الناصرة تودّع المربي غصوب جرجورة



* الراحل أدار مركز الأحداث الأرثوذكسي، وعاد إليه قبل شهور، ليعيده إلى تاريخه العريق حاضن المئات من جميع أبناء المدينة ليحوله إلى ورشة شبابية ضخمة * د. عزمي حكيم: ما يعزينا أنك اخترت الغياب وأنت في عز عطائك *


الناصرة – لمراسل خاص - ودعت الناصرة لأجواء الحزن والألم، المربي الإنسان، غصوب نعيم جرجورة (أبو النعيم)، مدير مركز الأحداث الأرثوذكسي (نادي الروم) في الناصرة، الذي رحل فجأة إثر إصابته بنوبة قلبية حادة، خلال عمله في النادي، وهو بين أعضاء النادي ومرشديه، وهو في الخمسين من عمره.
ونقل أبو النعيم بحالة حرجة جدا بسيارة الإسعاف إلى مستشفى العائلة المقدسة، حيث لم تنجح الجهود الطبية المكثفة في إنقاذه، وقد فارق الحياة، تاركا رفيقة حياته ليلي وأولاده نعيم وهبة وهلا، ووالدته، وجمهور واسع من أصدقائه ومحبيه، وما هي إلا دقائق حتى امتلأت ساحة المستشفى، بهم.

 

لقد عُرف أبو النعيم بدماثة خلقه وطيبته، فهو صاحب الوجه البشوش، المحب والمخلص لمجتمعه، هكذا كان خلال مزاولته التعليم، وهكذا كان حين أدار النادي.

 

 

وقد نعى مجلس الطائفة الأرثوذكسية، والهيئة التمثيلية للطائفة، المربي غصوب جرجورة، خاصة وأنه عضو هيئة سابق، وقبل بضعة أشهر باشر عمله في إدارة النادي، بتوجه من مجلس الطائفة.

 

ولكن أبو النعيم لم يفاجئ أحدا، حين شهد النادي خلال بضعة أسابيع فورة هائلة بالنشاط والعضوية، وتضاعف عدد أعضاء النادي أربع مرات، وتحول إلى ورشة شبابية ضخمة، تجمع أبناء المدينة من كافة أحيائها، لأن من اختار المربي غصوب لهذه المهمة عرف بالضبط قدراته الخارقة، ولكن هذه القدرات لم تعتمد على قدرة التنظيم وحدها، بل كان يوجهها قلب كبير محب.
وحتى الدقائق الأخيرة كان أبو النعيم في مكتبه في النادي، يشرف على النشاط اليومي ويعد لمهرجان "أول أيار الرياضي"، الذي اشتهر به النادي على مر سنوات، وغاب قسرا عن النادي في السنوات الأخيرة.

 

هذا وشارك في الجنازة حشود كبيرة جدا من جميع أبناء الناصرة، ومن بينهم رئيس البلدية المهندس رامز جرايسي ونائبه علي سلام، ورئيس مجلس الطائفة المربي خليل عليمي، ورئيس الهيئة التمثيلية الدكتور عزمي حكيم، وأعضاء في المجلس والهيئة.
وبعد مراسيم الجنازة، ألقى الدكتور حكيم، كلمة وداع أخير مؤثرة، أبكت سامعيها، خاصة وان لقائهما اليومي كان يبدأ على قهوة الصباح، إذ بدأها قائلا: "لولا الحياء لكنت هاتفت أبا النعيم هذا الصباح معاتبا: لماذا تأخرت عن المجيء إلينا لاحتساء قهوة الصباح؟".
وجاء في الكلمة، "ما اقرب المسافة بيننا الآن وما أبعدها، أنت تنام رغم كونك دائم الأرق، ونحن من حولك تأخذنا في أسوأ كابوس. لكن ما يعزينا أنك اخترت الغياب وأنت في عز عطائك، بين اولادك ومحبيك في النادي، فنزلت إلى يديّ محتضنا إياك، وأنت تقول مازحًا: "هاي المرّة شكلها جد"، فحاولت في اللحظات المتبقية أن أطمئنك بأنك ستخرج منها سالما معافى كما في المرات السابقة، واعترف أنني خذلتك.
وتابع حكيم في كلمته، "كما عهدناك، ستكون معنا في مهرجان أول أيار في النادي، كيف لا وأنت الذي قمت بالتحضير له منذ شهور، وسنقوم بتنفيذ رغبتك في تكريم كل من سبقوك في ادارة النادي مركز الأحداث، وستقوم أنت غصوب جرجورة دون أن تقصد هذه المرّة، بتكريم غصوب جرجورة، وستسمي مهرجان أيار الأول بعد غياب طويل قسري، على اسمك وبخط يدك.
واختتم حكيم كلمته قائلا، "غصوب جرجورة، كل عام وأنت بخير، نم قرير العين، مرتاح البال، وردة على صدرك، ووردة على صدرنا، إلى أن نلتقي على قهوة الصباح.

الأثنين 21/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع