آفة القتل وقتل الثقافة



والثقافه في هذا الصدد هي التربيه والحفاظ على  النظام والقانون والنظافة والامان والقتل هنا هو مجموع اعمال العنف والشغب وعدم الالتزام بالنظام وثلويث الجو والشوارع والخروقات كافة في مجال السير والبناء وما الى ذلك.

 

ما آلت اليه الاوضاع في ام الفحم تقض مضاجع كل حريص على مصلحة ام الفحم وسكانها، ولكن لماذا وصلنا الى هذا الدرك الاسفل؟ هل اسبابنا موضوعيه فقط ام هناك اسباب ذاتية ترتبط بشكل عضوي وسلوك بلدية ام الفحم في هذا المضمار.

 

قبل عدة ايام طالعتنا جميع الصحف الاسبوعية ان بلدية ام الفحم  حصلت على "نجم الحكم المحلي".
لا افهم حتى الآن ما هذه المرتبة او المنصب او الجائزة  ولكني ادرك ان ادارة بلدية ام الفحم حصلت على علامة ممتازة في ادارة شؤون ام الفحم. اذا حاولنا ان نغض الطرف عن سياسة التمييز والقهر القومي التي تمارس ضد جميع السلطات المحليه العربيه في البلاد وبضمنها ام الفحم وفي نفس الوقت نرى الفروق الشاسعه في ميزانيات البلدات اليهوديه والبلدات العربيه وخاصة في مجال البنى التحتية والابنيه العامه والتعليم والتصنيع فاننا لا نستطيع ذلك، فتبقى الفروق صارخة وواضحة معلنة عن تعامل فاضح تجاه قرانا ومدننا من قبل المؤسسة الحاكمة.  ولكن كيف اصبحت ادارة بلدية ام الفحم نجما اداريا؟

 

المتجول في شوارع ام الفحم يحس على جميع وبواسطة جميع احاسيسه ما يحدث في هذه البلد المهمل  حكوميا بشكل واضح جدا وبلديا  في مجالات معينة والحق يقال بنجاح في مجالات اخرى وما دمنا بصدد توزيع الجوائز فلا اريد هنا الاطراء على محاسن ونجاحات البلدية انما التركيز اكثر على الاخفاقات لأنها عديدة وتحتاج الى وقفة ذات نظرة شمولية . لا يستطيع أي شخص ان يقارن ام الفحم اليوم مع ما كانت عليه قبل عشرين عاما فمنذ ذلك الحين تضاعف عدد السكان واختلفت الحاجات والاحتياجات. فقبل اربعين عاما احتفل الناس بالتيار الكهربائي، وقبل ثلاثين عاما بالهاتف وقبل عشرين عاما بالشوارع و المجاري، اما اليوم  فان المتطلبات كثيرة ومتنوعة ففي حين كان في  حي كامل مثل الاغبارية جهاز تلفون ارضي واحد فاليوم لكل بيت اب تلفون ارضي وانترنت وتلفونات نقاله بعدد افراد العائلة. واذا كانت حرب بلديات ام الفحم السابقه من اجل شبكة الكهرباء والمجاري والمدارس والتخلص من الغرف المستأجةه فان اليوم المطلب على هذا المستوى هو شوارع عصرية وشبكة مجاري لا تنفجر كل شتاء ومختبرات مدرسية وغرف حاسوب ونوادٍ شبابيه وفعاليات لا منهجيه متعدده.
فهنالك حاجه لتفعيل دورات تثقيفية ولا منهجية للطلاب بعد ان اصبحوا يقضون معظم فراغهم امام شاشات الكمبيوتر او في مقاهي اللا توقف والأراجيل.
ما هو عدد حصص التربية البدنية في المدارس للبنين والبنات؟ وما هي عدد حصص الموسيقى والتمثيل  والفنون الشعبية على انواعها وفروعها؟؟
تساهم هذه المواضيع مساهمة هامة وفعالة في صقل شخصية الطالب  وجعله يشعر بحب الحياة وهذا ما يجمع عليه جميع مختصي التربية في العالم.
وما زلنا نتحدث عن التربية لا بد لنا هنا ان نؤكد بأن حالة التسيب والفوضى العارمة التي تسود الشارع الفحماوي  تربويا واخلاقيا وثقافيا هي وليدة هذه الاوضاع. فعلى الرغم من كون المجتمع الفحماوي مجتمعا متجانسا من الناحية الطائفية والدينية وكلنا نؤمن بالله واليوم الآخر ومعظمنا يؤدي الفروض الدينيه جميعها وبعضنا يختصرها وهذا امر شخصي الا اننا نمتاز بالتفاهم والتقارب عندما نريد والخصومة والعداء ايضا عندما نريد.
على البلديه المساهمة اكثر في ارساء اركان المحبه والامان بين الناس واركان الاسلام لا تكتمل دون ذلك وعليها وبمساعدة كل الغيورين والمسؤولين ان تعمل على راحة الناس النفسيه والجسديه وتمنع الازعاج عبر مكبرات الصوت لبيع كل شيء و منع اطلاق  العنان للافراح  دون مراعاة راحة العمال والطلاب والمرضى والاطفال.
كل هذا بيد البلديه ولا احد يستطيع منعها من تطبيق هذه القوانين سوى بعض الحسابات ضيقة الافق وقصيره الرؤيه. اما الامور الاخرى  فهناك مؤسسات حكوميه يمكن اجبارها على تولي مسؤوليتها بشكل جدي وبمنتهى المسؤوليه والاحترام.

 

اما على  صعيد البناء والشوارع  فتساهم البلدبه مساهمه سلبيه كبيره في تكريس الاحتقان لاجيال قادمه. فعلى سبيل المثال..الشارع الرئيسي فلقد سمحت البلديه وهي الان غير قادره على تغيير الوضع لمعظم اصحاب المحلات التجاريه ببناء  اضافات امام مصالحهم او على الاقل فانهم يستطيعون عرض مبيعاتهم حتى طرف الشارع .
الشيء الذي يساهم في ازمة السير الخانقة لعدم وجود مواقف للسيارات. ولذلك يصبح ان تعبر الشارع الرئيسي مساء معضلة وتحتاج الى ساعة كاملة احيانا لانهاء هذه المهمة ناهيك عن انك لا تستطيع احيانا ان تقضي حاجتك في البنك او في البريد مثلا. اما عن اوضاع الشوارع في داخل  البلد فحدث ولا حرج فهنالك شوارع يكفي ان يضع احدهم سيارته في موقع معين منه فهذا يكفي لنشوء مناوشات ومشادات كلامية بين السائقين والامثلة على ذلك كثيره ولا حاجه لذكرها  هنا الا انه من الضروري العمل وبالتنسيق مع لجنة الهندسة البلدية ومع الاهالي من اجل انهاء تلك الازمات وايجاد الحلول المناسبة لوضع حد لهذه المعاناة.

 

في مجال الشيكونات هنالك حاجة ماسه الى اقامة لجنة شعبية وليس لجنة حي فقط من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه لصالح الازواج الشابة ولصالح الناس المحتاجه فعلا ومراقبة ما تقوم به الشركة الاقتصادية من مشاريع وخاصة مراقبة جودة البناء ومواعيد انهاء المشاريع كما يجب لانه ما يحدث الان هو بمثابة فشل ذريع لهذه المؤسسة.
فالقطع توزع اليوم ليس للمحتاجين انما للقادرين والمتمكنين. واصحاب الاولويه الذين يتمكنون من الحصول على قطع الاراضي  هم ليسوا  اصحاب الاولويه  على الورق. و اصحاب الاولويه الفعليون هم الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون تجنيد الكفالات البنكيه ولا الالتفاف على القوانين.

 

اخيرا بودي التطرق الى موضوع النظافة العامة في البلد وضواحي البلد. الامر هنا في غاية الفلتان فجوانب البلد تعج بمخلفات البناء وفضلات الولائم والعزائم والساحات العامه تملؤها المهملات والمناشير والاعلانات وبجانب المقاهي والاسواق هنالك اطنان من المهملات والفضلات ناهيك عن الحشرات  والجرذان وغيرها من افات وامراض .
كلنا نؤمن بان النظافه من الايمان ولكن لماذا لا نحافظ على نظافة شوارعنا وازقتنا ومدارسنا وباقي مرافقنا. وبودي ان اؤكد ان النظافة هي قضية تربوية من الدرجه الاولى وليست فقط قضية قانونية يخالف عليها الجاني كما يحدث بأن نحتفظ بعلبة السجائر الفارغة من تل ابيب لنلقيها بشوارع ام الفحم.

 

ان مسؤولية فتح النوادي وتفعيل المرافق التربويه والاستثمار في ابنائنا وبناتنا "وليس فقط  الاستثمار في الاراضي والعقارات" وحل ازمة السير في البلد والحفاظ على النظام والنظافة هو على عاتق البلدية وادارتها وهذا سيساهم مساهمة حاسمة في ازدهار بلدنا وزيادة الامان العام والشخصي وبسط النظام والنظافة التي ستعود جميعها بالفائدة على ام الفحم كافة.

(ام الفحم)

محمد محمود حصري *
الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع