وحدة الحزب والجبهة أولا



تزداد شراسة الاحتلال كلما طال عمره ولعلمه إنه زائل. وبمرور كل يوم يقصّر هذا العمر وبغضّ النظر عن شكل ومضمون الحركة في المجتمع الذي يرسل أبناءه لاحتلال أراضي الغير، وعنها وعن شكلها ومضمونها في المجتمع الذي يحتلُ الغيرُ أرضه.

 

الإحتلال زائل رغم كل شيء ورغم كل أسباب إطالة عمره. ليس ما أقصده هو مناقشة هذا الموضوع، موضوع زوال الاحتلال فهو زائل حتما لأن بذور زواله كامنة في أحشائه. وما لا أودّ مناقشته أيضا هو الحركة وأشكالها ومضامينها في المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، لأنه ليس باستطاعتي ذلك، فهذه مواضيع تحتاج لمختصّين بمناقشتها.

 

إن بوادر ثورة الجياع في مصر قد أثارت لديّ أحاسيسي الطبقية مما يؤكد أنني لست قومجيا ولا استطيع ان أكون كذلك. وإنني كعامل يسكنه فلاح لا يملك أرضا لأن الصهيونية جردته منها وشردته عنها، لا يمكنني إلا أن أفكر بشكل طبقيّ، بعد أن غدر به أصحاب الحل القومي وكذلك الطائفي من أبناء جلدته، الذين جلّ طموحهم هو أن يكونوا عبيدا خاضعين لوليّ نعمتهم خلف المحيط. ولكن، كيف يمكنني أن أقبل بتهم لا علاقة ولا صلة لي بها. أيّ ماركسية تلك التي توجّه لي هذه الاتهامات؟ وهل بمجرد أن لا أعطي أصواتا كافية لرفيقة معينة أصبح وفي رمشة عين قومجيا متطرفا منحرفا عن ما أفنيت عمري أومن به.

 

إن من حقّ الرفاق اليهود أن يُنتخبوا في هيئات الجبهة، ولا أخفي أنه كان يجب أن يكون عددهم أكثر في هذا المؤتمر، أما أن يُبدأ بالعدّ: كم عربيا وكم يهوديا في هذه الهيئة أو تلك، أو كم عربيا وكم يهوديا في الحزب أو الجبهة بشكل عام؟ فإن هذه هي المواقف غير الأممية والتي تؤدّي بالعمل الجبهوي إلى الفشل، والذي نحن، الحزب والجبهة، بعيدون كل البعد عنه خاصة في الآونة الأخيرة، فالحذر كل الحذر مما نكتب.

 

إن حزبنا وجبهتنا على علم تام بأن الكثير من القيادات الفلسطينية في "فتح" والسلطة قد انحرفت عن التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية. وهل معنى هذا بأن هذه الثوابت أصبحت بالنسبة لنا شعارات فقط؟ إننا نتمسك بالمشروع الوطني الفلسطيني وندافع عنه بغضّ النظر عن مواقف بعض القيادات الفلسطينية المنحرفة، ولكن لا يمكننا أن نكون خلف متراس واحد مع قيادات فلسطينية أخرى أرادت إقامة إمارة في غزة قاصدة بذلك ضرب هذا المشروع الوطني الفلسطيني، وقد ضربته فعلا بتقسيم الوطن سياسيا، الأمر الذي لم تنجح به الصهيونية والإمبريالية العالمية خلال عقود طويلة.

 

أن العمل اليهودي العربي المشترك في هذه البلاد هو أمر أساسي في مصلحة الجماهير العربية في كفاحها من أجل المساواة. إن الوحدة الحقيقية للحزب كامنة في وعي الرفاق لدوره في قيادة الجبهة والجماهير العربية والقوى الدمقراطية اليهودية.

 

إننا نتمنى لكل قياداتنا التاريخية، لمن بقي منهم على قيد الحياة العمر المديد والصحة والعافية والعطاء المستمر لمن يمكنه ذلك في مصلحة وحدة الحزب والجبهة.

(كابول)

فتحي هيبي*
الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع