف له الفردوس والجحيم، فرد عليه الحكيم فى ازدراء قائلا: "ما انت الا حثالة ولن اضيع وقتى معك". فاشتعل الساموراي غضبا وعلى الفور اشهر سيفه صارخا، "والان يجب ان تموت جزاء وقاحتك"، فاجاب الحكيم بوداعة: "ذلك هو الجحيم"، فهدأ الساموراي من الغضب الذى كاد ان يجعله قاتلاً، ثم انحنى الى الحكيم شاكرا له الدرس الذى تعلمه، فاجابه الحكيم قائلا: "وذلك هو الفردوس".
وهكذا الغضب، نيران تحترق فتأكل كل شىء جميل وطيب، اما النفس المطمئنة فهي التي لديها الطمأنينة والهدوء وهى التي تتحكم في الغضب ونيرانه.

الأربعاء 16/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع