مع حلول يوم الأسير الفلسطيني اليوم:
أقدم أسيرين فلسطينيين بين أمل الإفراج وفقدان الأحبة



منظمات حقوق الإنسان تلتمس ضد الشاباك لمنع استخدام الأهالي كوسيلة للضغط على الخاضعين للتحقيق

 

حيفا- مكتب "الاتحاد"- يعيش أهالي الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال الإسرائيلي أمل الإفراج عن أبنائهم، خاصة ذوي الأسرى القدامى الذين مضى على اعتقالهم نحو ثلث قرن.
لكن هذا الأمل يتلاشى أمام قساوة السجان الإسرائيلي، وحرمان أهل الأسير من رؤية أبنائهم الأسرى، حتى وإن كانوا على فراش موتهم.

 

وفي يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم الخميس، لا تزال الحاجة أم راضي العتبة من مدينة نابلس تستذكر في سني عمرها المتبقية ابنها سعيد (57 عاما) أقدم أسير فلسطيني وقد دخل عامه الثاني والثلاثين في سجون الاحتلال.
وتحتضن أم راضي صور ابنها وأعماله الحرفية التي أرسلها من السجن وتشتم فيها رائحته، علها تصبرها على غيابه الذي طال.
والحاجة أم راضي أوشكت على إنهاء عقدها السابع من العمر، حيث تدهورت حالتها الصحية مؤخرا، وأصبحت إلى الموت أقرب منها إلى الحياة، ولكنها رغم ذلك تستنهض همتها كلما طرق بابها زائر لتحدثه عن سعيد واشتياقها له، ولوعتها عليه أيضا.
وقالت ابنتها رائدة العتبة إن أمها تتذكر سعيد باستمرار ولا تنساه، ولسانها لا يسكت عن الحديث عنه، حتى وإن كان حديثا مع نفسها، ومع كل بارقة أمل بالإفراج عن الأسرى ترفع يديها إلى الله أن يكون سعيد من بينهم، رغم أنه محكوم بالمؤبد. 
وتحدثت رائدة عن زيارة والدتها لأخيها سعيد في عام 2006، بعد انقطاع دام أكثر من ست سنوات، وفي آخر زيارة لها "نقلت بسيارة إسعاف- نظرا لوضعها الصحي- من البيت إلى معتقل عسقلان شمال الضفة حيث يقبع ابنها، وبعد عودتها كانت فرحتها بلقائه ممتزجة بحرقتها على فراقه".
ورغم قلة الحيلة التي تعيشها أسرة سعيد فإن مطالبتها للمسؤولين الفلسطينيين بضرورة السعي في الإفراج عن ابنهم باتت تشغلها كثيرا، مناشدة إياهم أن ينظروا لذلك من زاوية إنسانية ووطنية، كما قالت.

 

وحال رائدة هو حالة حنان البرغوثي إثر اعتقال شقيقها الأسير نائل صالح البرغوثي- ثاني أقدم أسير فلسطيني- منذ واحد وثلاثين عاما.
وقالت حنان في حديثها إنها ما زالت تتذكر تلك الأيام التي اعتقل فيها شقيقها نائل وهو في التاسعة عشرة من عمره من منزلهم في قرية كوبر قضاء مدينة رام الله شمال الضفة الغربية.
وأضافت: "تم اقتياد نائل مكبلا ومعصوب العينين إلى جيب الاعتقال، بعد أن قلبوا المنزل رأسا على عقب، وألقوا بالمواد التموينية على الأرض، وبعد ثمانية أيام اعتقل والدي وأخي عمر أيضا، وأمضوا ومعهم نائل مائة وعشرين يوما في التحقيق".

 

وتروي حنان أيام والدها ووالدتها الأخيرة مع نائل أثناء زيارتهما له لتقول: "أبي هو الذي كان يزور نائل غالبا، وأمي ظلت محرومة من الزيارة فترة طويلة من الزمن، وبعد وفاة والدي استطعنا بعد الاتصال بالعديد من المؤسسات الإنسانية الحصول على تصريح للزيارة مدة يوم فقط ودون مرافق من أهلها، حيث ذهبت معها زوجة أسير من قريتنا".
وتابعت: "عندما سمح لوالدتي بالزيارة في شهر نيسان من عام 2006 كان وضعها الصحي سيئا، فاضطررنا لأخذها بسيارة إسعاف وعلى سرير متحرك، وكانت زيارة الوداع لها، حيث توفيت بعد ذلك بستة أشهر، فلم يحضر نائل جنازة أبيه أو أمه، وبقيت صورهما هي المؤنس له".
وأوضحت حنان أنه رغم ما مر على نائل من هم وحزن، فإن معنوياته تظل عالية دوما.

 

منظمات حقوق الإنسان تلتمس ضد الشاباك لمنع استخدام الأهالي كوسيلة للضغط على الخاضعين للتحقيق

في أعقاب تقرير اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، الذي أعلن وتمت مناقشته في الكنيست في مستهل هذا الأسبوع، التمست اليوم خمس منظمات لحقوق الإنسان في إسرائيل إلى محكمة العدل العليا ضد كل من  جهاز "الأمن" العام "الشباك" الشرطة والمستشار القضائي للحكومة، بطلب الحد نهائيا من استغلال الأهالي والأقرباء واستخدامهم كوسيلة ضغط على المشتبهين الجاري التحقيق معهم من قبل السلطات في الدولة. وقام كل من المحاميان سمدار بن نتان والياهو أبرام، المستشار القضائي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل بتقديم الالتماس نيابة عن ستة من الأهالي الذين يخضع أقرباؤهم للتحقيق، وباسم اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، وبتسيلم، ومركز الدفاع عن الفرد، وأطباء من اجل حقوق الانسان وعدالة.
ومن ضمن المطالب الموجه لمحكمة العدل العليا النهي عن استخدام وسائل تعذيب نفسية ناتجة عن بث مشهد وهمي للمعتقلين، يوحي بأن اعترافهم في التحقيق سيؤدي إلى إخلاء سبيل أو تحسين ظروف اعتقال أهاليهم وأفراد عائلتهم و/أو كأن أحدًا من أهالي الواقعين تحت التحقيق سيتم اعتقاله إذا لم يعترف الشخص الخاضع للتحقيق بالمخالفات المنسوبة إليه.
إن استخدام أفراد العائلة في تحقيق المخابرات العامة والشرطة، حسب ما يتضح من الحالات المفصلة في الالتماس، يسبب الضغط النفسي الممنوع، الذي يصل حتى التعذيب النفسي، وليس ذلك من وجهة نظر الواقعين تحت التحقيق وحسب، بل أيضا من وجهة نظر الأهالي الذين يتحولون إلى أداة في التحقيق مع أقربائهم، وذلك بدون معرفتهم أو موافقتهم الحرة.
ويعتمد الالتماس على سلسلة من الأحداث، التي تم تفصيلها في تقرير اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، الذي أعلن وتمت مناقشته في الكنيست في مستهل الأسبوع (تحت عنوان "شؤون عائلية: استخدام أفراد العائلة كوسيلة ضغط على الخاضعين للتحقيق من قبل المخابرات العامة") بالإضافة إلى حالات أخرى، من ضمنها حالة غ. غ، وهو فتى قاصر من القدس الشرقية، تم اعتقاله اثر الاشتباه به بالإخلال بالنظام في المدينة، وبهدف الضغط على الفتى القاصر، هدده أفراد الشرطة بأنه سيتم اعتقال والده ومن ثم تم إدخال والدته إلى غرفة التحقيق وإرغامه على مشاهدتها وهي مكبلة الأيدي، بهدف تصويرها له بشكل وهمي على أنها معتقلة.
ومن الجدير بالذكر، أنه أثناء مناقشة الموضوع من قبل لجنة الدستور والقانون والفضاء في الكنيست بمستهل الأسبوع اعترف رئيس قسم التحقيقات في جهاز "الأمن" العام بأنه في حالة واحدة على الأقل تم استخدام وسائل ممنوعة واستغلال أفراد العائلة، من الحالات التي تم وصفها في تقرير اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل والتي يتم وصفها في الالتماس الحالي، حالة عائلة سويطي. وفي هذه الحالة تم إحضار والد وزوجة المعتقل إلى المعتقل وتم عرضهم على قريبهم، كأنهم معتقلون مثله، وفي أعقابها حاول الخاضع للتحقيق، محمود سويطي، الانتحار. وإثر توجه اللجنة العامة لمناهضة التعذيب، صرح مسؤولون في جهاز "الأمن" العام في نقاش هذا الأسبوع، بأن القوانين قد تغيرت، وانه "بشكل عام" سيتم إلغاء هذه المشاهد الوهمية.
وتوضح المنظمات الملتمسة، بأن القوانين الجديدة لا تكفي ويجب منع هذا العرض الوهمي في كل الظروف. وان الخيار بين الاعتراف في الجنحة، التي كانت أم لم تكن، وبين سلامة أفراد العائلة هو قرار يؤدي إلى اختيارات قاسية، صعبة وغير ممكنة، ولذلك يجب إلغاؤها أمام الخاضعين للتحقيق.

الخميس 17/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع