من المُطالبة إلى المُبادرة وصوغ البدائل



في بعض الأحيان، قد يكون من الصعب علينا قياس ما نقطعه، كرًا وفرًا، في المسيرة المضنية من أجل تحصيل حقوق التعليم العربي الفلسطيني في إسرائيل. ولكننا اليوم، وعلى عتبة المؤتمر السابع للتعليم العربي، بإمكاننا أن نُشرف، ولو بنظرة الطائر، على سير هذه المسيرة ومعوّقاتها المختلفة، الخارجية منها والداخلية.

 

لقد نجحت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، مدعومةً من الهيئات التمثيلية للجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة المتابعة العليا، في إرساء ثوابت رؤيتنا الجماعية، الوطنية والمهنية، من أجل ضمان حقوقنا التعليمية، ورسم استراتيجيات العمل على التغيير والتأثير على مختلف الصعد، المركزية-المؤسساتية منها والمحلية-الأهلية.
وسواء أكان الأمر على صعيد المبنى التنظيمي والإدارة التربوية والسياسات البيداغوغية، أو على صعيد الموارد المالية والبشرية، فإن إحقاق المساواة للتعليم العربي يتطلب قرارًا سياسيًا. وقد أثبتت تجربتنا الطويلة والمريرة مع المؤسسة الحاكمة أنّ تأثير المستوى المهني في مواقع صنع القرار يتقزّم ويقزّم نفسه تحت وطأة الاعتبارات السياسية والتدخّلات غير المهنية.

 

هذه المؤسسة، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، كانت أكدت أكثر من مرّة رفضها القاطع والموتور لمطلبنا الواضح والصريح والمشروع بإقامة مديرية للتعليم العربي وتشكيل سكرتارية تربوية مهنية، يقودهما ويديرهما أكاديميون ومهنيون عرب مفوّضون من الجمهور العربي، ضمن البنية التنظيمية القائمة اليوم في الوزارة نفسها. هذا مع العلم أنّ دولة إسرائيل توفّر للفئات الدينية داخلها هذا المتّسع الحقوقي والتربوي وأكثر منه أحيانًا، ومع العلم أنّ المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الثقافية للمجموعات الأصلية وحقها في التعليم تحديدًا قد تبرّر المطالبة بما هو أكثر من هذا.

 

وكذلك الأمر بالنسبة للاحتياجات المادية والبشرية. فرغم مليارات الشواقل التي نجحنا في انتزاعها في العقد الأخير من خلال النضال الجماهيري والمرافعة القضائية والبرلمانية والإعلامية، إلا أنّ الطريق أمام سدّ النواقص التي خلفتها ستة عقود من التمييز والإهمال - من صفوف ومرافق إلى كوادر مهنية إلى ساعات وبرامج تعليمية – ما زالت طويلة وتتطلب نفسًا طويلا نحن على يقين من أنّه لن ينقطع.

 

لقد كثفت وعمّقت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي من عملها على أساس هذه الثوابت بين مؤتمريها السادس والسابع، مشدّدة على أمرين: الأول هو تذويت ضرورة أخذ المسؤولية الذاتية على جهاز التربية والتعليم العربي في مختلف المراحل التعليمية والمناطق الجغرافية، وبدء ممارسة هذه المسؤولية وتحمّلها فعليًا والتصدّي لسياسة خصخصة المؤسسات التربوية ومختلف ظواهر الفساد والاستغلال التي تنخر في جسد التعليم العربي؛ والثاني هو الانتقال إلى مرحلة صوغ البدائل العملية الملموسة في مختلف القضايا، لا سيما انطلاق العمل على تأسيس مجلس تربوي عربي، والذي يشكّل خطوة جديدة فاعلة ومبادِرة في سياق مطلبنا الإستراتيجي الذي أعلناه في مؤتمرنا السادس عام 2004 بإعادة هيكلة جهاز التعليم العربي مبنًى ومضمونًا.
وكلنا ثقة في أنّ العمل الجاد والمثابر والمخلص لهذا الشعب ولأبنائه وبناته سيكون وليّ التوفيق.

 

* رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي (المصدر: مجلة "قضايا التعليم العربي"، العدد الخامس)

 

نبيه أبو صالح
السبت 19/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع