قصة
"تفضّلي"



ثلاثة شوارع تفصل بين بيتنا والمدرسة، اقطعها مشيا على الاقدام، في الذهاب والإياب، لعدم وجود مواصلات عامّة. وكثيرة هي الأيام التي أتأخر فيها عن المدرسة، فتضيعُ دقائق ثمينة.
أبي يملكُ سيارة خاصة، لكنّه يخرج بها الى عمله، في الساعة السادسة.
واليوم، تأخّرت في الخروج، لأنني ساعدتُ والِدَتي في تجهيز إخوتي الثلاثة، الذين تنتظرهم سيارة المدرسة.
أخذتُ اَجْري، واجتازُ الشوارع في غير الأماكن المخصّصة للمُشاة. ورغم ما في ذلك من الأخطار! وكلّ ذلك، كيْلا أفقد دقائق ثمينة من الحصة الاولى..
سمِعتُ نفير سيارة غير عادي، بَدا لي ان صاحبهُ سعيد بأن يُطلق النّفير منغّمًا. ولعله يصاحِبهُ بأغنية.
تكرّرَ النفير.. وغدا صفيرًا مُزعجًا.. واضطررت الى النّظر باتجاهه. وأوقف صاحبُ النفير سيارته، ودعاني الى الدخول،
قائلا: "سأوصِلكِ الى المدرسة.. تفضّلي."
تقدّمتُ خطوتين، ظننتُهُ ابن الجيران الذي أوصلني مرات عديدة. لكنني حين نظرتُ في وجهه، عرَفتهُ، كان شابا من حيّنا، عُرف بالمروق واشياء اخرى..
أردتُ ان أمضي في طريقي، فإذا هو، وشاب آخر مرافق له، يخرجان من السيارة، ويحاولان دفعي الى داخلها بالقوّة..
صرَختُ، لكنهما لم يتراجعا، ومضيا يجرّاني الى داخل السيارة..
قبَضتُ على يد أحدهما بأسناني، فأخذ يصرخُ: "اُتركيني، أيتها الكلبة!! اُتركي يدي، ايتها المتوحّشة.. اتركيني!!"
لكنني لم اترك يدهُ برغم أنه وجّه إليّ عدة لكَمات..
وتوقّفت سيارة للشرطة، كانت عابرة،
سألني الضابط، فحكيتُ له ما حدث، فدعاني لمرافقتهِ الى مركز الشرطة لتسجيل دعوى ضد المعتديَيْن، فاعتذرتُ بأن عليّ ان أصل الى مدرستي فورًا.
نظر الشرطي في ساعة يدهِ.. وحمَلني في سيارتهِ الى المدرسة، وتركَ المجرمَين في حراسة شرطيين آخرين، على ان يقوم هو بتقديم الشكوى، وهو شاهد على الحادث. وربما اُطلَبُ للشهادة، فيما بعد.

(خولة)

مصطفى مرار *
الخميس 17/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع