المشاكل البيئية بين قصور السلطة المحلية وتقصير المواطنين



مدير مركز البيئة في سخنين حسين طربيه يردّ على تذمّرات بعض المواطنين ويؤكد: الحل بالتعاون بين السلطة والمواطن وعلى المواطن ان يبدأ بنفسه للمحافظة على النظافة

الاهتمام بالبيئة سمة عصرية ونهج تربوي متعدد الجوانب ينعكس على الحياة الاجتماعية بأشكالها الايجابية من خلال رؤية تتطلب عناية خاصة وقواعد بيئية ثابتة تلقي ضلالها على المواطن من خلال  بيئة جميله نقية صحية. خاصة وان الغازات والإشعاعات وفضلات محطات الوقود ونفايات المصانع وغير هذا من تلويث بيئي ظاهر وغير ظاهر وما يخلفه من مكارة وروائح وسموم تهدد حياة الناس.

 

في سخنين أقيم سنة 1992 مركز اتحاد مدن جودة البيئة ويضم بالإضافة لهذه المدينة كلا من: عرابة، دير حنا، عيلبون، وكوكب أبو الهيجا. وهو عبارة عن وحدة مستقلة تشبه هيكلتها مبنى السلطة البلدية والرؤساء في البلدات المذكورة يشكلون إدارة هذا الاتحاد. ويرأسه الأستاذ حسين طربية الحاصل على الماجستير من التخنيون في علم البيئة بالإضافة لكونه على أعتاب نيل الدكتوراه في الموضوع نفسه.
لكن في الطريق إلى مركز اتحاد مدن جودة البيئة تفاجئ بمنطقة غير بيئية بل أكثر من ذلك بناية المركز نفسه تقع بجانب مجمع لتصريف مياه المجاري وكان لنا الحوار التالي مع مدير المركز حسين طربيه:

الاتحاد: كيف يتلاءم هذا مع هذا؟


ان إقامة مجمع لتصريف المجاري في هذا الموقع كان خطأ لكن استطعنا التخفيف من أضراره ومعالجة تلك المياه وتحويلها لري حوالي 500 دونما من الشجيرات وهكذا السكان يستفيدون والبلدية توفر مصاريف نقلها الى محطة كرمئيل.

الاتحاد: البيئة من طبيعتي والنظافة من الإيمان ماذا تعني لكم؟


ـ تربيه، إرشاد، نهج راق، مسؤولية، وعي، هما كيان، تبنى على أسسه الكثير من الترتيبات والمفاهيم البيئية التي تؤثر بأشكالها المختلفة على حياة الناس.

الاتحاد: هل المواطن تهتمه المحافظة على البيئة؟


لا ليس كثيرا.

الاتحاد: رتب لي من فضلك بعض مهامكم؟


الضجيج  تلوث الهواء الإشعاعات حفظ الطاقة، المياه الجوفية نفايات الورشات، معالجة الإطارات ومخلفات الملاحم وعشرات المهام الأخرى.وعلى الصعيد النظري نقوم بورشات عمل بيئية ودورات للمعلمين والطلاب والممرضات ونجري الأبحاث ونستقبل الوفود من الخارج ولنا علاقات بيئية مع الاتحاد أوروبي وفلسطين والأردن وكثير من المهتمين في المجال البيئي.

الاتحاد: ترجم لي عمل عيني لمسه المواطن في سخنين مثلا ؟


مثلا بعد المعالجة للعديد من أماكن رمي النفايات ـ أي المزابل تحولت الى منتزهات .

الاتحاد: عفوا.. هل البيئة الطبيعية من اختصاصاتكم؟


لا، لكن نعيرها الكثير من الاهتمام ففي الأمكنة التابعة لمركز الاتحاد، الكثير من المباني والمواقع القديمة والأثرية، وهي بحاجة الى عناية واهتمام المسؤولين. ولا تنس ان قسم الصحة وجمع النفايات والخردة المنزلية هي من اختصاصيات المجالس.

الاتحاد:  في بعض الأمكنة التابعة لمركزكم لاحظنا على جوانب بعض الطرقات الفضلات. وبجانب عربات القمامة، الأوساخ !


هذه مسالة تربوية من الدرجة الأولى المواطن الاعتيادي المسؤول المباشر عنها وهذا الموضوع يجب ان يوضع على أجندة السلطات البلدية وفي المناهج المدرسية. يجب ان ننطلق من البيوت في تربية صحيحة. الشوارع ليست مزابل والفضلات مكانها عربة القمامة. وبصراحة موضوع النظافة والاهتمام الصحيح في البيئة في بلداتنا العربية يزعجني في وقت تنقصنا المتنزهات والحدائق والشوارع تكاد تكون معدومة من الأشجار والورود كل هذا وغيره ينعكس سلبا على حياة المواطن.

الاتحاد: ماذا تنصح؟


سأترك مهام السلطة المحلية وأريد ان ألفت النظر لتلك الجبال والهضاب والأدوية... وعيون الماء.. فبلادنا جميلة خلابة.. لكن نحن بحاجة الى المواطن العربي الذي يشعر أكثر بأكثر بانتمائه الى بلده الى السهول والجبال الى أشجار الزيتون ينتمي الى كل حبة تراب في أرضه يحافظ عليها وعلى بيئة  صحية، جميله، نظيفة، خلابة، تبعث على الهدوء والطمأنينة.

 

* المواطنون يشتكون


ولكن، من الناحية الأخرى فجيران هذا المركز يقولون غير ذلك.
وقد كان لنا اللقاء التالي مع السيد محمد علي شلاعطة في مزرعة بجوار المركز.

الاتحاد: لماذا هذه النفايات على جانب الطريق الى مزرعتكم؟!


اسأل البلدية.

الاتحاد: مدير المركز يقول ان المواطن لا يراعي شعور النظافة العامة.

صحيح، عربات القمامة لا يجري معالجتها من قبل البلدية والمواطن يريد ان يتخلص من الفضوليات..

الاتحاد: جاركم مدير المركز يقول ان  أماكن تجميع النفايات حولوها الى منتزهات.


بالعكس المنتزهات تحولت الى مزابل.

الاتحاد: هل كان في سخنين منتزهات قبل قيام مركز البيئة؟


هذه المنطقة (المقصود حيث يقع مركز البيئة) كانت جميلة جدا لاحظ  بركة  المجاري. انظر هذه مزبلة. وهناك محطة لعبوات الغاز الفارغة يتم أحيانا تفريغ بقايا الغاز منها!

 

توجهنا الى بيت السيد عبد الله سواعد الذي لا يبعد عن مركز البيئة أكثر من عشرات الأمتار. ارض الموقع يطلق عليها اسم أبو غزالة وبرأي سواعد يجب تغير اسمها الى  "أبو حمارة" بسب رمي بقايا مواد البناء بالقرب من بيته فأصبحت مع الأيام مزبلة تنبعث منها الروائح الكريهة وتزحف نحو بيوتهم الزواحف والفئران عدا الحشرات والبعوض ودخان الإطارات المشتعلة.

سألنا سواعد: لماذا لا ترفعون شكوى للبلدية بان المواطنين يرمون نفايات بيوتهم في مكان غير معد لذلك؟ فقال: انا بنفسي ذهبت لمدير قسم الصحة جاد خلايلة فأرسل معي مندوبا لكن المشكلة ما زالت قائمة.

 

اما المواطن عمر نواف قبسي فقال: عندما بينت بيتي كانت المنطقة في غاية الجمال والآن ليست أكثر من مزبلة وأضاف بان زوجته المصابة  بمرض الأزمة عانت الويلات من روائح الإطارات المشتعلة وذات مرة كان الدخان الأسود يملأ المنطقة فاشتد المرض عليها فقام بنقلها الى المستشفى وتوفيت هناك.
وحين سألناه: تقصد ان المرحومة توفيت بسبب استنشاقها لدخان الاطارات المشتعلة؟ أجاب بـ"نعم". لكننا لم نواصل الحديث مع السيد قبسي هل تقدم بشكوى ام لا منعا للإحراج بهذه الظروف وتابعت ومرافقي السير في اتجاه مسار "للتنزه"! يربط بين مركز البيئة ومجمع معالجة ونقل النفايات المشترك بين سخنين وعرابة فتناول الحديث بعض المتواجدين في المكان ومنهم المراقب في بلدية عرابة محمد بطاطا فقال: "أنا على اطلاع بمشاكل المجالس والبلديات. أي سلطة تريد القيام بواجباتها لكن هناك بعض العقبات المالية في بلدية سخنين وعلى المواطن ان يأخذ دوره في حل هذه المشكلة فبدون التعاون بين السلطة والمواطن من الصعب حل مشكلة النظافة بشكل خاص والبيئة بشكل عام".

 

* تعقيب طربيه


عُدنا الى مدير مركز اتحاد مدن جودة البيئة (حوض البطوف)  حسين طربيه عما يتذمر منه السكان فأجاب:
"إن وضع النظافة بحاجة الى معالجة في مجمل السلطات المحلية. أما بالنسبة لسخنين فالمقاول، وبسب الأزمة المالية وعدم تلقيه المستحقات لا يقوم في المدة الأخيرة بنقل النفايات فأخذ المواطنون يلقون بها هنا وهناك.
"أما بالنسبة لمنطقة ابو غزالة القريبة فنحن منذ ثلاث سنوات تعاقدنا مع مقاول واخذ بطحن مخلفات البناء وما إليها. لكن الكثير من المواطنين الذين تسببوا في هذه المشكلة لا يتعاونون مع البلدية  في هذا المجال مع العلم ان معالجة كل طن يكلف البلدية ما يقارب 300 شاقل. ولا تنس ان بعض المواطنين لهم موقف من البلدية فيضخمون الأمر. أما بالنسبة لمُجمّع مياه المجاري هناك تخطيط لنقل المنشأة من هذا المكان.. وخلص السيد طربيه للقول: الوضع البيئي في العالم سيء وفي إسرائيل أسوأ وأسوأ وفي القرى العربية موجودة في هذه البلاد والحل يجب أن يكون بالتعاون بين السلطة والمواطن وعلى المواطن ان يبدأ بنفسه للمحافظ على النظافة وبيئة سليمة.

تقرير: مفيد مهنا *
الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع