الباراغواي: هل يطيح «مطران الفقراء» أقدم حـزب حـاكم في العـالم؟



السفير - وسام متى- فيما يواصل اليسار تقدمه في أميركا اللاتينية، تبقى الباراغواي حليفاً رئيساً للولايات المتحدة، وأحد المعاقل الأخيرة لليمين في «القارة الحمراء». لكن يبدو أن رياح التغيير بدأت تهب على تلك الدولة، التي يحبس شعبها أنفاسه قبل ساعات من انتخابات رئاسية وتشريعية مفصلية، تكمن أهميتها في أنها قد تطيح أقدم حزب حاكم في العالم، وأكثر التنظيمات السياسية صلابة.
وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدّم «مطران الفقراء» فرناندو لوغو (58 عاماً)، بهامش بسيط أمام المرشحَيْن اليمينيين البارزين بلانكا أوفيلار عن حزب «كولورادو» الحاكم، والجنرال المتقاعد لينو أوفييدو الذي قاد انقلاباً فاشلاً على الحزب في العام .1996
وفي آخر استطلاع نشرته صحيفة «اولتيما أورا»، حصل لوغو على تأييد 34.5 في المئة من الناخبين، في مقابل 29.5 في المئة لأوفـيلار، و9,28 في المـئة لأوفييدو.
وفي حال فوزه، يكون لوغو قد نجح في إزاحة أقدم حزب حاكم في العالم. فقد أحكم الـ»كولورادو» قبضته على الحياة السياسية في الباراغواي منذ عام ,1954 أي قبل سنتين من سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على مقاليد الحكم في بكين.
ويقول رئيس اتحاد المزارعين في الباراغواي توماس زاياس «إذا انتخب لوغو، فإنّ ذلك سيفتح الباب أمام تغيّرات مستقبلية، وسنحصل على كل ما نريد»، عاكساً بذلك آمال الفقراء، الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من شعب الباراغواي، بأن يساعد فوز «المطران الأحمر»، كما يصفه خصومه، في تحسين أوضاعهم.
ويحظى لوغو بدعم «التحالف الوطني من أجل التغيير» الذي يضم سبعة أحزاب وعشرات المجموعات، التي تتراوح بين منظمات العمل القاعدي وجمعيات المزارعين والحركات الاجتماعية.
وينتمي لوغو إلى تيار «لاهوت التحرير»، الذي ووجه بحرب شرسة من قبل الدوائر الفاتيكانية منذ أن كان البابا الحالي بندكت السادس عشر رئيساً لمجمع الإيمان والعقيدة في الكرسي الرسولي، ويعرف عنه مناصرته قضايا الفقراء والمهمشين منذ انتخابه أسقفاً على أبرشية سان بيدرو، أكثر المقاطعات فقراً في الباراغواي.
ويرى لوغو أنّ «الفجوة بين الأغنياء والفقراء تشكل فضيحة في المجتمع الباراغوي، حيث تعيش قلة على موائد الحفلات الضخمة، فيما تنوء الغالبية تحت وطأة الجوع»، متعهداً بإعطاء المزارعين المزيد من الأراضي، ومواجهات الفساد في أجهزة الدولة والسعي إلى تحميل البرازيل نفقات أكبر لاستخدامها محطة «ايتايبو» الكهربائية المشتركة.
ويبدي لوغو إعجابا بالقادة اليساريين في أميركا اللاتينية، لكنه يتفادى أن يصبغ أفكاره السياسية بالراديكالية. وفي مقابلة نشرتها امس الاول صحيفة «الباييس» الإسبانية، قال لوغو إنه يشكل «خطا وسطاً بين (الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو دا سيلفا) لولا و(الرئيس الفنزويلي هوغو) تشافيز».
في المقابل، تحمل اوفيلار شعلة الـ»كولورادو»، وهي تقدّم نفسها كـ»اشتراكية ديموقراطية» في الحزب، لكنها تعتبر من أبرز الموالين للرئيس الحالي نيكانور دوارتي فروتوس.
وتطرح اوفيلار، وزيرة التعليم السابقة، برنامجاً تربوياً ترى أنّه كفيل في إخراج البلاد من الفقر، كما تسعى للاستفادة من كونها امرأة لجذب أصوات النساء اللواتي يشكلن 49.5 في المئة من السكان و10 في المئة من مقاعد البرلمان والحكومة.
وبرغم انتمائه التاريخي الى «كولورادو»، يسعى أوفييدو، الملقب بـ»سائس شجيرات البونزاي»، بسبب قصر قامته، إلى أن يميّز نفسه عن اليمين الحاكم طارحاً نفسه كمرشح «تقدمي». ويوضح «لا نتطلع إلى اليمين أو اليسار أو الوسط، بل إلى التقدم... ولا نريد النيوليبرالية أو الشعوبية أو الشيوعية أو الدكتاتورية، بل حكومة شرعية وديموقراطية، حيث لا يمكن للأغنياء أن يستفيدوا من تدهور أوضاع الفقراء، ولا يمكن للفقراء أن يستفيدوا من تدهور أوضاع الأغنياء».
وفيما تشهد الانتخابات الرئاسية تنافساً بين سبعة مرشحين، يرى معظم الباراغويين في المعركة صراعاً بين وجهتين رئيسيتين: اليمين مدعوماً من الاوليغارشية الزراعية وتكتلات رجال الأعمال، واليسار مدعوماً من الحركات الاجتماعية.
لكنّ كثراً يرون أن لانتخابات الباراغواي بعداً إقليمياً، كونها استمراراً للمواجهة بين الولايات المتحدة ومعسكر اليسار في القارة اللاتينية، وآخر لاهوتياً يتمثل في الصراع التاريخي بين محافظي الكنيسة ولاهوتيي التحرير، علماً بأنّ الفاتيكان انضم مبكراً إلى المعركة، حيث اكتفى بـ»تجميد» أوضاع لوغو الكنسية، رافضاً قبول استقالته من منصبه الأسقفي في 25 كانون الثاني ,2006 ما جعل ترشيحه عرضة لطعن دستوري، في حين تبقى نتائج الانتخابات التشريعية عنصراً لا يقل أهمية لتحديد مدى قدرة الرئيس الجديد على الحكم في أجواء من الاستقرار.


السبت 19/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع