من المسؤول عن أزمة المياه في إسرائيل ؟



حيفا- من أخطر التحدّيات التي نواجهها في المدّة الأخيرة، هو الخلل الحاصل في التوازن بين العرض والطلب في قضية المياه.  لأنّه ثمّة تناقص في الموارد المائيّة وتزايد في طلب الماء للشرب وللريّ الزراعي، نتيجة لما نشهده من تطوّر في جميع مجالات الحياة، بالإضافة إلى التكاثر السكاني الطبيعي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يسيطر سوء الإدارة وقلّة الوعي على الموقف ليفشل المبادرات الرامية إلى التخفيف من حدّة أزمة المياه ومخاطرها.

 

محاولات حكومات إسرائيل المتتالية لحلّ أزمة المياه متخبّطة ومتعارضة وتكون على الغالب على حساب البلدان والشعوب العربيّة، لذلك نرى أنّ أحد الدوافع الرئيسيّة لبعض حروب إسرائيل ضدّ الدول والشعوب العربيّة واستمرار الاحتلال، هو لضمان توفير المياه  من خلال السيطرة على الآبار والمياه الجوفيّة .

 

عقد في 15.4.2008 مؤتمر للبحث في موضوع أزمة المياه في إسرائيل بمشاركة مندوب سلطة المياه في السلطة الفلسطينية الذي استعرض الحالة المأزومة للمياه التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال والحصار والنهب للموارد المائيّة الفلسطينيّة.
يستدلّ من أبحاث وقرارات المؤتمر، أنّ تعامل الحكومات الإسرائيليّة مع أزمة المياه كان وما زال هامشيّا ومتخبّطًا ويقتصر على تشكيل لجان وطواقم من المختصّين لترفع التوصيات وتتّخذ القرارات لتبقى  حبرًا على ورق، ذلك  لعجز الحكومة عن توفير الميزانيّات لتنفيذ هذه القرارات والتوصيات. الأمر الذي يدلّ على ضحالة تفكير وقلّة وعي المسؤولين السياسيّين الإسرائيليين، أصحاب القرار، لأزمة المياه الآخذة في التدهور والخطورة.
لا تملك حكومة إسرائيل أيّ تفسير مقنع لعدم تكرير وتطهير كلّ مياه المجاري لتصبح صالحة للريّ. من الجدير بالذكر انّه يتمّ في إسرائيل تطهير وتكرير 25% فقط من مياه المجاري للريّ!!  رغم أنّ تكلفة عملية تكرير وتطهير كلّ مياه المجاري هي أقلّ من تكلفة عمليّات الاجتياح لقطاع غزّة!
كحلّ لهذا الوضع المتأزّم، تطالب سلطة المياه الإسرائيليّة ، بخصخصة سلطة المياه  كي تصبح شركة مستقلّة عن الحكومة تقوم بجباية الرسوم والضرائب بغية تنفيذ مشاريع الحلّ.
نتيجة لهذه الخصخصة، من  المتوقّع أن يقع العبء الأكبر من هذه الضرائب والرسوم على أكتاف العمّال والموظّفين في إسرائيل، علاوة على المخاطر المحدقة المترتبة عنها والتي حتما ستمس  الشعب الفلسطينيي، هذه السياسة  لأنّها ستزيد من الفوضى العارمة للتلوّث في الأراضي والمياه الفلسطينيّة، خصوصًا وأنّ السلطة الفلسطينيّة لا تستطيع وقف تسرّب مياه المجاري إلى المياه الجوفيّة ولا تمتلك أيّ جهاز أومحطة للتكرير وللتطهير، الأمر الذي أدّى إلى أن يصبح أكثر من 75% من مياه الآبار الجوفيّة الفلسطينيّة في قطاع غزّة ملوّثة وذات نسبة عالية من الملوحة تفوق المعدّل المسموح به لمياه الشرب.

 

شكّّلت سلطة المياه في إسرائيل، في الآونة الأخيرة، "طاقم القحط"  ليدرس ويبحث أزمة المياه ويحدّد الكيفيّة والسيرورة للحلّ. من أهمّ توصيات هذا الطاقم:
* العمل على تقنين ريّ الحدائق، وتجفيف بعض الحدائق القديمة.
* تخفيف استهلاك المياه للزراعة (استهلك الزراعة 620 مليون كوب ماء، في سنة 2006، بينما تستهلك اليوم 450 مليون كوب ماء).
* زيادة أجهزة ومحطّات تحلية وتنقية مياه البحر (هناك ثلاث محطّات، من المفروض أن تنتج كلّ واحدة منها 100 مليون كوب ماء، بينما تنتج في الواقع، المحطات الثلاث معًا 138 مليون كوب).

 

بناء على هذه التوصيات، اقترح وزير البنى التحتيّة، بنيامين بن إليعزر زيادة الإنتاج بتحلية مياه البحر للحصول على 200 مليون كوب، كما سيعمل على تشييد 20 جهازا ومحطّة تحلية إضافيّة لتصبح الكميّة المحلاة في إسرائيل 530 مليون كوب ماء، لكنّ قسم الميزانيات في وزارة الماليّة يدّعي بأنّ 230 مليون كوب هي كميّة كافية لحلّ أزمة المياه في إسرائيل.
هناك مشرع مشترك بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينيّة بتمويل البنك الدولي يهدف إلى التخفيف من حدّة الأزمة، لكنّ تاريخ تعامل السلطات الإسرائيليّة مع مثل هذه المشاريع في ظلّ الاحتلال والعسكرة يسير من سيء إلى أسوأ هذا مما يجعل الخلل بالموازنة بين العرض والطلب للمياه فوضويّا وسيحول دون تحسّن الأداء الإداري لسلطتي المياه في الأردن وفلسطين أيضًا.

راضي كريني
الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع