مرثيّةٌ لحيفا الملوَّنة



نعيد نشر القصيدة، في الذكرى الستين لسقوط حيفا الذي يصادف اليوم الثلاثاء -22 نيسان

أراكُمْ في الأبيضِ والأسودْ
يحملكُمُ البحرُ إلى الشتاتْ
أراكُمْ عندَ ميناءِ حيفا
في ثيابِ الملامحِ الشرقيَّهْ
أراكُمْ في الصورِ العتيقةْ.

 

هل كانَ البحرُ أزرقْ؟
جميلاً كلوحةٍ زيتيّةْ؟
هل تركتمُ
البحرَ يغرقْ،
ورحلتُمْ؟
أم أردتُمْ
مِنَ الجَمالِ عطلةً صيفيَّهْ؟

 

أراكُمْ في الأبيضِ والأسودْ
في ثيابِ الملامحِ الشرقيَّهْ
امرأةٌ في يدِ طفلٍ
يمشي بها إلى المخيَّمْ
رَجلٌ في يدِ عربَةْ
تمشي به إلى المخيَّمْ
قطّةٌ على السفينهْ
تمشي بها إلى المخيَّمْ
ولوزٌ وسكّرٌ وجوزْ
رمّانٌ وخوخٌ وموزْ،
ها هي السفينةُ
تُقْلِع إلى الصورِ العتيقةْ
إلى زمنٍ لا رجعةَ إليهْ.

 

أراكُمْ في الصورِ العتيقةْ
أراكُمْ بخيرْ..
لا أراكُمُ الله مكروهًا،
الله..
يا خالقَ اللونين في الذاكرةْ
أبيضٌ وأسودْ
هي ذاكرتُنا
أبيضٌ وأسودْ
طحينٌ وخُبزْ
أبيضٌ وأسودْ
نهارٌ وعملْ
أبيضٌ وأسودْ
ألوانُ مِزاجِنا الشرقيّْ
أبيضٌ وأسودْ
صورةُ جدَّتي الباقيةْ
على رفٍّ في الغرفةِ الجبليَّةْ
أبيضٌ وأسودْ
ليلي ويومي
وأنا أبحثُ عن سرِّ السمكْ
ليلاً فيومًا
لماذا لم يرحلِ السمكْ؟
هل كانَ بحرهُ أسودٌ كبحرِكُم في الصوَرْ؟

 

حيفا، وجبةُ الأسماكِ اللذيذةْ
ضجّةُ السوقِ بعدَ الصلاةْ
رائحةُ الصيدِ في ليلةِ العيدِ
حيفا، وجبةُ الأسماكِ اللذيذةْ.

 


أراهُم في الأبيضِ والأسودْ
يحمِلونَ القادمينَ الجُددْ
إلى شققٍ جبليَّةْ
وشقٌّ في الذاكرةِ
تملأهُ الألوانُ الوحشيَّةْ
أزرقٌ وأخضرٌ وسماويّْ
أزرقٌ وأخضرٌ وكحليّْ
أزرقٌ وأخضرٌ وورديّْ
وردٌ ملوَّنٌ للدولةِ الجديدةْ
وسماءٌ مُكحَّلةٌ بالدخانْ.

 

صوتُ القاذفاتِ عالٍ
والأزرقُ باقٍ هنا
لم يرحلْ معكمْ
والأخضرُ باقٍ هنا
لم يرحلْ معكمْ
لم ترحلْ ذاكرتي إليكمْ يومًا
ولم تعدْ حيفا كحيفا
ذاتَ لونينِ في الصوَرْ
لو تعرفونْ
حيفا أصبحتْ ملوَّنةْ
جميلةٌ في الصورِ الملوَّنةْ
لو تعرفونْ
تبحثُ عن الأملِ
في خطّ الأفقْ.
لو تعرفونْ؟

 

أراهُمْ وأراكُمْ
في الأبيضِ والأسودْ
يحملكُمُ البحرُ إلى الشتاتْ
يحملهُمُ البحرُ من الجهاتْ
وأسألْ:
هل كانَ البحرُ أزرقْ؟

سليم أبو جبل
الثلاثاء 22/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع