مرض أخلاقي اسمه التسريب



نلاحظ بين الحين والآخر، ومن قبل افراد معدودين، مرض التسريب من ابحاث الحزب او الخروج على التنظيم الحزبي، ولهذه الظاهرة اسبابها خاصة تلك التي يهدف صاحبها الى توصيلها الى وسائل الاعلام، فقد يكون السبب هو ضحالة وهشاشة الالتزام، واهتزاز الثقة بالنفس، والوجهنة على شكل صفقة رخيصة مع وسيلة اعلام معينة، وانعدام الشجاعة والجرأة، حيث يكون "الفاعل مجهول"، ولا نستغرب ان الفاعل قد يكون من اكثر المتزمتين في التنظيم، هكذا يظهر ليخفي هذا العيب والنقص المشين، وقد يكون السبب هو الحقد على كل نجاح للحزب وهو ليس من صانعيه، او حتى من المعرقلين له. فما يهمه هو نشر الفرقة، وبث الاشاعات الفاسدة والكاذبة او المضخمة، واذا انوجد الاسم فدافعه حب الظهور والغرور، وبقصد التعاطي مع اسمه. في مغناة "مزراب العين" شخص اسمه عبده، اراد ان يجري ذكر وتداول اسمه في الضيعة خاصة بين الصبايا، فراح وكسر مزراب العين وصار اسمه عبده كاسر مزراب العين، فهناك اذًا قلة في صفوفنا ضحلة مهزوزة مغرقة في الذاتية، تكثر من التشدق بالتنظيم وتخدش هذا التنظيم، بشكل مقرف ممجوج يتناقض مع الفكر والتنظيم والهدف، والناس كالبحر، فيه الامكنة العميقة الصافية النقية، وفيه الشطوط الضحلة الملوثة. من فوائد الموج وحركة المياه انها تنقي وتنظف، اما المياه الراكدة فعرضة للتلوث، فالنشاط الحزبي الكفاحي الحقيقي أي الحركة لا مجال فيها للتلوث ولا للوثة التسريب، واما الانشغال بالتسريب فهو آفة القاصرين القاعدين الراكدين، وما اصدق المثل القروي الفلاحي القائل: "الشغل يجوهر البدَن"، فالنشاط هو الذي يسيغ الرفيق والتنظيم، ليس العمل بالكلام والشعارات الطنانة، بل العمل المطلوب، العمل المجسد هو الذي يحدد الثمن والقيمة، العمل المبذول هكذا وبتصرف كبير يحدد سعر الشيء، اما انصباب الاهتمام بالكلام الاجوف المضخم فهو المفسدة، وهو الرخص، حبذا لو تجاهر هذه القلة باسمها وهي تسرب، بلا تستر، لكن الجبن والتلون يقفان بالمرصاد، ولذلك تختار هذه القلة النميمة، فهذا الفساد بعينه، مبعثه رخيص، وهدفه رخيص واسلوبه رخيص، فأين عزة النفس وكرامة النفس واحترام التنظيم .. لكن هذه القاذورات من القلة لا تقدر على تلويث الخِضم واللجة والاعماق التي كانت وستظل نقية عصية، وكما ترفض وتلفظ المعدة السليمة الطعام الفاسد، على جسمنا السليم، وعلى كل منا ان يكتسب المناعة ضد هذه الجراثيم، لتظل بضاعة فاسدة منبوذة حتى تتلاشى فالعاقل والواعي حكيم حاله، حكيم نفسه من هذا التلوث الاخلاقي المنتن العفن الفاسد المحمّض.

محمد نفاع *
الأربعاء 16/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع