صدى الصدى



     حقّا ان "السعادة هي رحلة وليست محطة" و اننا بالمال نشتري كل شيء ما عدا السعادة و.. .  إن الحكمة هي مدخلها و أن الفيلوصوفيا (الفلسفة) هي بالمعنى اليوناني – صديقة الحكمة.
     و حقيقة أن كتاب الصدى – مئة قصة و قصة هو كتاب يقطر حكمة، لملمها كاتبه من حكايات إيسوب – العبد الإغريقي ذو الأصول الحبشية، الذي تحرر فحرر نفسه وعمل على تحريرنا من أنفسنا – ومن حكايات كليلة ودمنة ذات الجذور الهندية التي ترجمها  ابن المقفع عن الفارسية، ومن لا مارتين الذي تأثر بإيسوب وربما أيضا  بإبن المقفع، ومن الأمين و المأمون في العصر العباسي ومن العصر الحديث ببعض الحكايات البريطانية  والأمريكية التي ترجمها الكاتب .
     و الحقيقة أيضا أن الأقصوصة و الأمثولة و المفارقة و الحكاية المتوارثة هي حقا عصارة تجارب الشعوب على اختلافها، هي ضمير هذه الشعوب وهي خلاصة حكمتها و قيمها التربوية و الأخلاقية، وهي بالتالي تكتشف مزاح الشعوب و تمايزها.
واعني بالتمايز هنا الإختلاف  و الحق في الاختلاف و ليس الاستعلاء.. لان الاستعلاء هو مقتل الفرد  والشعب والأمة... لقد قيل على لسان ماركس:" لسنا بأفضل الشعوب، لكن ما من شعب أفضل منا ". و كأنني به يرد بهذا على مسألة الاستعلاء القومي وعلى الاستعباد وعلى الفكر النازي و الفاشي و الصهيوني، بمثل مقولات؛ ألمانيا فوق الجميع و أن الجنس الآري هو أفضل أنواع البشر أو أن اليهود هم شعب الله المختار .. يحق لهم ما لا يحق لغيرهم بسب جبلتهم الخارقة والمتميزة.
     لقد بذل الكاتب جهدا عظيما في "تبعّره"... و كأنني به يلتقط من كل بستان زهرة، ساقها الحكمة و عطرها السعادة...
     لقد اجتهد صاحبنا و كان له في اجتهاده أجران. من اجتهد فاخطأ فلسه اجر ومن اجتهد فأصاب فله أجران .
     في اعتقادي أن هذا الكتاب. . .  إما أن يكون كتاب السرير في المساء و إما أن يكون كتاب الصباح.. وهو في ملتي واعتقادي يجب أن يقرأ  على جرعات... قبل النوم مع كأس من الحليب الساخن أو في الصباح مع عبق فنجان القهوة. فالحكمة مثل الدواء الشافي ومثل الدمقراطية تقدم على جرعات . سيما و أن هذا الكتاب وجبة دسمة .. علينا أكلها برويّة بتؤدة وعلى مهل، ومن المفضل أن يستفيد منه أبناؤنا في المدارس أو حتى في بساتين الأطفال .. وعلى جرعات أيضا. حبذا لو ينتبه إليه المديرون والمعلمون و المعلمات و مسؤولي دوائر المعارف في البلديات والمجالس المحلية ومتخصصو التعليم اللا منهجي .
     كثيرة هي الكتابات التي تشكل علاجا للكاتب ذاته و للقراء وهذا الكتاب أحدها...
     صباح الخير أيها المهندس الصديق جريس عواد .. هنيئا لك في باكورة أعمالك     –الصدى– رفيقا على هذه الدروب و أخا في الهم.

وليد الفاهوم
الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع