واشنطن تستحضر عماد مغنية بعد 25 سنة من تفجير سفارتها في بيروت!



بري لـ«السفير»: الرئاسة ورفع الاعتصام فور التوصل لإعلان نوايا حول الحكومة والدائرة الانتخابية

ترأس مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش، أمس، احتفال السفارة الأميركية بالذكرى الخامسة والعشرين لتفجير مقرها في بيروت، وشاء الأميركيون لاحتفالهم هذه السنة أن يتخذ «طابعا خاصا»، كونه يأتي مباشرة بعد اغتيال القيادي في «حزب الله» الشهيد عماد مغنية، الذي حمّله الأميركيون مسؤولية سقوط القتلى الأميركيين في لبنان مطلع الثمانينيات.
وأصدر الرئيس الأميركي جورج بوش بيانا رسميا من البيت الأبيض، للمناسبة، حمّل فيه «حزب الله وإرهابيين آخرين تدعمهم دمشق وطهران مسؤولية هذه الهجمات»، مجددا دعمه «للحكومة والشعب اللبناني»، فيما كانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس تترأس احتفالا كبيرا بالمناسبة أقيم في مقر الخارجية في واشنطن ضمن مناخ الثأر نفسه.
ونقل عن دبلوماسيين أميركيين، في حلقات ضيقة، أن الولايات المتحدة «ستثأر في يوم من الأيام من آخرين متهمين بالتورط في التفجيرات التي استهدفت السفارة مرتين ومقر «المارينز» في بيروت في الثمانينيات»، علما أن أكثر من موفد أميركي كان قد طالب السلطات اللبنانية في السنوات الأخيرة، وخاصة الوزيرة السابقة مادلين أولبرايت، بوجوب تسليم عدد من المتهمين وأبرزهم السيد حسن نصر الله فضلا عن الشهيد مغنية.
وضمن مناخ «الثأر» نفسه، كان أحد سفراء الولايات المتحدة السابقين قد أبلغ أسرة «السفير» قبيل مغادرته بيروت، في مطلع الألفية الجديدة بأن واشنطن ستستمر بالمطالبة برأس عماد مغنية وآخرين «حتى لو بعد خمسين سنة»!
وقد غادر ولش العاصمة اللبنانية متوجها الى الرياض بعد «احتفالية عوكر» وسلسلة من اللقاءات شملت، أمس، البطريرك الماروني نصر الله صفير وقائد الجيش العماد ميشال سليمان وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع ووزير العدل شارل رزق بالاضافة الى الرئيس أمين الجميل، حيث اتخذ اللقاء بينهما طابعا استذكاريا لمشهد الثمانينيات ربطا بيومنا هذا.
ومن المعروف أن ولش كان قبل 25 عاما، وتحديدا في الفترة الممتدة منذ العام 1981 وحتى نهاية العام ,1983 مسؤولا عن ملف لبنان في وزارة الخارجية الأميركية.
وغداة استهداف السفارة ومقر «المارينز» في عمليتين انتحاريتين، زار الرئيس الجميل واشنطن والتقى الرئيس الجمهوري رونالد ريغان الذي كان قد مني بأول إخفاق منذ توليه الرئاسة في العام 1980 (تفجيرات بيروت).
وقتذاك، أبلغ ريغان الرئيس الجميل بحضور ديفيد ولش أن الارهابيين «الذين استهدفوا سفارتنا وجنودنا سيدفعون ثمن فعلتهم»، وشدّ على يد الجميل ومساعديه، وقال له «ثق بأنكم ستربحون المعركة ضد سوريا بصمودكم وبدعم المجتمع الدولي لكم»، وهي العبارات نفسها التي استخدمها ولش أمس في البيت المركزي كما في معظم لقاءاته مع قادة الأكثرية، تاركا لمخيلة البعض أن تدقق في «النصائح الحديثة» وأن تسرح وتستذكر ماذا كانت نتائج «النصائح القديمة» عندما اندحر الأميركيون عن لبنان في الثمانينيات وانهارت سلطة الجميل وعاد الجيش السوري الى بيروت...
ولم يضف ولش في كلام اليوم الثاني جديدا لمواقف اليوم الأول، خلا تأكيده في احتفال السفارة «إن دعم لبنان اليوم من قبل حكومة الولايات المتحدة هو قوي ومن الحزبين (الجمهوري والديموقراطي) ولن يحول دونه شيء». وجدد انتقاده للعماد ميشال عون، واتهمه بتقسيم الواقع المسيحي، ودعا لانتخاب الرئيس فورا ومن دون شروط، وقال ان بلاده لا تريد استمرار «الستاتيكو» الحالي في لبنان!

 


في هذه الأثناء، حذر رئيس المجلس النيابي نبيه بري من المماطلة وتضييع الوقت، وقال لـ«السفير» ان «الوقت يداهمنا جميعا، والمطلوب ليس الاستغراق في الحوار والدوران في حلقة مفرغة، بل قيام حوار سريع ومنتج، نصل في نهايته الى «اعلان نوايا» في شأن النسب في الحكومة المقبلة وأي دائرة انتخابية ستعتمد، وبعد الاتفاق، يصار فورا الى رفع الاعتصام من وسط بيروت، ونذهب فورا الى انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان ضمن السلة الكاملـة».
وألمح بري الى أنه في ظل الجو القائم سيصار الى تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 22 نيسان الجاري، الى موعد آخر بعد اسبوعين او عشرين يوما او شهر على أبعد تقدير.
وقال بري لـ«السفير» ان «الحوار فرصة ثمينة جدا بل اكثر من ثمينة، وبالتالي يخطئ كثيرا من يفوّتها. لا بل يرتكب خطيئة. لا سيما ان الحوار ليس تعطيلا للمبادرة العربية، كما يروّج بعض المتضررين، بل على العكس هو يلاقي المبادرة في منتصف الطريق، لمدها بقوة دفع لبنانية حوارية، وخصوصا بعدما اصطدمت هذه المبادرة بالحائط المسدود باعتراف الجميع، بمعنى آخر فإن الحوار يعني انقاذ المبادرة العربية».

 


وردا على سؤال حول الموقف السوري، قال بري، «اعود وأؤكد مرة جديدة أن زيارتي الاخيرة الى دمشق قد تكون من اهم الزيارات التي قمت بها، وأستطيع أن أؤكد أن سوريا والرئيس بشار الأسد على وجه الخصوص، تريد الحل في لبنان، وتؤيد الحل في لبنان. ونقلت شخصيا من العاصمة السورية أهم موقف سوري بتأييد انتخاب العماد سليمان، وتأييد الحوار بين اللبنانيين، وثالثا والأهم هو الالتزام بمقررات حوار آذار ,2006 فسوريا قدمت اشارات تسهيلية للحوار وللحل.. والمطلوب التقاطها».
ولفت بري الانتباه الى ان الحل المطلوب، «والذي نتوخاه من خلال الحوار، هو الحل المنسجم مع اتفاق الطائف، والذي يحفظ المعادلة اللبنانية القائمة والشراكة بين الجميع، وبالتالي اي حل يمكن ان يمس هذه المعادلة او يؤثر عليها هو حل مرفوض من قبلنا، لن نسمح به».
أضاف بري «لقد بلغنا مرحلة الخطر.. ولا وقت للتشاطر، لقد وصلنا الى ساعة الحقيقة، فلنعلم ان الحل لبناني لبناني، ولا يحلمَنّ احد ايًّا كان في الداخل او في الخارج، بأنه يستطيع ان يفرض علينا شيئا، من الشرق أو الغرب، او ان يمون علينا بأي حل يضرّ بالمعادلة اللبنانية القائمة وبمبدأ الشراكة التي كرسها الطائف، فليسمحوا لنا، نحن نرفض اي حل يضر المعادلة اللبنانية، الحل بالحوار اللبناني اللبناني.. وليزعل من يزعل.. ومن يرد ان يركب رأسه.. فليركبه».

 


الى ذلك، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ان المعارضة لن تسمح للموالاة «بالسيطرة القانونية، فإذا كنتم فاشلين في مرحلة سنة ونصف سنة، فكيف سيكون الوضع ونحن نتفرَّج عليكم بعد ذلك في سنوات طوال يمكن أن تكون سنواتٍ عجافاً، فضلاً عن هذه الرقابة الأميركية عليكم التي تصبّ في خدمة المشروع الاسرائيلي بكل إفرازاته، وبالتالي لن تأخذوا منا رئاسة دون توافق على المشاركة بالطريقة المناسبة التي تُنجز قانون انتخابات عادلا، يوصل في نهاية المطاف إلى حكومة وطنية»، وقال «إذا ظننتم أن الضغوطات العربية والدولية يمكن أن تؤثر علينا فهذا أمر لم يعد وارداً».

السبت 19/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع